وتستمر لـ4 ايام وسط توتر دولي بخصوص وضع القدس ونية امريكا نقل سفارتها خلال شهر ماي المقبل بالإضافة الى الوضع الداخلي المربك الذي يواجهه نتنياهو ويتعلق بتهم الفساد التي تطاله وأفراد عائلته وتهدد استمراريته على راس حكومة الاحتلال .
والتقى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في وقت متأخر امس الاثنين في واشنطن الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بعد أيام قليلة على استجواب غير مسبوق لنتنياهو من قبل الشرطة بشأن إحدى قضايا الفساد والتي تهدد بإطاحته من منصبه وإجراء انتخابات مبكرة في الكيان الصهيوني .
ومن المقرر ان يشارك نتانياهو اليوم الثلاثاء في المؤتمر السنوي الذي تنظمه لجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (ايباك)، أكبر لوبي داعم للكيان الصهيوني في الولايات المتحدة في وقت تشكل فيه قضية القدس المحتلة اهم الملفات المطروحة في هذه الزيارة. كما يؤكد مراقبون انّ التصدي للنفوذ الايراني في الشرق الاوسط وسوريا على وجه الخصوص ، سيكون محور هذا اللقاء الذي سيجمع ساكن البيت الابيض بحليفه المقرب .
تخبّط وارتباك
وعن ابعاد هذه الزيارة التي يؤديها نتيناهو الى امريكا خاصة في ظل الاتهامات التي يواجهها في الداخل قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني فتحي براهمة لـ«المغرب» أنّ هذه الزيارة تأتي استكمالا للعلاقة الاستراتجية بينهما ، وتحمل مكاسب سياسية كبيرة لنتنياهو الذي يعاني ازمة سياسة كبيرة بعد الكشف عن تورطه في قضايا فساد وعدم نجاحه في اعادة العملية السياسية الى مسارها مع الفلسطينيين ، اضافة الى انها محاولة لكسب ود اللوبي اليهودي الامريكي لممارسة مزيد من الضغوط على الادارة الامريكية للإسراع في نقل السفارة الامريكية للقدس الشرقية ، وأضاف براهمة ان العلاقة الاستراتيجية بين ‘’اسرائيل’’ وأمريكا كحليفتين تستوجب بحث الكثير من القضايا لاسيما القوة الايرانية النووية والعسكرية ، في ظل وصول ايران الى العمق السوري واقترابها من الحدود الشمالية للأراضي المحتلة جميعها ملفات تحتاج الى تعزيز علاقات البلدين كدولتين حليفتين وفق تعبيره.
«مستقبل’’نتنياهو’’ مُهدّد»
وحول مدى نجاح الدعم الأمريكي لنتنياهو في تجاوز الاتهامات الداخلية التي تهدد بالإطاحة به قال محدثنا أن مصير رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ومستقبله السياسي يتوقف على مدى نزاهة القضاء الاسرائيلي خاصة حياد النائب العام الذي اوصى مكتب نتنياهو بتعيينه ، في هذا المنصب ، لكن الموجة العاتية من الانتقادات التي تعرضت لها من قبل الاحزاب والصحافة بعد اعترافه بتلقي هدايا وممارسات اخرى تعني ان الامر لن يكون نزهة او مجرد زوبعة في فنجان ، فالأمر يحتم عليه اما الاستقالة او التوجه نحو انتخابات مبكرة لتشكيل ائتلاف جديد يوفر له غطاءا سياسيا وقانونيا. وتابع الكاتب الفلسطيني ان حالة الذعر التي اصابت مؤيدي نتنياهو واتهامهم يائير لبيد بالتآمر مع الشرطة يعني ان تحالفات نتنياهو القادمة ليست سهلة المنال على حد قوله.
وبخصوص قرب تنفيذ ترامب لقرار نقل السفارة و تداعيات هذه الخطوة على عملية السلام اجاب محدُّثنا «»قرار ترامب نقل سفارة بلادة للقدس الشرقية كعاصمة موحدة لإسرائيل ليس وليد الصدفة ولم يأت من فراغ بل جاء نتاج قناعة سياسية لديه بضرورة الاقدام على هذه الخطوة منذ اعلن نيته الترشح كرئيس للبيت الابيض ،وهذا ما اكده خلال كلمته عام 2016 امام منظمة ‹›ايباك›› وتعهده بنقل السفارة وعدم السماح للأمم المتحدة بممارسة اي ضغط على اسرائيل للانسحاب من الاراضي الفلسطينية او القبول بدولة فلسطينية بحدود 1967».
وأضاف ‹›لذلك فان لقرار نقل السفارة تداعيات خطيرة وكبيرة اولهما رسم مسار جديد لمستقبل السلام مع الفلسطينيين و’’إسرائيل’’ كدولة محتلة وثانيها انكار الحقوق التاريخية والجغرافية والحقائق الراسخة لمكانة القدس في التاريخ الاسلامي والعربي ، وإعطاء ‘’اسرائيل’’ الضوء الاخضر لرسم حدود الدولة الفلسطينية حسب مصالحها الامنية والأخطر تأكيد من امريكا أنّ الامم المتحدة والعالم اجمع الذي يعترف بان احتلال القدس مخالفة للقانون الدولي لاقيمة لها لدى امريكا و’’إسرائيل ‘’.
‘’الإسناد العربي مطلوب’’
وحول المطلوب اليوم سواء من السلطات الفلسطينية او المجتمع الدولي لوقف هذا التعنت الاسرائيلي الامريكي قال محدثنا ‹›لاشك ان مواجهة القرار الامريكي بنقل السفارة يستوجب على الفلسطينيين دون غيرهم جهدا كبيرا دبلوماسيا وإعلاميا يرتكز على رفض الفكرة والقرار وتنفيذ جملة من القرارات التي في جوهرها تحديا للاستفراد الامريكي وهذا بالطبع يتطلب اسنادا عربيا ورسميا في اطار توازن مصالح دول الجوار مع امريكا وبين التزاماتها اتجاه القضية الفلسطينية خاصة وان القدس امر يخص كل العرب والمسلمين’’.
وأكد براهمة ان الاهم هو الوضع الداخلي الفلسطيني لاسيما وان المصالحة تسير ببطء من اجل تقوية الجبهة الداخلية واستمالة الشارع الفلسطيني الى جانب القيادة للتصدي للقرار الامريكي المخالف للقوانين والأعراف الدولية ويشكل تحديا للإرادة الدولية التي تعتبر القدس الشرقية اراضي فلسطينية محتلة وعاصمة لدولة فلسطين. وتابع :’’والاهم من كل ذلك هو ان يكون التحدي للمشروع الاخطر وهو صفقة القرن اذ يعتبر قرار نقل السفارة هو الفرع وليس الاصل في المشروع لأنه خطوة استباقية لفرض حلول لاتخدم إلاّ ‹›اسرائيل›› وحدها وتتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
‘’القدس’’ محور الصراع
يشار الى انّ الولايات المتحدة اكدت نيتها افتتاح سفارتها لدى ‹›إسرائيل›› في القدس المحتلة خلال شهر ماي المقبل وهو ما من شانه ارباك الوضع المتوتر بطبعه منذ اعلان الرئيس الامريكي خطوته المثيرة للجدل باعتبار القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني . ويرى متابعون ان تحديد امريكا تاريخا قريبا لنقل سفارتها هو ضرب جديد من التعنت الامريكي ضد ارادة المجتمع الدولي الرافض في اغلبه لمثل هذه الخطوة .
ولطالما مثل قرار ترامب الذي اتخذه في الـ6 من ديسمبر المنقضي تحولا في السياسة الامريكية تجاه القضية الفلسطينية الذي كان مستقرا منذ عقود طويلة . ولم يلق قرار ترامب المثير للجدل قبولا سواء من معارضي الولايات المتحدة الامريكية وأيضا من حلفائها على حد سواء وخيب آمال الفلسطينيين الذين لطالما دافعوا عن حقهم في القدس كعاصمة ابدية لفلسطين . ولئن كان قرار ترامب الاول سببا في قطيعة يبدو انها ستكون طويلة فيما يتعلق بالسلام في الشرق ،كما يرى متابعون ان تمسك امريكا بقرارها رغم المعارضة الدولية والدعوات للتراجع عن هذا القرار يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان ادارة ترامب تعتمد سياسة الكيل بمكيال واحد لا بمكيالين ، اذ تسعى ادارة الرئيس الجديد الى ارضاء طفلتها المدللة اسرائيل على حساب اصحاب الارض.
مع العلم ان خطوة ترامب في 6 ديسمبر اثارت ردود فعل عربية ودولية غاضبة كما التأمت قمة طارئة لمنظمة التّعاون الإسلامي في تركيا تم خلالها الاعتراف بدولة فلسطين ضد هذا القرار الجائر الّذي أعلنت من خلاله أمريكا «القدس» عاصمة للكيان الصهيوني.