قالت فيها أنها أحبطت محاولة في أفريل المنقضي نفذها عملاء مخابرات روس لاختراق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وإلقاء القبض على أربعة منهم وطردهم .الاتهامات الموجهة للجانب الروسي لم تقتصر على هولندا اذ اعلنت المانيا امس رسميا ان موسكو تقف وراء هجمات إلكترونية استهدفت كبرى الشركات الدولية وأيضا مؤسسات حكومية في عدد كبير من دول العالم وهي اتهامات تضاف الى سجل الاتهامات الموجهة من الغرب تجاه الدب الروسي.
وتأتي الاتهامات التي شنّتها ألمانيا لتضاف الى سلسلة الاتهامات الأخرى التي توجهها بريطانيا وهولندا وأمريكا إلى روسيا والمتعلقة «بوقوف موسكو وراء هجمات إلكترونية كبيرة خلال الأعوام الماضية».وقال المتحدّث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت أمس الجمعة في برلين: «الحكومة الألمانية أيضا ترجح باحتمال يقرب إلى اليقين أنّ الاستخبارات العسكرية الروسية ‘’جي آر يو’’ تقف خلف حملة (إيه بي تي 28) للقرصنة الإلكترونية’’.
واستهدفت هذه الهجمات التي تحدث عنها التقرير الرسمي للحكومة الالمانية البرلمان الالماني كما ضرب ايضا شبكة البيانات الاتحادية في المانيا وهي اكبر خط تجميع معلومات في البلاد ،وألقت السلطات الهولندية -بحسب بياناتها- القبض على عملاء للاستخبارات العسكرية الروسية خلال محاولتهم قرصنة شبكة الكمبيوتر الخاصة بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. اما الاتهامات التي وجهتها إدارة البيت الأبيض للجانب الروسي فتتعلّق بهجمات إلكترونيّة قالت أمريكا أنّ موسكو شنّتها ضدّ الوكالة العالميّة لمكافحة المنشطات.
هذا الاصطفاف الجديد وحملة الاتهامات الموجهة ضد ادارة فلاديمير بوتين تعتبر وفق مراقبين موقفا غربيا من ضمن مواقفه وسياسته المعادية لروسيا منذ اندلاع الازمة الاوكرانية والتي تلاها فرض عقوبات اوروبية كبيرة على الجانب الروسي. وفتحت هذه الإتهامات الغربيّة الباب على مصراعيه أمام مواجهة لطالما كانت مؤجلة بين موسكو والغرب ، إذ يرى متابعون أنّ هذه الازمة الاخيرة اخرجت المواجهة غير المباشرة بين اوروبا وروسيا إلى نطاق الصراع العلني .
قضية الجاسوس
وتأتي هذه الاتهامات الغربية الموجهة ضد روسيا عقب اتهامات اخرى اشعلت ازمة دبلوماسية حادة بينها وبين بريطانيا وتتعلق بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها والهجوم على الجاسوس الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا.
وتوسع نطاق الازمة الدبلوماسية بين بريطانيا وروسيا لتأخذ منحى اخر بدخول عدة اطراف دولية اخرى في سياق التوتر المتزايد بين البلدين بسبب قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في لندن ،واتهام حكومة فلاديمير بوتين بالضلوع في محاولة الاغتيال . ولئن بدأت حدّة الصراع بين البلدين في التصاعد يوما بعد يوم نتيجة تمسك بريطانيا باتهاماتها وتمسك الطرف الروسي بالنّفي، فقد كان للتّضامن الغربي الدولي الكبير مع حكومة تيريزا ماي اثر كبير على مسار الخلاف بين البلدين اذ أضفى هذا الاصطفاف الأوروبي سمة اكثر شمولية لتصبح ازمة بين موسكو من جهة والغرب من جهة اخرى.
يشار الى ان ّالتوتر الاخير بين لندن وموسكو لم يقتصر على التصريحات اذ ان اولى الخطوات التي اقدمت عليها حكومة تيريزا ماي هي طرد 23 دبلوماسيا روسيا احتجاجا على مًحاولة اغتيال الجاسوس الرّوسي السابق . وهذه الخطوة قابلها ردّ مماثل من موسكو الّتي طردت بدورها 23 دبلوماسيا بريطانيا من اراضيها .ورفضت لندن التّعاون مع موسكو في تحقيق حول تسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال على الأراضي البريطانية.
وردّت روسيا الفعل داعية لندن إلى ‘’التخلص من عقدة الخوف من روسيا’’ ومرجحة وقوفها وراء ما تصفه بـ’’الهجوم الإرهابي’’.ولئن خلق هذا الاتهام البريطاني الصريح لحكومة بوتين توترا كبيرا بين الجانبين فانه خلف ايضا حملة اصطفاف كبيرة وراء لندن مقابل توجيه الاتهام الى موسكو.
وأعلنت عدة دول غربية امس طردها دبلوماسيين روس برتب مختلفة من أراضيها وأول هذه الدول كانت ألمانيا التي طردت 4 دبلوماسيين امس معللة ذلك بـ ‘’هجوم التسميم في سالزبري (بإنقلترا) «قائلة ان» روسيا ما زالت غير متعاونة فيما يتعلق بالتحقيق’’.كما طردت فرنسا 4 دبلوماسيين وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنّ الدبلوماسيين مطالبون بمغادرة البلاد في غضون أسبوع.كما حذت عدة دول غربية اخرى حذو انقلترا وطردت دبلوماسيين روس تضامنا مع بريطانيا .
ويربط مراقبون هذا التوتر الغربي الروسي الأخير بعدة ملفات اقليمية ودولية اخرى تتعارض فيها استراتيجيات موسكو مع استراتيجيات جيرانها الغربيين لعل اولها كانت الازمة الاوكرانية التي ضمّت اثرها موسكو شبه جزيرة القرم وسط معارضة اوروبية واسعة النطاق . وفتحت هذه الازمة انذاك الباب أمام أزمة دولية واسعة دخلت روسيا اثرها فيما يشبه العزلة الدولية نتيجة حزمة العقوبات الاقتصادية الحادة التي فرضت على روسيا . ومن بين القضايا الاخرى التي تتضارب فيها سياسات روسيا من جهة والغرب وعلى رأسهم امريكا من جهة اخرى هي الملف السوري والملف الكوري الشمالي المتعلق بالنووي الايراني وأيضا الاتفاق النووي المثير للجدل بين الغرب وإيران ، اذ تعدّ كل هذه الملفات المثارة محور الصراع الخفي بين الطرفين وهو الصراع الذي اخرجته قضية تسميم الجاسوس المزدوج الى العلن مجددا.