بعد التعليقات الرافضة لموقف فرنسوا فيون والإنتقادات لموقفه من القضاء الفرنسي بدأت الإنسلاخات تتوالى من الهيئات المنظمة لحملته الإنتخابية. وقررت بعض الشخصيات السياسية من حزب الجمهوريين الإعلان عن انسحابهم من الحملة ومناداة فرنسوا فيون بالإستقالة بسبب التراجع عن كلامه والوعود التي قدمها خلال الانتخابات التمهيدية بالإنسحاب «في صورة تم توجيه تهمة له». وقرّر حزب الوسط حليف الجمهوريين تعليق مشاركته في الحملة مطالبا بالتوصل إلى حل للأزمة. وبدأت مع مرور الساعات حملة من الإنسلاخات تتصاعد بصورة غير معهودة شكلت ضغطا حقيقيا على مرشح اليمين منادية إياه بالتنحي.
في نفس الوقت ، وعلى امتداد كامل يوم السبت، تصاعدت الأصوات من شخصيات مرموقة في حزب الجمهوريين أكدت على رفضها موقف فيون من المؤسسات الجمهورية وعدم قدرة الحزب على مواصلة الحملة الإنتخابية وصعوبة التواصل مع المواطنين في الجهات. وقرر ممثلو شق الوزير الأول الأسبق ألان جوبي الانسحاب من حملة فرنسوا فيون . وعملت ثلاث شخصيات أخرى ، كريستيان استروزي رئيس جهة كوت دا زير وفاليري بيكراس زعيمة جهة باريس الكبرى وغزافي بيرتران رئيس جهة الشمال على إيجاد «مخرج للأزمة» يحافظ على كرامة المرشح ويمكن الحزب من التوصل إلى بديل. وراجت في الأثناء فكرة اللجوء إلى ألان جوبي وهو ثاني المرشحين في الانتخابات التمهيدية.
مناورات وانشقاق
إثر تمسك فرنسوا فيون بتنظيم مظاهرة يوم الأحد، أعلن زعماء أحزاب الوسط انسحابهم من حملة المرشح الجمهوري مطالبن بتعيين مرشح بديل. ونزل الزعماء التاريخيون للحزب في الحلبة للتشاور والنقاش حول إيجاد حل يسهل وحدة الصف داخل الحزب ويمكن من استرجاع تحالفه مع أحزاب الوسط. وكان في مقدمة المتحركين رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشي وكاتب عام الحزب برنار أكوايي دون التوصل إلى حل.في نفس الوقت واصل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي اتصالاته مع فرنسوا فيون وألان جوبي وعدد من المسؤولين في الحزب.و اتضح أن الحزب بات منقسما بين فصائل متناحرة غير قادرة على التعايش مع بعضها.
أمام تزايد الإنسلاخات صعد فرنسوا فيون في اللهجة ضد النواب المنسلخين و اعتبرهم «خونة» وقال إنه يعتمد على رأي الناخبين داعيا إياهم الى التواجد يوم الأحد للتعبير عن مساندتهم لمشروعه السياسي. و تمكن فيون يوم الأحد فعلا من إلقاء خطاب أمام 40 الف مساند جاؤوا للتعبير عن رفضهم التراجع عن الإنتخابات التمهيدية وتمسكهم بمرشحهم. وكان جل الحاضرين من اليمين الكاثوليكي وهم من ساهم في صعود حركة «المظاهرة للجميع» التي تشكلت بعيد سن قانون «الزواج للجميع».وجد فرنسوا فيون في تلك الظروف طريقا لتجنيد اليمين الراديكالي ضد زعماء و كوادر حزب الجمهوريين قصد منعهم من التخلي عنه.
شبح الإنفجار
من مفاجأة إلى مفاجأة،أعلن ألان جوبي يوم الإثنين من مدينة بوردو، عن قراره عدم تقديم ترشحه للرئاسة مغلقا باب اللجوء إلى حل بديل. واتضح أن جزءا من أنصار سركوزي يكنون عداء لألان جوبي و أنه لا يمكنهم التعايش معه. معطيات جديدة تشير إلى شبح تلاشي الحزب بين دويلات لا يجمع بينها شيء سوى التطاحن على السلطة والركض وراء الكراسي.
أصبح شبح انفجار حزب الجمهوريين سيناريو ممكنا في الظروف الراهنة. ولا يعلم أحد إن كان تدخل نيكولا سركوزي في محاولة لدراسة الوضع في إطار مكتب إدارة الحزب ليلة الإثنين و صباح الثلاثاء في لقاء مزمع بينه وبين فرنسوا فيون و ألان جوبي سوف يفضي إلى حل للأزمة. لكن الواضح هو أن فرنسوا فيون قرر عدم التخلي عن ترشحه معتبرا أن ترشحه شرعي و أن قوانين الحزب لا تسمح لأحد بتنحيته وأن امكانية عرضه على التحقيق لا تشكل في القانون الفرنسي مانعا من دخوله الإنتخابات. يبقى أن عمليات سبر الآراء أشارت إلى عدم قدرته على الوصول إلى الدور الثاني من الإنتخابات وإلى أن أكثر من ثلثي الرأي العام لا يثق به. عدم مساندة فرنسوا فيون من قبل جزء كبير من نواب حزبه سوف لا يعطيه السند اللازم للنجاح. بقي لحزب الجمهوريين أن يبحث عن بديل في صورة شخص يمكنه أن يجمع حوله مختلف فصائل الحزب مثل النائب الشاب عضو مجلس الشيوخ فرنسوا باروان.وهو يعتبر أحد مساندي سركوزي وأحد الأبناء السياسيين للرئيس جاك شيراك. لكن الطريق أمامه يبقى وعرا وطويل المدى. وللمسلسل بقية.