مدريد ترفض استقلال كاتالونيا: ماريانو راخوي يُمهل برشلونة 5 أيّام للتّراجع قبل تعليق الحُكم الذّاتي

كما كان متوقّعا جاء خطاب الوزير الأوّل الإسباني ماريانو راخوي ، يوم الأربعاء، حازما ردّا على اعلان كارلس بوغديمون رئيس إقليم كاتالونيا ، يوم الاثنين، عن استقلال الإقليم مع تأجيل تنفيذه والدّخول في مفاوضات مع مدريد. راخوي اعتبر الاستفتاء غير قانوني و أمهل بوغديمون 5 أيّام لتوضيح موقفه من إعلان الاستقلال مهددا باتّخاذ الإجراءات القانونية لتعليق نظام الحكم الذّاتي في كاتالونيا.

تنظيم الاستفتاء حول استقلال كاتالونيا يوم الأحد 1 أكتوبر 2017 من قبل حكومة الإقليم، و بالرغم من إعلان المحكمة الدستورية عدم قانونيته، قوبل بتنديد عديد الأطراف في مدريد وفي طليعتها الملك فيليبي السادس والحكومة المركزية في مدريد. و عبرت جل الدول الأوروبية عن مساندتها لحكومة ماريانو راخوي ورفضت المفوضية الأوروبية أي مشاركة في وساطة بين الجانبين. مظاهرة يوم الأحد الماضي التي شارك فيها قرابة نصف مليون مواطن منددا بالاستفتاء أربكت موقف الاستقلاليين وشقّت صفوفهم بين راديكاليين ومعتدلين قابلين للتفاوض مع مدريد.

إعلان رئيس إقليم كاتالونيا «تقبل التفويض من أجل أن يصبح شعب كاتالونيا دولة مستقلة في شكل جمهورية» مع قرار حكومته «إيقاف تداعيات إعلان الاستقلال من أجل المشاركة في حوار في الأسابيع القادمة» أضفيا غموضا على الموقف الرسمي في كاتالونيا الذي اتسم بإقرار نتائج الاستفتاء والتخلي في نفس الوقت عن تطبيقها، مع توقيع رئيس الإقليم وثيقة في البرلمان تقر الاستقلال. تراجع بيغديمون النسبي كان سببه الضغوطات الداخلية والخارجية التي أفرزت وضعا جديدا ليس في صالح الإنفصاليين.

الحزم الذي أظهره ماريانو راخوي في رفضه للإستفتاء، والذي يرتكز على موقف الملك فيليبي 6 وقرار المحكمة الدستورية، وضع رئيس إقليم كاتالونيا بين مطرقة مدريد وسندان الانفصاليين. في خطابه أمام البرلمان عدد ماريانو راخوي تعنت حكومة كاتالونيا في المضي قدما في تنظيم استفتاء غير قانوني. وبذلك، حسب تقديره، تتعدى الحكومة على الدستور والقانون. وجب عليها إذا «توضيح إن كانت أعلنت استقلال الإقليم» في مهلة لا تتجاوز خمسة أيام. وهو إنذار واضح يهدد باستخدام البند 155 من الدستور الإسباني الّذي يسمح باسترجاع مدريد سلطات الحكومة الإقليميّة.

الشرعية الدستورية ضدّ إعلان الاستقلال
في حين اعتبر كارلس بيغديمون أنّ « كاتالونيا ربحت حقها أن تصبح دولة مستقلة و أن تحظى بالاحترام»، ردّ ماريانو راخوي بقوله إن الانعزاليين أظهروا «راديكالية ونسبة من عدم الانصياع و الشغب لا مثيل لها في تاريخ اسبانيا الحديث». ورفض في نفس الوقت فتح أي تفاوض مع برشلونة مرددا أنه «ليس هنالك وساطة ممكنة بين القانون الديمقراطي والعصيان الخارج عن القانون». رفض الاستفتاء والحوار من قبل حكومة مدريد لا يترك مجالا واسعا أمام كارلس بيغديمون.
يوم الاثنين على الساعة العاشرة صباحا هو موعد الحسم. ففي صورة أقرت حكومة كاتالونيا الاستقلال أو امتنعت عن الرد فسوف يفعل رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي البند 155 من الدستور الذي ينص على أنه « إذا لم يحترم إقليم يتمتع بالحكم الذاتي التزامات الدستور والقانون أو عمل بصورة تمس من المصلحة العامة لإسبانيا، يمكن للحكومة بعد تنبيه رئيس الإقليم ، وفي صورة عدم الحصول على رد، وبالحصول على أغلبية مطلقة من مجلس الشيوخ، أخذ التدابير اللازمة لإرغام الإقليم على احترام مسؤولياته أولضمان المصلحة العامة».

الحلم الضائع
استخدام البند 155 لأول مرة في تاريخ اسبانيا يفتح المجال على عديد الاحتمالات منها حل الحكومة الإقليمية والبرلمان في كاتالونيا واسترجاع صلاحيات السلطة المحلية و كذلك فرض حالة الطوارئ لحماية المؤسسات وغيرها من الإجراءات غير العادية التي يسمح بها نص البند 155 الغامض وغير المحدد للإجراءات الحكومية الممكنة. وهو ما تخشاه القوى الفاعلة في كاتالونيا ومن بينها زعماء في الحكومة الإقليمية. من ذلك أن صرحت نائبة رئيس كاتالونيا صورية سائنز سنتامارية، تعليقا على خطاب بيغديمون « هذا خطاب شخص لا يعرف أين هو ذاهب».
وأمام رفض المفوضية الأوروبية التي أعلنت بوضوح أن خروج كاتالونيا من اسبانيا يعني خروجها من الإتحاد الأوروبي، فذلك يعني بالنسبة للكاتالونيين فرض حدود عازلة و خروجهم من اليورو ومن منطقة شنغان وفقدان أي إعانة مالية أوروبية يتلقونها كجهة ومواجهة انسحاب جل المؤسسات البنكية والمالية التابعة لمدريد و اغلب المؤسسات الاقتصادية الأوروبية. وهو ما يضع كاتالونيا الجديدة في مأزق خطير ويضرب عرض الحائط بآمال جزء من الشعب الكتالوني.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115