من أهم الملفات التي تؤرق الساحة السياسية الأمريكية في هذه الآونة نظرا لما تحمله الخطوة التي اتخذها ترامب من تداعيات قريبة وبعيدة سواء على الداخل الأمريكي أو على الصعيد الدولي.
يشار الى أن أمريكا دخلت أطول فترة من الاغلاق الحكومي في تاريخها بسبب اختلاف وجهات النظر بين الكونغرس وإدارة البيت الأبيض بخصوص تمويل خطة الرئيس دونالد ترامب لتشييد جدار حدودي مع المكسيك . وكان لرفض الكونغرس الأمريكي الموافقة على التمويل أثر على الداخل الأمريكي ودخلت بموجبه الولايات المتحدة الأمريكيّة حالة من الاغلاق الحكومي فاقت الشهر وتعطلت من خلالها دواليب الدولة .
ويمثّل ملف تشييد الجدار الحدودي مع المكسيك من أبرز الوعود الإنتخابية التي قطعها الرئيس الأمريكي دونالد خلال حملته الانتخابيّة ، وأثار هذا الوعد الانتخابي آنذاك موجة من الجدل داخليا وخارجيّا كما زادت حدّة الجدل واختلاف المواقف بعد رفض الكونغرس التصويت بالموافقة على مشروع قرار قدمه دونالد ترامب لتمويل الجدار الحدودي . ولم يلق المشروع انقساما داخل الكونغرس بين الديمقراطيين والجمهوريين فحسب بل أيضا خلّف انقساما داخل الحزب الجمهوري نفسه بين مُوال لترامب ومعارض لقراراته «المتسرعة».
وباعتبار رفض الكونغرس للمشروع ودخول البلاد في نفق الإغلاق الحكومي ولحلّ الأزمة اتفقت الحكومة والكونغرس على رفع الإغلاق الحكومي والنظر في بدائل ، وباعتبار الرفض المستمر للكونغرس لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخيار الأخير وهو إعلان حالة الطوارئ التي تخوّلها له صلاحياتها كرئيس للبلاد وتمرير مشروعه دون الحاجة لموافقة الكونغرس. وتمنح الحالة بموجب «قانون الطوارئ الأمريكي الوطني لعام 1976 الرئيس صلاحيات خاصة لتنفيذ قرارات صادرة عنه بعد أن يقدم سببا محددا لقراره.»
وتصاعدت الأزمة لتصل إلى المحاكم، بعد أن أعلنت ولايات أمريكية ومنظمات وأعضاء بالكونغرس، اللجوء للقضاء لمقاضاة ترامب. يحدث هذا في وقت بدأت تطرح فيه بدائل أخرى تكلفتها أقل بكثير من المبلغ الذي يريد ترامب اعتماده من الكونغرس لبناء الجدار.
حالات سابقة وانقسامات متكررة
يشار الى أنها ليست المرّة الأولى التي يتم فيها إعلان حالة الطوارئ خلال عُهدة ترامب الرئاسية ، حين جمد أصول وممتلكات أي شخص متورط في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد.والثاني في سبتمبر 2018، حين فرض عقوبات على أشخاص ومؤسسات روسية لتدخلهم في الانتخابات الأمريكية، والثالث في نوفمبر 2018، وقرر تجميد أصول وممتلكات أشخاص متورطين في تدهور الأوضاع في نيكاراغوا.
كما تمّ خلال فترات حكم الرؤساء السابقين للولايات المتّحدة الأمريكيّة إعلان حالة الطوارئ 58 مرة منها حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عقب حدوث هجمات الـ11 من سبتمبر.
ولاقى إعلان الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ حالة من الانقسام داخليا معتبرين الخطوة التفافا على مؤسّسات الدّولة ومُحاولة لتمويل الجدار بطريقة دستورية. والتجأت بعض الأطراف إلى الطرق القانونيّة عبر رفع دعوى قضائية ، واول الجهات كانت ولايتا كاليفورنيا ونيويورك.
وقالت الديمقراطية ليتيشا جيمس النائبة العامة لولاية نيويورك: «لن نقبل انتهاك السلطة هذا، وسنقاوم بكل الأدوات القانونية التي تحت تصرفنا».ووصف جافين نوسم، حاكم كاليفورنيا المنتمي للحزب الديمقراطي، حالة الطوارئ الوطنية بأنها إجراء مصطنع.وقال نوسم : «رسالتنا للبيت الأبيض بسيطة وواضحة: كاليفورنيا تنتظرك في المحكمة».
بدورها، أعلنت لجنة برلمانية مباشرتها بتحقيق فوري حول إعلان ترامب حالة الطوارئ، وقالت إن تحركه لتمويل بناء جدار على الحدود الأمريكية المكسيكية يثير تساؤلات قانونية ودستورية.وفي رسالة تم توجيهها لترامب، طالب الديمقراطيون الذين يسيطرون على اللجنة القضائية في مجلس النواب بإتاحة مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة العدل للإدلاء بشهادات في جلسة استماع حول القرار.وطالبت اللجنة بتزويدها بالمستندات القانونية التي استند القرار المؤدي إلى إعلان حالة الطوارئ عليها، ومنحت اللجنة ترامب مهلة تنتهي يوم الجمعة المقبل لتلبية المطالب.