-أنظمة الحكم في العالم وأولهم الولايات المتحدة الأمريكيّة. فيدال كاسترو حارب لنشر مبادئ «كوبا» الدّولة الشيوعية التي شيّدها على تخوم جارتها الأمريكيّة، حيث نجح كاسترو «القائد الأعلى» -كما يحلو لمناصريه القول- في تطويق نفسه بالمؤيّدين لتوجّهاته بعد نصف قرن من النشاط السياسي وذلك قبل أن يستسلم للمرض وينأى بنفسه عن الحكم سنة 2006.
زعيم الثورة الكوبية فيدال كاسترو ، وأحد أشهر سياسيي القرن العشرين الذي يعتبره الكوبيون رمزا لبلادهم كوبا ذات الـ12مليون نسمة ، ورغم إحباط محاولة القوة العسكريّة التي كوّنها للإطاحة بنظام « فالغنسيو باتيستا» رمز «الفساد وعدم المساواة» ودخوله السجن لمدة عامين ، إلاّ أن كاسترو تمكّن بعد العفو عنه من الإطاحة بـ «باتيستا»وجيشه الذي يضم 80 ألف جندي سنة 1959 ، وبدأ في رسم «عقيدته العسكرية الخاصة» وتحويل القوة المقاتلة التي كوّنها وهو في سنّ الـ«32» إلى سلطة موازية مدعومة من منظمات سرية وشعبية.
ومن هناك بدأ كاسترو في نحت طريقه النضالي ، وسرعان ما حول «القائد الأعلى» كوبا إلى النظام الشيوعي لتصبح أول بلد تعتنق الشيوعية في العالم الغربي. وبذلك أعلن كاسترو بداية عدائه الدّائم لجارته الشمالية أمريكا الّتي لطالما لقبته بـ«الشيطان» نظرا لتحالفه مع الاتّحاد السّوفياتي ومعارضته إستراتيجية الولايات المتّحدة الأمريكيّة في العالم. كما وقف كاسترو في وجه الحصار الاقتصادي الذي فرضته واشنطن على بلاده، واستمر نظامه حتى بعد سقوط الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية. إذ زاد قيام كاسترو بتأميم الشركات الأمريكية الموجودة في كوبا آنذاك من تأجيج الخلافات بين البلدين ممّا جعل قائد الثورة الكوبية الاسم الأول على لائحة المطلوبين لدى الاستخبارات الأمريكية . يشار إلى انّ كاسترو نجا خلال فترة حكمه من 600 محاولة اغتيال، خلال فترة حكم 10 رؤساء أمريكيين عجزوا عن الإطاحة به رغم المحاولات المستمرة.
وسنة 1961 قطعت كوبا علاقاتها الدبلوماسية رسميا مع الولايات المتحدة الأمريكية ، لتبدأ بذلك حقبة تاريخية من العداء المتبادل لم يتم تجاوزها سوى العام المنقضي بعد إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما فتح عهد جديد في العلاقات بين واشنطن وهافانا وتطبيع العلاقات ووقف العقوبات ورفع اسم كوبا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب وتدشين مقرات للسفارات بعد نحو 54 عاما من إغلاق سفارتي البلدين.
وسنة 2001، أصيب كاسترو بوعكة صحية تلتها نكسات صحية أخرى اضطر إثرها إلى التنازل عن سدة الحكم سنة 2006 لشقيقه الأصغر راوول كاسترو، ذراعه الأيمن ووزير الدفاع منذ سنة 1959. وتوفي كاسترو قائد الثورة الكوبية أمس الأول الجمعة بعد صراع مع المرض ، لينتهي تاريخ سياسي شيوعي مخضرم نجح في نحت مبادئه وعقيدته الخاصة رغم اعتراضات أقوى دول العالم.
من هو فيدال كاسترو ؟
فيدل أليخاندرو كاسترو روز الذي ولد عام 1926 ، هو محام كوبي، وثوري وسياسي ، وكان فيدال كاسترو شخصية محورية في الثورة الكوبية منذ عام 1956 إلى عام 1959 ، والتي بدورها أزالت الديكتاتور باتيستا من السلطة وعين بدلا منه النظام الشيوعي الذي كان مواليا للاتحاد السوفياتي، وعلى مدى عقود تحدى الولايات المتحدة، التي حاولت اغتياله مرات لا تحصى، بالفعل هو شخصية مثيرة للجدل، وكثير من الكوبيين يعتبرون فيدال كاسترو الوحش الذي دمر كوبا، في حين يرى البعض الآخر انه صاحب البصيرة التي أنقذت أمتهم من ويلات الرأسمالية .وانتزع كاسترو السلطة في ثورة 1959، وحكم كوبا 49 عاماً بمزيج من الكاريزما والقبضة الحديدية، فأقام دولة الحزب الواحد، وأصبح شخصية رئيسية في الحرب الباردة.
وفي كوبا، أطاح كاسترو بالرأسمالية، وحظي بالشعبية بعد أن جعل المدارس والمستشفيات في متناول الفقراء، لكن كان هناك الكثيرون من الأعداء والمنتقدين لكاسترو، ومعظمهم من الكوبيين المنفيين في ميامي والفارين من حكمه إذ كانوا يرونه طاغية شرسا.
وفي نهاية المطاف لم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفياتية هي من أنهى حكم كاسترو، بل المرض الذي أجبره على التنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول كاسترو مؤقتا في 2006 ثم نهائيا في 2008. وعاصر كاسترو زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكوبا هذا العام. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس للولايات المتحدة إلى كوبا منذ 1928. وفي سنواته الأخيرة لم يعد كاسترو يتولى أي منصب زعامة. وكان يكتب مقالات رأي في الصحف تتناول الشؤون الدولية، ويلتقي بالزعماء الأجانب من حين لآخر، لكنه كان يعيش في شبه عزلة.