كل على حده ولكنها وجدت من كليهما ذات الإجابات ان تعلق الامر بدعم هذه المؤسسات لتونس وقد قيلت بشكل مباشر وصريح «ساعدوا انفسكم وسندعمكم».
هذه الكلمات قالها فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي بشكل صريح ومباشر للحكومة وفق ما صرح به يوم امس لدى مشاركته في برنامج «ميدي شو» على اذاعة «موزاييك اف ام». ليشرحها لاحقا بان المؤسسات المالية الدولية ملتزمة بدعم تونس المالي والتقني للخروج من ازمتها المالية الهيكلية ولكن هذا الالتزام مشروط بتحقق شرط موضوعي، والشرط الموضوعي هنا هو ما يعبر عنه بـ«ساعدوا انفسكم» والقصد منه كما في حواره المشار اليه، هو ان تباشر الحكومة التونسية تطبيق الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي تتعهد بها للمؤسسات المالية، خاصة وان السلطة السياسية اليوم وفق تقييمه يمكنها ان تنزل هذه الإصلاحات دون تجاذبات سياسية بين مؤسسات الدولة التي كانت تعيق هذا الأمر في السابق الامر. اذ قال نائب مدير البنك الدولي ان السلطة اليوم مجمعة ولا يوجد ما قد يعيقها عن القيام بتنزيل الاصلاحات، لذلك فانه يجب ان تنطلق في تنزيلها كخطوة اولى لبناء الثقة مع المؤسسات المالية الدولية التي ستقابل هذه الخطوة بدعم ومساعدة مالية للخروج من الازمة التي قال انها مركبة وان من اسبابها ان مناخ الاستثمار في تونس غير محفز كما ان الدولة لم تحسن ادارة ملفاتها المالية والاقتصادية والاجتماعية لعدم قيامها بمراجعات كبرى لدورها في كل هذه الملفات.
ما يصرح به نائب رئيس البنك الدولي هو بشكل غير مباشر اعلان عن «شروط» البنك لتقديم الدعم المالي المتمثل في اقراض البلاد لسد عجز ميزانتيها او لتمويل مشاريعها، والشرط ان تبدأ عملية تنزيل الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي تتعهد بها الحكومة سواء لصندوق النقد الدولي او للبنك العالمي.
تنزيل معناه ان تباشر الحكومة دون تاخير لاي سبب كان تحقيق بعض من بنود خطة الاصلاحات التي عرضتها الحكومة وتتضمن وفق ما كشفته الحكومة نفسها مخططا للتحكم في كتلة الاجور وفي نفقات الدعم والذي تلتزم الحكومة برفعه مع حلول سنة 2026 عبر خطة تشمل الرفع التدريجي لدعم الدولة لحزمة من المواد الاساسية والبيترولية انطلاقا من السنة القادمة.
ذات الطلب المتمثل في ان تنطلق الحكومة في تنيل اصلاحاتها على الارض كبادرة للإعلان عن حسن النوايا التي يطالب بها صندوق النقد الدولي بدوره، وهذا ما يكشفه تصريح جهاد ازعور الذي زار تونس خلال اليومين الفارطين باعلانه عن «استعداد الصندوق الدخول في المفاوضات مع تونس خلال اسابيع».
ويتضمن بيان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي اشارة صريحة الى انه في « ظل الأوضاع الاقتصادية الحادة، تصبح الحاجة إلى سرعة تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الطموحة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى» وبهذا فهو يترك للحكومة ان تباشر تنزيل الاصلاحات بسرعة واستغلال الوقت السابق لانطلاق المفاوضات من اجل ذلك.
هنا تجد البلاد نفسها امام فرصة نظريا لتجاوز ازمنتها المالية، خاصة وان المؤسستين الماليتين تعلنان بشكل صريح ومباشر التزامهما بشرطيهما، لكن تحقيق هذا الشرط سيمثل تحديا امام حكومة بودن ورئاسة الجمهورية في ظل الوضع السياسي الراهن خاصة.
ما تطالب به المؤسستان هو الشروع في الاصلاحات الكبرى لا الشكلانية، وهذا يعنى ان تباشر الحكومة في اصلاحاتها المتعلقة بالمؤسسات العمومية وكتلة الاجور وصندوق الدعم ولهذه الاصلاحات تداعيات اجتماعية كبرى خاصة وانها محل رفض من اتحاد الشغل الذي يشترط دعمه للاصلاحات من قبل صندوق النقد الدولي. مما يعني ان حكومة نجلاء بودن ستكون اليوم امام حتمية الذهاب الى خيارات غير شعبية ستكون تداعيتها المباشرة احتقان في الشارع وهذا بدوره ما لا يرغب فيه الرئيس خاصة وانه يتجه الى الاستفتاء على الدستور في 25 من جويلية القادم والى الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر الموالي. اي ان البلاد وان كانت امام فرصة جدية لمغادرة وضعها الصعب الا انها امام معادلة صعبة، فاما المخاطرة بغضب الشارع او يغيب الدعم المالي من المؤسسات الدولية، وهي معادلة ستضوح ما اذا كانت للحكومة وللسلطات اجابة عنها تقيها غضب الطرفين، الشارع والمؤسسات المالية.