وهذا ما تكشفه بلاغات رئاسة الجمهورية المتضمنة لفحوى لقاءات الرئيس بوفود اجنبية.
يوم الاحد الفارط اصدرت رئاسة الجمهورية بلاغا اعلنت فيه عن مضمون اللقاء الذي جمع الرئيس قيس سعيّد بوفد عن الكونغرس الأمريكي وقد ذكّره الرئيس بعديد المحطات التاريخية في العلاقات التونسية الأمريكية منذ أكثر من قرنين. تمهيدا للخوض في الاهم.
الاهم لدى رئاسة الجمهورية اولا ان يوضح الرئيس لوفد الكونغرس الامريكي ان الصورة العامة التي شكلها عن الوضع العام التونسي انطلقت من معطيات خاطئة وقع الترويج لها في اطار حملة تشويه لمسار 25 جويلية، توضيح تم وفق بلاغ الرئاسة بكشف «الحقائق» التي لم تحدد في النص.
هنا تنتقل الرئاسة من كشف الحقائق الى تحديد موقفها وهو ما اتاه الرئيس قيس سعيد حينما ابلغ الوفد الامريكي ان مبادئ القانون الدولي تكرس احترام سيادة الدول والمساواة بينها وتمنع التدخل في شؤونها الداخلية وعليه فان ما صدر من تصريحات عن مسؤولين امريكيين في الاسابيع الاخيرة «غير مقبول».
ففي اللقاء الذي جمع الرئيس بوفد يضم 6 من اعضاء الكونغرس عن الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، كان هاجس الرئيس -على ما يبدو- اعادة ايضاح الصورة لزائريه والاهم تبيان مشروعية وشرعية مسار 25 جويلية والدستور الذي انتهى اليه وهو ما يشدد عليه الرئيس بقوله «ان الشعب صاحب السيادة قال كلمته في الاستفتاء».
الاستنجاد بالشعب في خطاب الرئيس مع الوفد الامريكي هدفه الاساسي اعادة صياغة التقييم الامريكي للاوضاع في تونس، فالموقف الرسمي للادارة الامريكية جاء متضمنا لاشاراة صريحة بان ضعف نسبة المشاركة في الاستفتاء تستلزم البحث عن توافق واسع وانتهاج مسار تشاركي لضمان حماية المكتسبات الديمقراطية.
مكتسبات يبدو ان الرئيس تعهد بضمانها وتطويرها اذ شدد الرئيس للوفد على أن الديمقراطية «روح قبل أن تكون مؤسسات شكلية»، وأنه لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية إلا في ظلّ عدالة اجتماعية وقضاء مستقل عادل يتساوى أمامه الجميع.
هذه الرواية الرسمية للقاء، تضمنت عنصرين اساسيين الدفاع عن السيادة وعن ارادة الشعب والثاني دحض مروية المعارضة وتأكيد على الالتزام بالديمقراطية لكن بمفهومها الجديد، وهو ما لا نجده يذكر في البيان الصادر عن الوفد وعن السفارة الامريكية بتونس، اذ ان البيان الذي قدمه وفد الكونغرس ومدة زيارته تضمن معطيات مختلفة نسبيا.
ففي الرواية الامريكية اللقاء مع الرئيس كان في اطار زيارة يؤديها الوفد الى تونس التقى فيها بممثلين عن المجتمع المدني وانهى الزيارة بلقاء الرئيس، وفي اللقاءات التي عقدت ـ وفق نص البيان ـ أعرب أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب عن «دعمهم القوي» للديمقراطية في تونس، وعن دعمهم القوي لتطلعات الشعب إلى «حكومة ديمقراطية شفافة تتجاوب مع حاجاته وتخضع للمساءلة وتحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتولي مستقبل البلاد الاقتصادي أولويتها».
ووفق نص البلاغ كذلك أعرب أعضاء الوفد عن انشغالهم بما آل اليه المسار الديمقراطي في تونس وحثوا الاطراف السياسية على ان تسارع البلاد إلى اعتماد قانون انتخابي، تقع صياغته «بشكل تشاركي» لضمان أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
كما شدد الوفد في اللقاءات ومنها لقاؤه بالرئيس على «أهمية قضاء مستقل ومجلس نيابي نشط فعال» فهذان شرطان اساسيان ليستعيد الشعب ثقته في النظام الديمقراطي.
هنا يتضح جليا ان الوفد الامريكي كرر بلغة دبلوماسية اخذت بعين الاعتبار التوتر الذي تسببت فيه تصريحات وزير الدفاع الامريكي وقبله السفير المقترح، ولكن الموقف ظل على ما هو عليه، مطالبة بان يعدل الرئيس من سياسته وان يفتح باب الحوار مع خصومه.