التركي مولود تشاووش اوغلو وذلك لمنع مشاركته في تجمّعات للجالية التركية الموالية لاردوغان.
الخطوة الهولندية اثارت غضب تركيا التي وصفتها بالممارسة «النازية» التي تستوجب الرد بشكل «قاس».هذا التصعيد استدعت اثره سلطات انقرة سفير هولندا لديها وفرضت تشديدات امنية على الممثليات الدبلوماسية الهولندية في تركيا . ومنعت هولندا وزيرين تركيين (الخارجية والمرأة) من تنظيم لقاءات مع المهاجرين الأتراك، واستمالتهم للتصويت على الإصلاحات الدستورية. وردت هولندا بالمطالبة بالاعتذار عن وصفها بالنازية، ووقف التصريحات النارية لأردوغان ضدها.
يشار الى انّ المانيا ألغت ايضا عدة تجمعات مماثلة كان سيشارك فيها مسؤولون أتراك ،ما أثار غضب أردوغان الذي وصف هذه الإجراءات بأنها «ممارسات نازية››. وفي هذا الإطار، تشير بيانات مركز الإحصاء الهولندي إلى أن عدد الأتراك القاطنين على الأراضي الهولندية نحو 397 ألف شخص.
كما يعيش في المانيا اكبر جالية تركية في الخارج وتقدر بـ1.44 مليون نسمة ممّا يجعلها وجهة هامة للسلطات التركية في الترويج لاستفتاء توسيع صلاحيات اردوغان المقرر في الـ26 من شهر افريل المقبل من خلال كسب تأييد الجالية التركية هناك.
غضب أوروبي
الانتقادات وحملات المنع التي تواجهها تركيا في هذه الاونة شملت فرنسا ايضا بعد أن تعالت اصوات المعارضة الفرنسية (اليمين واليمين المتطرف ) مطالبة حكومة بلادهم بمنع حضور وزير الخارجية التركي إلى فرنسا لعقد مثل هذه اللقاءات.اذ يعيش في فرنسا نحو 700 ألف تركي أو فرنسي من أصل تركي بينهم 160 ألفا في شرق البلاد ، مما يجعل باريس ايضا نقطة هامة في حملة اردوغان لحشد الدعم في الاستفتاء.
وتشهد العلاقات التركية الغربية تصدعا مستمرا منذ فشل اتفاق استقبال اللاجئين الذي تم توقيعه بين دول الاتحاد الاوروبي وأنقرة من جهة اخرى لوقف تدفق اكبر عدد من اللاجئين باتجاه القارة العجوز القادمين من مناطق الصراع سوريا والعراق باتجاه الدول الاوروبية . وكان للانقلاب الفاشل الذي احبطته السلطات التركية منتصف جويلية 2016 وما تبعه من حملة اعتقالات واسعة النطاق في تركيا طالت صحفيين وأكاديميين وسياسيين ، دور كبير في تنامي الانتقادات الاوروبية لسياسة اردوغان «القمعية» وانتهاكه لحقوق الانسان وهو ما اثار حفيظة تركيا . الغضب الاوروبي عقبه تجميد الاتحاد الاوروبي لمفاوضات دخول انقرة الى صفوف الدول الاعضاء فيه ، وفي المقابل علقت تركيا العمل باتفاق اللاجئين الذي استمر العمل عليه فترة طويلة .
هذا الصدام الغربي مع تركيا بدأت وتيرته تتصاعد في الاونة الاخيرة مع اقتراب الاستفتاء المرتقب يوم 26 افريل المقبل المتعلق بتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان . وترى اغلب الدول الاوروبية ان سياسة اردوغان القمعية ستزداد في حال نجح الاستفتاء وهو ما تعتبره اغلب الدول الاوروبية وعلى رأسها المانيا امرا غير مقبول باعتبار انها « تمس بحقوق الإنسان وحرية الصحافة في تركيا».
ولئن يرى مراقبون ان الازمات الحالية التي تعيشها تركيا مع الدول الغربية لا تعدو عن كونها محاولة اردوغانية لكسب تأييد الجماهير التركية ، إلا ان شقا اخر اعتبر انها غضب اوروبي سيؤثر على نتائج الاستفتاء وربما قد يقلص من حظوظ نجاح اردوغان في توسيع صلاحياته.
دعاية انتخابية ام ازمة حقيقية؟
من جهته قال الكاتب والباحث اللبناني المختص في الشؤون التركية علي مراد لـ«المغرب» انّ مايحصل اليوم بين الحكومة التركية وهولندا هو مجرد افتعال مقصود لأسباب داخلية تتعلق بالاستفتاء على الدستور الجديد الشهر القادم . وأشار مراد الى ان حكومة اردوغان «افتعلت شيئاً مشابهاً قبل ايام مع الالمان وتم وصفهم بـ»النازيين» .
واعتبر محدّثنا أن أردوغان يريد الإيحاء بأنّ الأمّة التركية مستهدفة بهدف استنهاض شريحة واسعة في الداخل للالتفاف حوله في عمليّة التصويت على الدستور الجديد.
وأكّد الباحث اللبناني ان هذه «الحركة تكررت كثيرا مؤخّرا، فقبيل بدء معركة الموصل افتعل اردوغان اشكالاً مع الحكومة العراقيّة حول مشاركة الجيش التركي في المعركة رغماً عن إرادة حكومة بغداد وأصرّ على حق قوّاته بالتواجد في قاعدة بعشيقة رغماً عن الحكومة العراقية ، ورأينا أنّه عاد وأوفد رئيس وزرائه لحل ذيول الازمة مع العراقيين».
وأشار محدّثنا الى انّ الأمر هذه المرة مشابه ، خاصة ان أردوغان وأركان حكمه يتقنون فن التسويق لمشاريعهم في الداخل عبر افتعال مشاكل مع دول اخرى. وأشار مراد الى انه «سرعان ما ستطوق حكومته ذيول الازمة مع هولندا من تحت الطاولة بعد ان يكون قد ضمن حصاد نتيجة هذه الزوبعة عبر تأمين اكبر شريحة مؤيدين استعداداً لاستحقاق التصويت على الدستور ، في النهاية لا يملك اردوغان ان يصبح معادياً لدول اوروبية يجمعه معها حلف هو الاطلسي تماماً كما حاول الايحاء بعد محاولة الانقلاب في جويلية الماضي بأن الامريكيين تآمروا عليه و أوحى بابتعاده عن محور امريكا والأطلسي، إلا ان الوقائع اثبتت انه لا غنى له عن واشنطن وهو يقوم بما يقوم به فقط من اجل المناورة والابتزاز للحصول على ما يريد».
سياسة «افتعال المشاكل»
وتابع الكاتب اللبناني انّ اردوغان ماضٍ في سياسته الخارجية التي تقوم على افتعال مشاكل وأزمات دبلوماسية مع دول لتحقيق اهداف سياسية في الداخل لكن بالمجمل سياسته الخارجية لن تتغير كثيراً وفق تعبيره.
وفيما يخص انخراطه في ازمات المنطقة، اجاب مراد انّ اردوغان مستمر بلعب دور اساسي في سوريا، ودور الحاضن لسنة العراق مع وجود تفاهمات مع حكومة بغداد ، اما مع الاوروبيين فلن نشهد تأزماً كبيراً مع دول حلف الناتو، شاهدنا ما حصل مع اليونان قبل اشهر والألمانيين على حدّ قوله مؤكدا ان اردوغان سيستمر بسياسة اللعب على الحبلين الرّوسي والأمريكي لتحصيل مكاسب سياسية تعزز من موقعه في المنطقة ، بالإضافة الى انّ استفزاز اليمين الاوروبي سيساهم في تعزيز اردوغان وخطابه داخلياً على حدّ قوله .