من اجل المساواة والحريات الفردية «مطلبا نخبويا» لا يلبي تطلعات الشعب الذي تقتصر حقوقه لدى الرئيس على الحقوق الاقتصادية بالأساس.
منذ انتخابه رئيسا للجمهورية التونسية في اكتوبر 2019، حافظ قيس سعيد على عناصر خطابه السياسي المتعلق بقضايا المرأة، وجعلها جزءا من حزمة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، اذا ان حقوق النساء من وجهة نظر الرئيس تندرج ضمن الحقوق الاقتصادية لكل التونسيين مع بعض التمييز الايجابي.
تصور لقضايا المرأة ولحقوقها عبر عنه الرئيس بشكل مثالي في خياره الاحتفاء باليوم الوطني للمرأة 13 اوت الفارط، بالذهاب الى منطقة شعبية للحديث مع النساء الحرفيات وتعهده لهن «بعدم التراجع عن منح النساء حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية كاملة».
حقوق المرأة بالنسبة للرئيس كما عبر عنها بنفسه في كلمته هي «حقوق اقتصادية واجتماعية» وقد وعد النسوة بأنهن سيحصلن عليها «كاملة» وقوله ان «حقوقكن أمانة ولن أتراجع عنها وستبقى رؤوسكن مرفوعة».
اختزال الامر في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يتأكد مع كل خيار او نهج يتبعه الرئيس في علاقة بقضايا المرأة، وابرز ذلك في موقفه من «المساواة» حيث شدد على انه مع مبدإ الانصاف لا المساواة واعتباره ان المساواة في الميراث تتعارض مع النص الشرعي.
موقف الرئيس من قضايا المرأة وحرصه على ان يقتصر انتصاره لها على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تعبر عنه ايضا خياراته السياسية وخطاباته التي غابت عنها المرأة بشكل شبه كلي، وقد انجزت جمعية «أصوات نساء» دراسة حول قياس النوع الاجتماعي لرئيس الجمهورية، منذ تقلده لمنصبه بحثت فيها عن تفكيك السياسات والأنشطة الاجتماعية والسياسية التي قام بها الرئيس منذ2019
دراسة كشفت عن ان مبدأ التناصف في الوظائف الإدارية والوظائف السياسية لم يحترم من ذلك ان تمثيل المرأة في السلك الدبلوماسي وتحديدا نسبة السفيرات اللواتي اختارهن رئيس الجمهورية لم تتجاوز 10 بالمئة في السلك الدبلوماسي. كما ان الرئيس ومنذ صدور المرسوم عدد117 لم يصدر أي نص او مرسوم أو امر يعزز مكاسب المرأة التي يشدد الرئيس على انه ينتصر لها في جانبها الاقتصادي والاجتماعي.
هذا الحصر من الرئيس لجزء من حقوق المرأة دون البقية جعله في قطيعة معلنة مع المنظمات النسوية او المنظمات الوطنية الناشطة في قضايا المرأة، وقد عبر عن هذا خلال لقاءاته التي غاب عنها أي ممثل لحركة النسوية في تونس او أي نشاط سياسي بهذا الصدد.
وليس هذا فقط ما يبرز ان الرئيس في قطيعة غير معلنة مع الجمعيات او التيارات النسوية الباحثة عن اقرار المساواة بين الجنسيين وتمكين المرأة من المشاركة في شتى مجالات الفعل العام واركانه، فرئيس الجمهورية يعتبر اليوم ان قضايا المرأة لا يجب ان يقع فصلها عن قضايا المجتمع ككل، القضايا السياسية
والاقتصادية والاجتماعية، بل ويعتبر ان النخب الدافعة عن قضايا المرأة والمساواة بعيد كليا عن الشعب ومطالبه.
خطاب الرئيس يقوم بالاساس على الانتصار للشعب الذي جسده في صور نمطية ككيان متجانس مطالبه هي «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية» أي الشغل والحياة الكريمة وهنا يستوى الرجال والنساء في ذلك اذا تعلق الامر بحقوقهم وحرياتهم.