من أجل تشكيل ائتلاف حكومي بين حزبها و حزب الوحدة المسيحية الاجتماعية والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وهو ما يفتح الباب على تشكيل حكومة قبل عيد الفصح في الربيع المقبل شريطة أن يوافق أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي على بنود الاتفاق.
الاتفاق المبرم يوم الأربعاء، بعد 20 ساعة من المفاوضات الساخنة، جاء بعد إخفاق ميركل في الإتفاق مع الحزب الليبرالي وحزب الخضر ودخولها، إثر تدخل الرئيس الألماني شتاين ماير، في مفاوضات مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المنهزم في الانتخابات، من أجل إعادة تجربة الائتلاف الحكومي الحالي. ومع تدني نفوذ وقوة المستشارة أصبح الحزب الإشتراكي تأمين حياة سياسية بالنسبة لها وضمانا لولايتها الرابعة.
اقتسام السلطة
وكرست المفاوضات تنازلات هامة من قبل المستشارة على مواقع حكومية كانت دائما من نصيب الحزب الديمقراطي المسيحي. اقتسام «السلطة» بين الأحزاب الثلاثة و الذي يتبين في توزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب الموقعة على الاتفاق إن هو يشكل فوزا لمارتن شولتز لا يغير ، في الحقيقة، من السياسات المتبعة الآن والتي يشارك فيها حزبه . و قد حرص مارتن شولتز على تمرير طلبات حزبه في خطوة لإرضاء المنخرطين الاشتراكيين الذين انتقدوه بسبب تغيير موقفه من المشاركة في الحكومة بعد هزيمته في الانتخابات. وحصل شولتز على ثلاث وزارات مهمة هي المالية و الخارجية و الشؤون الاجتماعية.
أما حزب الوحدة المسيحية الاجتماعية الذي عبر عن رغبته في تغيير الموقف من الهجرة واللجوء بعد أزمة 2015، فقد حاز وزارة الداخلية. واعتبر أن مراجعة سياسة الهجرة أمرا ضروريا بعد صعود اليمين المتطرف ودخوله البوندشتاغ بتسعين نائبا. وهو أمر ضروري لإعادة ثقة الناخب الألماني في السياسات الحكومية. وتتخلى هكذا المستشارة عن منصبي المالية والداخلية وسوف تمنح، حسب كل التقديرات، الخارجية لمارتن شولتز.
أوروبا في صدارة الاهتمامات
أول بنود الاتفاق بين الأحزاب الألمانية الثلاث أقر مبدأ «النهوض بأوروبا» وهو ما يفتح الباب أمام «ميزانية استثمار لمنطقة اليورو»، المطلب الأوروبي الذي نادى به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و مجموعة دول أوروبا الجنوبية في آخر اجتماع لهم في روما. أما مارتن شولتز فعبر عن فكرة أن الاتفاق الحاصل يضرب عرض الحائط ب «إملاء التقشف» الذي عانت منه ألمانيا وأوروبا خاصة وأن حزبه حاز وزارتي المالية والشؤون الاجتماعية وتتمكن من تمرير إصلاحات في ميادين التعليم والسكن والصحة .
الائتلاف الحكومي القادم سوف يعطي للمستشارة الألمانية دفعا جديدا لاسترجاع ما ضاع منها من نفوذ على الصعيد الأوروبي بعد فوزها بالانتخابات. و قد بدأت باسترجاع موقعها في منتدى دافوس الأخير أين انتقدت بشدة السياسات الانعزالية الأمريكية للرئيس دونالد ترامب. الملف الأوروبي يطرح بشدة مسائل إصلاح منطقة اليورو والنظام البنكي الأوروبي وتكوين دفاع أوروبي مشترك لمقاومة تحديات المستقبل وقضايا عالم متعدد الأقطاب تخترقه قوات مالية واقتصادية وعسكرية متعددة ولا تخدم مصالح أوروبا في كل الحالات. ويبدو أن المستشارة الألمانية أصبحت على وعي أن تواصل زعامتها لألمانيا يمر عبر التوصل إلى اتفاق داخلي مع الاشتراكيين وخارجي مع دول جنوب أوروبا.