وهو الرقم المسجل في الذاكرة الحية للأمريكان جراء حرب فيتنام في حين لا يزال عدد المصابين في حالة ارتفاع ليتعدى عتبة المليون وهو ثلث المصابين في العالم. وتمثل مدينة نيو يورك المركز الأساسي للإصابات بأكثر من 300 ألف حالة و 23 ألف قتيل. ويرتفع العدد الجملي للقتلى بحوالي 2000 حالة يوميا و لا يظهر الوضع أي تحسن في الأيام القادمة.
في نفس الوقت الذي تتخبط فيه الولايات في تفشي الوضع الصحي لم تلتزم جميعها بنفس الإجراءات الصحية. فطلبا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يرغب، بالرغم من خطورة الفيروس، في استئناف الإنتاج في مختلف المؤسسات الصناعية على حساب صحة المواطنين أقدمت 16 ولاية على رفع حالة الحضر الصحي و طالبت المواطنين باستئناف أشغالهم معرضة الناس إلى مخاطر العدوى مع العلم أن المستشفيات الأمريكية العمومية والخاصة أصبحت غير قادرة على استقبال أي مصاب.
السود والأقليات أكبر الضحايا
وأظهرت الإحصائيات أن السود وباقي الأقليات هي في طليعة الضحايا من كوفيد – 19. وقد سجلت أرقام قياسية في الضواحي الفقيرة التي يسكنها السود في نيو يورك وشيكاغو ونيو أورليانز وفي باقي المدن الكبرى التي تسجل كثافة سكانية من المكسيكيين و اللاتينيين وفي مراكز عزل السكان الهنود الأصليين. ووصلت نسبة الوفيات إلى 60% في بعض الأحياء الفقيرة التي لم يتمكن المرضى فيها من تلقي العلاج بسبب عدم قدرتهم على تمويل دخولهم للمستشفى.
وأظهرت الصحف وشاشات التلفزيون صورا مريعة لمقابر جماعية في مدينة نيو يورك يتم دفن المصابين فيها. ويتم نقل المصابين من المستشفيات بالحافلات الثقيلة إلى مراكز التجميع المثلجة التابعة لمجمع أسواق الغلال و اللحوم في انتظار دفنهم. وهي مشاهد لحالات استثنائية تشبه حالات الحرب لم يتعود عليها الأمريكيون.
27 مليون عاطل على العمل
تسببت أزمة كورونا في تسريح أكثر من 27 مليون عامل، بحكم الحضر الصحي، وجدوا أنفسهم بدون شغل و بدون قدرة شرائية. وهو عدد يساوي 13% من عدد الجملي للعمال. و تحاول السلطات في مختلف الولايات تقديم المساعدات اليومية (أكل و ماء و أدوية) في طوابير في جل المدن الأمريكية مذكرة بطوابير أزمة 1929 الشهيرة التي قضت على النسيج الاقتصادي الأمريكي. هذا العدد يقضي على مواطن الشغل التي تم بعثها خلال عشر سنوات أي في عهد الرئيس باراك أوباما و في الولاية الأولى من رئاسة ترامب.
و تقهقر مؤشر وول ستريت للأعمال المالية بصورة تاريخية بعد هبوط سعر النفط و إعلان إفلاس عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية و تقلص نسب الاستثمار مع غلق المصانع مما أنتج نوعا من الخلل في النسيج الاقتصادي. من ذلك أن أعلنت كبار المتاجر عن نقص فادح في الأغذية وفي طليعتها اللحوم والدواجن. ولا يعرف كيف يمكن للإدارة الأمريكية، التي أشهرت الحرب الاقتصادية على الصين والمكسيك وكندا والإتحاد الأوروبي وفرضت عليها مراسيم جمركية إضافية، أن تستورد مواد غذائية كافية مع غلق الحدود البحرية والجوية في العالم.
ترامب من فضيحة إلى أخرى
بعد فضيحة «مواد التنظيف» التي أوصى بها الرئيس ترامب لمقاومة فيروس كورونا، و دخوله في معركة لسانية مع الصين مطالبا بكين بتعويضات مالية بسبب فيروس كورونا، نشرت صحيفة واشنطن بوسط خبرا مفاده أن مسولون حاليون و سابقون في الإدارة الأمريكية أكدوا على أن وكالات المخابرات المريكية قد قدمت بانتظام في جانفي و أفريل 2020 تقارير مسترسلة وصل عددها إلى 12 تم تقديمها يوميا للرئيس ترامب تشير إلى خطر انتشار وباء كورونا. وهي تقارير خاصة تعتبر سرية و محمية يتلقاها الرئيس الأمريكي يوميا في خصص الوضع الدولي والمخاطر الإستراتيجية المحتملة.
و بعد أن وقفت الوكالات على التطورات الخطيرة للفيروس التي يمكن أن تمس التراب الأمريكي أعلنت بصفة رسمية و متكررة الرئيس و الإدارة بذلك. في نفس الوقت ولمدة شهرين كان دونالد ترامب يقلص من خطر الفيروس و يرفض اتخاذ إجراءات وقائية لحماية المواطنين. بل هاجم الصين و لا يزال في مؤتمرات صحفية يومية احتكر فيها نسب المشاهدة قبل اندلاع فضيحة «مواد التنظيف». وتعالت أصوات بعض الولاة منبهة بإمكانية «إفلاس» بعض الولايات التي لم تعد قادرة على احتواء الأزمة مالية مطالبة الكونغرس بالتدخل العاجل.
للتذكير خصص الكونغرس الأمريكي مبلغ 2،2 ألف مليار دولار كدفعة أولى للإدارة الأمريكية لمقاومة الوضع الصحي والاقتصادي وأضاف 500 مليار دولار الأسبوع الماضي لمساعدة العاطلين على العمل والمؤسسات الصغرى. وهي مبالغ مالية خيالية صرفت جميعها و لا تزال الأزمة مستفحلة. وهو ما جعل بعض المحللين في وول ستريت ينبهون من أزمة اقتصادية خانقة للاقتصاد الأمريكي الذي لن يكون قادرا في نظام العولمة على الصمود بسرعة أمام رجوع الاقتصاد الصيني بقوة بعد تعافي البلاد من الوباء.