عن المكلف الحالي السيد عدنان الزرفي وان هذا القرار جاء بالاتفاق مع سائرون والنصر الداعمان الرئيسيان للأخير.
إن صحت المعلومة فإن هذه الأحزاب خلقت من حيث لا تدري مشكلة كبيرة لمرشحها البديل عن الزرفي تتمثل في إن ذلك سوف يوحي بأن القرار السياسي العراقي مرهون بيد إيران حيث إن رفض تكليف الزرفي جاء ابتداءا من قاآني الذي وضع فيتو ايراني على تمرير الزرفي في ذروة تصاعد المد الوطني العابر للمحددات الطائفية والقومية والدينية الذي خلقته انتفاضة تشرين ، ما سينعكس على تكليف مصطفى الكاظمي الذي سيحسب - وهذا غير صحيح لمعرفتي الشخصية به-بأنه مرشح إيران وأصدقاء إيران في العراق.
وثمة مشكلة أخرى ستساهم في تضخيم ردود الفعل الشعبية المناوئة للسيد مصطفى الكاظمي تتمثل في جمهور عدنان الزرفي الذي استطاع الأخير خلقه من خلال خطابه المتسق مع مطالب المتظاهرين وخاصة اصراره على كشف قتلة المتظاهرين والانتخابات المبكرة وإعلاء المصلحة العراقية على مصالح الدول الأخرى، وحصر السلاح بيد الدولة، هذا الجمهور سيرى في أي مكلف بديل عن عدنان الزرفي وكأنه نقيض لكل ما يمثل أهداف وبرنامج الزرفي بصرف النظر عن إمكانية الأخير على تحقيقه.
يبقى أن نشير إلى أن القوى التي ترشح مصطفى الكاظمي الآن سبق أن رفضت ترشيحه وهناك احتمال كبير في إنها ستعدل عن ترشيحه لاحقا لأن هدفها الحالي يتركز فقط في عدم تمرير عدنان الزرفي، ومن المرجح ان تعود لتختار شخصية ضعيفة خاضعة لإرادتها بعد اعتذار الزرفي او عدم تمرير حكومته، هذا الإحتمال وارد جدا ، فقد خبرنا وعود هذه الطبقة السياسية على مدى سبعة عشر عاما.
كما إن المكلف بتشكيل الحكومة الحالي عدنان الزرفي كان قد أكد استمراره في تشكيل الحكومة وقدم برنامجه الحكومي وطلب من رئيس مجلس النواب تحديد موعد للتصويت على حكومته، وهذا أمر غريب في نظام يدعي الديمقراطية، حيث تقوم الجهات المؤيدة للمكلف بالبحث عن بديل له مع الأطراف المعارضة له قبل تشكيل حكومته بأيام. وليس معلوما اليوم كيف سينتهي الحال مع المكلف وحكومه، وكيف يمكن تجاوز العقبات الدستورية والقانونية المتعلقة بهذا الموضوع في ظل تعطيل - ربما متعمد-للمحكمة الاتحادية؟
أمر آخر يستحق الإشارة اليه في العراق هو اللجوء إلى مقترح العفو الخاص. فالهدف من هذا القرار هو الحفاظ على أرواح السجناء والموقوفين وحمايتهم من إحتمال الإصابة بفايروس كورونا، وخاصة أولئك الذين حكموا بعقوبات جزائرية لا ترقى إلى مستوى القبول باحتمالية تعرضهم للموت، بينما أحكامهم خمس او ست او حتى عشر سنوات، بينما القرار لا يؤدي إلى هذه النتيجة، وكأن الغرض منه إعلامي أكثر منه ذو نتيجة تذكر. ويمكن إيجاز الملاحظات على القرار بما يأتي:
كان الأفضل شمول كل أرباب الجنح، دون اشتراط تنازل المشتكى، لأن المشتكي في التعاملات المالية في مواد الجنح يستطيع اللجوء إلى المحاكم المدنية لاستحصال حقه. فلا موجب لاشتراط تنازله عن العقوبة الجزائية، لأن ذلك معناه منحه الحق في تعريض حياة المشكو منه الى الموت بفايروس كورونا، بدل العقوبة الجزائية التي حكم بها عليه، ما يحتم اتخاذ القضاء إجراءات بحق المشتكى لتعسفه باستخدام القانون.
ان يكون اشتراط تنازل المشتكى عن جرائم القتل والخطف، والجرائم ذات الأحكام الكبيرة، مثل الإعدام والمؤبد لتساوي النتيجة بين الحكم المحكوم به واحتمال موت المحكوم عليه من خلال عدوى الفيروس، ويكون تنازل المشتكي في هذه الحالة، كأنه منح السجين حياة جديدة، فيكون وقعها اكبر عليه.
كان يجب أن يشار إلى المقاولين الذين اودعوا السجون نتيجة شكاوى دائنيهم بصكوك بدون رصيد او وصل أمانة او كمبيالة اعطوها لدائنيهم لضمان حقوقهم لديهم، فاشتكى هؤلاء عليهم بسبب عدم إعطاء الدولة مستحقاته المالية عن اعمالهم التي انجزوها بسبب الأزمة المالية التي مرّ بها البلد، فهم اولى بالعفو الخاص من غيرهم.
فاليوم وفي ظل ما توجهه البلاد من ازمة كورونا اعتقد انه من الضروري النظر الى موضوع العفو هذه المرة نظرة انسانية، لأسباب إنسانية لا غير مع ما يتطلبه ذلك من أهمية اعادة النظر بصيغة القانون وآليات تنفيذه.