الشريط الإيراني «محمد رسول الله» والجدل المبكّر والمجاني ..

اشتعال الجدل حول عرض الفيلم الإيراني - الذي لم نشاهده ولا نعلم ما فيه والذي يروّج إشهاريا اليوم وثمّة نيّة عرضه في بلادنا - يحمل عنوان «محمد رسول الله» ويتضمّن تجسيدا للشخصيّة المحمّدية ...يحيل إلى الاستغراب من مثل هذه الحملات التي لا تعترف بالقواعد المنطقية

الثابتة «الحكم عن الشئ فرع عن تصوّره» ...فلا نحكم عن أمر دون معاينته ..

وقضيّة تجسيد الأنبياء والصحابة مبحث علمي ديني لا نصّ واضح يحكم معها أو ضدّها وقد لا تعني النصوص القرآنية الواردة في حقّ تكريم الصحابة منع ظهورهم في المسلسلات والأفلام وتجسيد شخصياتهم من قبل ممثلين .. لذا انفتح باب الاجتهاد منذ سنوات وتأرجحت المواقف المختلفة بين المانع والمجوّز وقد خاض العلماء والمجامع في هذه القضية فتباينت الفتاوى ولم تتفق نهائيا على تحريم نهائي ولا على إباحة وهذا يحيلنا إلى تطبيق القاعدة الفقهية «لا يُنكَرُ المختَلَفُ فيه، وإنما يُنكَر المُجْمَعُ عليه»..

وقد تمّ تجسيد الصحابة والأنبياء في أعمال سينمائية عديدة آخرها مسلسل «يوسف الصدّيق» ولم يطرأ ما من شأنه أن يثير القلق كذلك مسلسل «عمر بن الخطاب» وهي أعمال إيرانية الإنتاج والإخراج والتمويل ... ولا ننسى «فيلم الرسالة» فقد شهد تجسيد بعض الصحابة الكرام على غرار حمزة وبلال واستثنى الخلفاء الراشدين الأربعة كما لا ننسى مسلسل «على هامش السيرة» وغيرها من الأعمال الفنيّة التي تراوحت قيمتها بين الممتازة والجيّدة ....
الأمر واسع فلا نضيّقه والفن صناعة وتوثيق وتربية وإصلاح الواقع واستشراف المستقبل ..

وقد يكون العمل الجديد مثيرا لنفس الجدل وقد يكون هذا الجدل عقيما قد تجاوزته الأحداث وصناعة السينما قد شهدت قفزات عملاقة خصوصا عند الهنود والمصريين والأمريكان طبعا والآن عند الإيرانيين

وربّما يكون الجدل مستمرا نظرا لكون هذا الشريط السينمائي الحدث «محمد رسول الله» للمخرج الإيراني مجيد مجيدي يتعرّض خلافا لما سبق لشخصية الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو أقدس شخصية وأشرفها عند المسلمين وتبقى المخاوف قائمة عند مسألة إظهار وجهه وتجسيده وتقمص أحد الممثلين شخصيته ....

والأكيد أن هذا الخلاف سيظلّ قائما بين السنّة والشيعة وبين أهل السنّة أيضا فيما بينهم لكن الأهم من هذا كلّه هو الإبقاء على حرية التعبير وفسح المجال دون ضغوط امام العمل الفني الجمالي شريطة الالتزام بالحقائق التاريخية والعقائد السليمة التي لا يسمح باي حال من الأحوال بتشويهها... وكما حصل الأمر مع مسلسلي «يوسف الصدّيق» و«عمر بن الخطاب» حين تمّ عرضهما مؤخرا وحازا الرضا.. فلنشاهد هذا الفيلم وندلي بمواقفنا بعد المشاهدة كلّ من اختصاصه بشكل موضوعي وتتواصل عملية الإبداع والإستثمار خدمة للفن وخدمة للإسلام في عمقه وصفاء تعاليمه .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115