إذ يتواصل التنافس في التشريعية بين المتصدر منذ حوالي السنتين الحزب الدستوري الحرّ وما يسميه المستجوبون بـ»حزب « قيس سعيد بـ%30.1 للأول و%29.2 للثاني وتستقر حركة النهضة في المرتبة الثالثة بنفس النسبة(%10.4) في حين يزداد عدم التصريح بنيّة التصويت بأربع نقاط (%71.6 في مارس مقابل %67.1 في فيفري )
أما في الرئاسية فيتواصل تحليق قيس سعيد عاليا بـ%88.3 ولا يصرح بنوايا تصويتهم سوى %29.9 من المستجوبين .
تفصلنا نظريا عن الانتخابات التشريعية أقل من تسعة أشهر ومازال الغموض مهيمنا على كل مجريات وفلسفة العملية الانتخابية إذ نجهل ،إلى حدّ الآن،كل شيء عن الإطار الدستوري والقانون والجهة المشرفة على هذه الانتخابات وهل أنها ستكون فعلا تعددية وشفافة أم لا ؟
ولاشك أن مجموعة هذه المجاهيل لا تحفز التونسيين كثيرا على الاهتمام بهذا الموعد الذي ينتظر منه –نظريا- أن ينهي مرحلة الاستثناء إذ لا يصرح %71.6 من العينة بنوايا تصويتهم في حين كانت هذه النسبة قبل شهر واحد %67.1
• تدعم الاستقطاب الثنائي الجديد
عندما نكتفي بنوايا التصويت المصرح بها نجد أن التوازنات السياسية مستقرة إلى حد ما منذ أشهر،إذ مازال الدستوري الحر يتصدر قائمة الأحزاب بـ%30.1 (%2.5 – في شهر واحد) يليه «حزب» قيس سعيد بـ%29.2 (%1.4 – في شهر واحد) وتأتي حركة النهضة في المرتبة الثالثة بـ%10.4( نفس نسبة شهر فيفري ) ثم حركة الشعب بـ%3.3 (%0.8- ) فائتلاف الكرامة بـ%2.5 (%0.3+).
وهذا يعني أننا أمام مشهد شبه مستقر مند أشهر بازدواجية قطبية من نوع جديد بين حزب قانوني معروف بتصدر عمليات سبر آراء نوايا التصويت منذ شهر جوان 2020 و»حزب» غير موجود لا قانونا ولا في أرض الواقع إلا انه توجد رغبة واضحة عند جزء من التونسيين بأن يصوتوا غدا لحزب يجسد اختيارات رئيس الدولة ويسمونه اعتباطا بـ»حزب» قيس سعيد.
وأمام ثنائي الطليعة انحسرت القوة الانتخابية لحركة النهضة إلى حدود ما يمكن أن نسميه بقاعدتها الصلبة وهي تزن حوالي %10 من نوايا التصويت المعلنة .
لقد سبق وإن شرحنا ضرورة أن تعكس نوايا التصويت ما يقوله التونسيون فعلا فلا معنى لتحريف رأيهم أو إلغائه بحجة عدم وجود هذا «الحزب» إذ أننا لسنا إزاء انتخابات نحن نعتمد فقط على الأجوبة التلقائية للمستجوبين ولا نقدم لهم قائمة بالأحزاب في التشريعية كما لا نقدم لهم قائمة بالشخصيات في الرئاسية .
• في السوسيولوجيا الانتخابية
كما نلاحظ نوعا من الاستقرار في السوسيولوجيا الانتخابية خلال هذه الأشهر الأخيرة.
• جهويا يتقدم الدستوري الحر على منافسيه في تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) والوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية) وصفاقس ويتعادل مع «حزب» قيس سعيد في الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي) ويتأخر قليلا عنه في الشمال الشرقي (بنزرت ونابل وزغوان) أما «حزب» قيس سعيد فيتقدم بوضوح على كل منافسيه في الشمال الغربي (باجة وجندوبة والكاف وسليانة ) والوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين )
وتظل جهة الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين) الجهة الوحيدة التي تتقدم فيها حركة النهضة على كل منافسيها وتحقق فيها ثلاثة أضعاف معدلها الوطني (%31.4) متقدمة بوضوح على «حزب» قيس سعيد (%12.9 ) والدستوري الحر (%12.7)
• جندريا لا وجود لفرق يذكر بين الدستوري الحرّ و»حزب» قيس سعيد إذ يغلب على كليهما التصويت الرجالي على عكس حركة النهضة .
• اجتماعيا تعطي الطبقة المرفهة والطبقة الوسطى العليا الأولوية الدستوري الحر في حين يتقدم «حزب» «قيس سعيد عند الطبقة الوسطى السفلى والطبقة الشعبية
• جيليا الفرق واضح وجلي بين قطبي نوايا التصويت الشباب وصغار الكهول لـ»حزب» قيس سعيد والكهول خاصة الذين تجاوزوا الستين فهم يصوتون بكثافة للدستوري الحرّ.
-معرفيا يميل الأميون إلى «حزب» الرئيس بينما يميل ذوو مستوى التعليم الابتدائي للدستوري الحر ثم تتعادل الكفة عند أصحاب مستوى التعليم الثانوي والجامعي .
• من أين يأتي «حزب» قيس سعيد ؟
لو نقارن نوايا التصويت اليوم بنوايا المستوجبين فعليا في الانتخابات التشريعية سنة 2019 نلاحظ أن الدستوري الحر تمكن من توسيع قاعدته إذ اكتسح بوضوح القاعدة الانتخابية لقلب تونس وأجزاء هامة من الذين امتنعوا عن التصويت في المقابل حافظت حركة النهضة على القاعدة الصلبة لقاعدتها الانتحابية واستحوذت على جزء من «ائتلاف الكرامة» ومن بعض الأحزاب الأخرى أما «حزب» قيس سعيد فقد استفاد من قواعد انتخابية شتى وخاصة من التيار الديمقراطي وكذلك من الدستوري الحرّ أما الجزء الأهم اليوم فيتمثل في أولئك الذين قاطعوا انتخابات 2019.
• في نوايا التصويت في الرئاسية : قيس سعيد يحلق بعيدا ..
مرة أخرى لا يمكننا الحديث مطولا عن نوايا التصويت في الرئاسية بسبب الغياب الكلي للمنافسة فمنذ 25 جويلة يتواجد صاحب قرطاج دوما فوق عتبة %80 وهذه المرة وصل إلى %88.3 تاركا الفتات للبقية فحتى صاحبة المرتبة الثانية باستمرار عبير موسي زعيمة الدستوري الحر لم تتمكن من تجاوز عتبة %5(%4.6 في مارس2022) أي وكأنّ قيس سعيد اليوم فوق السياسة وفوق السياسيين في كوكب آخر لا تطاله «التجاذبات» ولا يُحمّل بصفة واضحة سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ولكننا نعلم جميعا أن البقاء في كوكب ما وراء السياسة وتحمل المسؤولية لا يمكن أن يستمر كثيرا ..في الإثناء لا وجود لمنافسة ولو جزئية لرئيس الدولة .
هذه الصورة وقتية لطبيعة التوازنات السياسية اليوم كما تتجلى من خلال سبر آراء نوايا التصويت وهذه الصورة ستعرف تحولات هامة ولاشك خلال الأشهر القادمة عندما تتحدد بوضوح طبيعة الانتخابات التشريعية وإطارها القانوني والفضاء الذي سيسمح به للأحزاب المعارضة للعمل بكل حرية .
الجذاذة التقنية للدراسة:
• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 2009 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف
CATI) Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %2،3.
• تاريخ الدراسة: من 14 إلى 19 مارس 2022