كتبت هذه الكلمات حتى لا نخشى صعود الجبال، حتى نعيش أبد الدهر فوق القمم ، حتى نتقدم على بقية الامم ، لابد لنا من أن نحلم ،لا بد لنا من الأمل ..
والأمل ساكن فينا، يعترضنا صباحا مساءا وقبل الصباح وبعد المساء ويوم الأحد ، الأمل في الشباب، ولدى الشباب ، وللشباب،
يعترضني الأمل بعيدا عن الضوضاء والتجاذبات والحسابات الضيقة...
بعيدا عن المقاربات السلبية والعدمية....
بعيدا عن الانغلاق في بوتقة الاقتصاديات التقليدية والمقيّدة بنظرات محلية لا تتجاوز الحدود...
بعيدا عن الشعارات التي تعطي قصورا في الأفكار لتحبس أصحابها في زمن ولى ومضى .
يعترضني الأمل كذلك قريبا من واقع وتطلعات شباب يستحق فعلا حياة أفضل.
قريبا من أصحاب الأفكار والمشاريع والمبادرات الحقيقية للإبداع والإنتاج والتطوير.
قريبا من صوت كل شباب يتطلع إلى واقع أفضل بكسر الحواجز وبناء الغد.
قريبا من كل من يرى أن العالم قرية صغيرة لتونس فيها دور ريادي ولم لا ولكل شاب تونسي موقعه البناء والمؤثر في نجاح هذا العالم الجديد.
أكتب هذه الأسطر للتأكيد على أن الأمل واقع... والطموح حقيقة...و النجاح ممكن.
الأمل موجود والطموح حقيقة وماعليك إلا التخطيط والعمل لتحقيق الحلم ، التحاق تونس بالعالم الجديد وانخراطها في ثورة القرن الواحد والعشرين، الثورة الرقمية ...
ولإن قطار الحضارة يسير بسرعة والعالم يشهد تقدما وتغيرا وبنسق تسارعي ، نحن اليوم أمام محطة تاريخية إما أن نمتطي القطاروإما تخلفنا عن الركب كما تخلف البعض من أسلافنا ...
إن تسونامي التغيير الإقتصادي و الإجتماعي عبر التكنولوجيا قادم وهو ليس ببعيد وتأثيره حقيقي وملموس على الواقع الاقتصادي والاجتماعي لكل الدول والشعوب والأفراد إيجابياوسلبيا على حد السواء, إذ سيحقق نقلة عميقة على جميع المستويات وستأتي على ثلثي الاقتصاد التقليدي العالمي ويعوضه باقتصادجديد ,فالتطور العلمي سيفرض حتما تغييرا في نمط عيش الإنسان وفي علاقته بمحيطه الجغرافي والمدني مايقتضي رؤية استشرافية واضحة لشكل ومقومات الحضارة الإنسانية ومتطلبات عيش إنسان القرن الواحد والعشرين...
من أجل هذا الحلم نعمل ليلا نهارا في إطار مشروع ورؤيا مستقبلية واضحة المعالم حتى تكون بلادنا فاعلة بعد وعي وليست منفعلة بعد استهلاك...
واستطعنا في سنة ونصف أن نخطو الخطوات الأولى بثبات في قطاع التكنولوجيا رغم أن المنجز إلى حد الآن في ظاهره تقني ولكن في باطنه أعمدة لمشروع حضاري متكامل يستوجب فقط الدعم والتنسيق والتناغم بين مختلف القطاعات افقيا وعموديا ولتحقيق ذلك علينا الإسراع بتحقيق اصلاحات و خيارات جوهرية تمس جملة من المحاور:
• أولا دولة قوية: دولة تحترم المواطن وتُحترم بسيادة القانون والشفافية وهياكل صلبة تعمل بانسجام وبأهداف واضحة وقرارات جريئة و سريعة لأنه لا نملك الوقت للتردد. و لقد أظهرنا عدة مرات نجاعة و سرعة أخذ القرارات الجريئة في قطاع التكنولوجيا و البريد (القطاع الذي نتحمل مسؤليته)
• ثانيا فكّ العزلة وتحرير الطاقات من خلال:
- تطوير البنية الأساسية في كل جهات الجمهورية بما فيها البنية الأساسية الرقمية. فتوفير النفاذ إلى شبكة الأنترنات لجميع الأسر التونسية هدف ماضون في تحقيقه باستعمال أقصى ما يمكن من الطاقات اعتبارا لأهمية هذا الهدف في القطع مع الأميّة التكنولوجية، أمية القرن الواحد و العشرين
لكن يبقى تحرير الطاقات في هذا المجال مرتبطا بتحرير الدينار التونسي، و نعتبر في هذا المجال أنه يجب تحرير الدينار في أجل أقصاه 2017 مهما كانت انعكاساته وتبعاته والعملية لا تتطلّب التأخير ولم يعد ذلك اختيارا بل خيارا اقتصاديا اساسيا
• ثالثا تكافؤ الفرص: إن تونس أثبتت على امتداد السنوات أن الاقتراب من تحقيق هذا المبدأ هو بمثابة مفتاح الإقلاع لتحقيق أفضل النتائج .
المدرسة و المؤسسات التربوية لعبت و ما زالت تلعب دورا أساسيافي هذا المجال و أصبح إصلاح التعليم و إرساء المدرسة العصرية [الكل الرقمي] أمرا مؤكدا ومستعجلا. و نحن ماضون بخطى ثابتة في هذا المجال.
ثم إن المواصلة الفعلية في التمييز الإيجابي ضرورة . و نحن بصدد ترجمة الشعارات لواقع ملموس يدرك من خلاله المواطن أن الخطاب السياسي من جنس الممارسات والإنجازات اليومية.
• رابعا: إرساء الشفافية والنجاعة في الإدارة وذلك : بتعصيرها وتركيز إدارة إلكترونية دون ورق.بإرساء الرقابة البعدية. و أيضا بحماية الإداريين من عقوبات على جرائم لا ناقة لهم فيها و لا جمل عبر قانون المصالحة مثلا
ثم إن تّشبيب المسؤولين من الصف الأول وإعطاء فرصة للاطارات الشابة لتحمّل المسؤولية يؤدي إلى نتائج ملموسة وقد شرعنا في ذلك وقمنا بتشبيب (على سبيل الذكر لا الحصر) الإدارات العامة للبريد وإتصالات تونس وخاصة مشروع الجيل الرابع.....
في الخلاصة: الإصلاح الإداري شامل ومتواصل وواضح المعالم وهو غير ظرفي يتّسم بالجدية والعلمية وعدم الاعتباطية كما يأخذ بعين الإعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية.
• خامسا تعصير المنظومة القانونية لملاءمة النصوص الترتيبيّة لمقتضيات القرن21..
كل هذه الإصلاحات من شأنها الدفع بعجلة التغيير المحرك الأساسي لمشروع بناء تونس الجديدة تونس الأجيال القادمة ونأمل أن يكون الشباب هو الفائز ويوجه نظرته للمستقبل بكل أمل نظرة للعالم المتطور بكل تفاؤل نظرة تكون أكبر وأوسع تخرج به من بوتقة النظرة الأصغر والأضيق وخلال السنة والنصف من التجربة على رأس وزارة تكنولوجيات الاتصال والإقتصاد الرقمي تأكد لي أن شبابنا حاضر لخوض المعركة الجديدة ومن خلال قربي منهم أثناء الزيارات المتكررة أدركت مدى جاهزيتهم لرفع كل التحديّات وما إقبال الشركات العالمية على برنامج تونس الذكية الذي خلق أكثر من خمسة آلاف فرصة عمل ما وإقبال شبابنا على البطاقة التكنولوجية ومشروع التطبيقات عبر الجوال والجيل الرابع وغيرها من المشاريع ، إلا دليل ووازع يبعث الأمل ويزيد من ثقتي في قدرات شبابنا الحقيقية على تحقيق هذه الأهداف.
و إن كان هذا التقدم (الذي لا يزال منقوصا ) ممكنا في ميدان تكنولوجيا المعلومات و الإقتصاد الرقمي، الذي أعطى آلاف فرص العمل للشباب التكنولوجي وغير التكنولوجي فهو أيضا ممكن في جميع القطاعات الفلاحية منها أو الصناعية أو الثقافية.
هذه الكلمات أكتبها للإقرار بأن الأمل واقع والحلم حقيقة وقد بدأنا نتلمّس بوادر ومنطلقات صلبة وسليمة لبناء صرح تونس الأمل والنجاح.
أحد الأسباب التي دفعتني الى كتابة رسالة الأمل هذه شابة إلتقيتها في زيارتي الأخيرة إلى ولاية قفصة مشتركة في البرنامج الوطني للتطبيقات عبر الجوّال حيث ذكرت لي عند تقديمها لتطبيقتها أن هذا البرنامج قد غيّر حياتها تماما وأخرجها من العدميّة..و شاب في سليانة يعمل عن بعد على تظبيقات عالمية و له دخل محترم من هاته المهنة ، و أقسم لكم أنهم موجودون في كل ولاية وفي كل معتمدية.
هؤلاء شباب كانو يلومون ظروفهم ولكنهم لم يستسلموا للظروف فالناجحون في هذا العالم هم أناس اذا لم يجدوا الظروف التي يريدونها صنعوها و دورنا هو مساعدتهم على ذالك.
وكما قال شاعرنا أبو القاسم الشابي ( بتصرّف) «نحن شعب نروم صعود الجبال لنعيش أبد الدهر فوق القمم».
يكفي فقط الثبات في الخيارات الجريئة والثابتة ودعمها اللامشروط من مجلس نواب الشعب عوضا عن الإكتفاء بالخيارات المبنيّة فقط على التوافقات ليصبح الحلم التونسي حقيقة مدهشة.