إنتصار هيلاري كلينتون الساحق في كارولينا الجنوبية أمام مزاحمها برني ساندرس جاء بفضل تحرك الآلة الإنتخابية لوزيرة الخارجية السابقة والتي أظهرت الفرق الشاسع بين تحرك عائلة كلينتون ومسانديهم مساعدي ساندرس. بمجموع 74 % من الأصوات أخذت كلينتون تقدما ملحوظا في ولاية صوت لها السود بنسبة قياسية (86 %) أكثر من تلك التي حظي بها باراك أوباما (78 %). تحصلت كذلك على نسبة مرتفعة من الناخبين البيض (54 %). وهو مؤشر هام لباقي السباق حيث يظهر تحولا لفائدة كلينتون من الناخبين من السود و الشباب .
أما المرشح الشعبوي الملياردار دونالد ترامب فقد تمكن من تعميق الفارق بينه و بين ملاحقيه الأربعة من الحزب الجمهوري. انتصاره في ولاية جنوبية هو حصيلة الحملة العنصرية التي اتخذها ضد كل الأقليات من غير البيض. وهو ما دعم تقدمه وجعل جاف بوش أخ الرئيس السابق جورج بوش يرمي المنديل ليبقى ترامب وحده أمام منافسين ليس لهم إشعاع وقدرة سياسية تمكنهم من الحصول على دعم الناخبين. وهو ما يشكل مشكلة عميقة في الحزب الجمهوري حيث أن دونالد ترامب لا يحظى بمساندة زعماء الحزب الذين يرغبون في دعم مرشح ثان يمكن له أن ينتصر في نهاية السباق. لكن مع مرور الإنتخابات تبدو هذه الحظوظ ضئيلة.
غرة مارس «الثلاثاء الأكبر»
يوم غرة مارس تنظم ،كالعادة في التصفيات الرئاسية، انتخابات في 11 ولاية جلها من الجنوب. وتشير استطلاعات الرأي في الولايات الجنوبية (تكساس، جورجيا، فيرجينيا، تينيسي ، ألاباما وأركنساس) إلى تقدم هيلاري كلينتون مما يمكنها من حسم النزاع مبكرا مع بيرني ساندرس إثر انتخابات يوم الثلاثاء. و إن كان ساندرس يأمل في الإنتصار في باقي الولايات ( فيرمونت، وكولورادو زسوطا و ماساشوسيتس و وكلاهوما) فإن لهيلاري كلينتون حظوظا متوفرة أيضا للفوز خاصة بدعم السود والأقليات الأخرى.
18 % من المفوضين للمؤتمر الإنتخابي الأخير يتم تعيينهم يوم 1 مارس. مع ما تم تعيينه يشكل ذلك اتجاها واضحا قلّما تخالفه الإنتخابات في الولايات الأخرى. وهو ما جعل دونالد ترامب يعتبر نفسه مرشح الجمهوريين بعد الإنتصارات التي تحصل عليها. إذا ما واصل في نفس النسق يوم غرة مارس فسوف يصبح فعلا المرشح الطبيعي لحزبه بالرغم من الإنقسامات التي ظهرت خلال الحملة الإنتخابية.
انقسامات الجمهوريين
الغريب في هذه الحملة أن الحزب الجمهوري الذي تمكن من الإنتصار في انتخابات الكونغرس بغرفتيه (النواب و الشيوخ) لم يتمكن من الإتفاق على مرشح يوصل الحزب إلى البيت الأبيض. الإنقسامات داخلة بين متطرفين و معتدلين أدخل شرخا في الحزب استغله الملياردار دونالد ترامب للفوز بدعم الرأي العام المحافظ الذي يبحث على زعيم كاريزماتي يشاطره أفكاره المتطرفة المعادية للمسلمين وللمكسيكيين والإسبانيين من جنوب القارة و باقي الأقليات، زعيم أشقر و ناجح في مسيرته. كل هذه الصفات التحمت بدونالد ترامب الذي هو وريث عائلة اشتهرت بمساندتها للحركات الفاشية.
الحملة الإنتخابية الحالية أفرزت نقاشات حول الأشخاص وانقسامات غابت فيها الشؤون العامة و تمحورت حول الشتيمة مما أظهر ضعف بعض المرشحين مقارنة مع كاريزما ودهاء المرشح دونالد ترامب. كل المؤشرات إلى حد الآن هي في صالح دونالد ترامب لكن السباق لا يزال طويلا. ربما هنالك امكانية تغيير المسار إذا ما تدخل زعماء الحزب للتأثير على مجرياته. لكن ذلك لم يحصل إلى حد اليوم. في العادة يتفق أصحاب القرار في النظام الأمريكي مع المرشح الذي له حظوظ واضحة. ذلك كان الشأن في عديد الإنتخابات التي فتحت أبواب البيت الأبيض إلى ممثل سينمائي وفلاح. بلا شك سوف تكون غرة مارس مرحلة ذات أهمية قصوى في السباق نحو واشنطن.