نادية عكاشة مديرة ديوان رئاسة الجمهورية: استقالة تربك المشهد السياسي العام وتضغط على الرئيس

اعلنت نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي أمس عن استقالتها من منصبها بسبب ما اسمته «اختلافات جوهرية»

في تدوينة لها على صحفتها الرسمية بـ«فايسبوك»، في تطور للأحداث السياسية وإعلانا عن مواسم جديدة للازمة التي طالت محيط الرئيس.
نشرت نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي مساء امس تدوينة مقتضبة في صفحتها الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي، اعلنت فيها بشكل مباشر عن انها «قدمت استقالتها لرئيس الجمهورية من منصب مديرة الديوان الرئاسي بعد سنتين من العمل».
استقالة قالت عكاشة ان اسبابها «اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلقة بالمصلحة العليا للوطن» لذلك فأنها قد ارتأت الانسحاب من المنصب مع التعبير عن امنياتها للجميع بالتوفيق ودعائها بان «يحمي هذا الوطن من كل سوء».
هذا نص تدوينة الاستقالة التي جاءت مساء امس كحدث رئيسي في البلاد في مسار سياسي اعلنه رئيس جمهورية في 25 جويلية الفارط وفصل محطاته في خارطة طريق في 13 ديمسبر الماضي والذي انطلق بـ«استشارة شعبية» في 15 جانفي الجاري.
مسار كان متعثرا ومحل انتقادات حادة من خصوم الرئيس بشتى انتمائتهم ومواقفهم من قراراه اعلان الحالية الاستثنائية قبل 6 اشهر من اليوم، لكن وباستقالة مديرة الديوان تلقى الرئيس اشد الضربات الموجهة اليه، فهي اول استقالة من المحيط الضيق للرئيس ممن يعتبرهم «ثقاته» واعضاده خاصة نادية عكاشة التي كانت بمثابة جدار الحماية الاول له في الفترة السابقة لـ25 جويلية.

استقالة عكاشة التي تبررها بوجود اختلافات جوهرية، تلقى بظلالها على المسار السياسي الخاص بالرئيس وتربكه اكثر مما هو عليه، اذ ان مديرة الديوان السابقة وعضد الرئيس التي لم تغب عن اية محطة كبرى كانت تقدم على انها من «اقوى» مستشاري الرئيس واحد مكونات العقل المدبر لسياساته وخططه. لذلك فان استقالتها ليست فقط انسحابا من «منصب» بل هي انسحاب من تصور سياسي ومشروع الرئيس ومحيطه وهذا يعني خسارة للرئيس، ايا كان الموقف من مديرة الديوان وتقييم مسارها في المنصب.
منصب سمح لنادية عكاشة طوال سنتين ان تكون في قلب الاحداث وراسمة لها، وهو ما يعنى انها على اطلاع ودراية بالتفاصيل الدقيقة لمشروع الرئيس او لخططه المستقبلية ومنها المسار السياسي المنتظر انتهاؤه بانتخابات تشريعية في 17 ديسمبر القادم. ويبدو انها أصبحت لا توافق الرئيس في تمشيه وسياساته.

رفض لم تحدد عكاشة مدى تعلقه بالتطورات التي جدت في البلاد منذ 25 جويلية وخاصة بعد تشكل الحكومة واعتمادها على سياسة القبضة الامنية لمجابهة كل الاحداث السياسية وبحثا عن «كتم» صوت المعارضة، سياسة امنية اسفرت عن عشرات الايقافات ووضع اشخاص قيد الاقامة الجبرية كما اسفرت عن وفاة مواطن احتج في 14 جانفي الجاري اثر 4 ايام من ايداعه في المستشفى لتلقى العلاج والرعاية الصحية.

تطورات كشفت ان الرئيس بات يعتمد على الذراع الامني في معالجة الملف السياسي، اي انه قرّب اليه توفيق شرف الدين وزير الداخلية ومنحه صلاحيات واسعة لتنزيل سياسة امنية يراد لها ان توفر «استقرار» المسار السياسي فكانت من اسباب ارتباكه وانتهت على ما يبدو الى تعميق الخلاف بين المقربين من الرئيس، وهنا بالأساس نادية عكاشة وتوفيق شرف الدين.

خلاف الثنائي وصراعهما لم يكن خافيا، منذ فترة حكومة المشيشي وما بعدها، ولكنه ومع بروز اسم توفيق شرف الدين ونادية عكاشة كمرشحين لمنصب رئيس الحكومة عاد للسطح وصعد من منسوب الاحتقان ينهما. احتقان قسم محيط الرئيس الى فرق ابرزها فريق شرف الدين وبعض من اقارب الرئيس والثاني فريق يضم عكاشة وشخصيات اخرى تقترب او تبتعد عن الفريق وفق الملف المثار.

استقالة يبدو انها اعلنت عن «الفرز» في محيط الرئيس وانتقاله الى مرحلة يبدو فيها ان دعاة السياسة الامنية قد هيمنوا وبات لهم وزن على توجه الرئيس وخياراته، مما يعنى ان الخلاف لم يكن بشأن عنصر وحيد من المعادلة السياسية للرئيس بل للتوجه العام الجديد له.
توجه اتسم بالصدام مع الجميع، احزاب ومنظمات والقضاء واليوم جزء من الفريق الاستشاري الخاص بالرئيس، الذي كانت استقالة عكاشة اعلانا عن بداية فصله جنبا الى جنب مع فصول اخرى ومنها فصل ادارة ملف المجلس الاعلى للقضاء.
مرحلة جديدة يدخلها الرئيس وتدخل معه البلاد اليها، عنوانها الابرز «الزلزال» الذي احدثه تفكك الحلقة الضيقة المحيطة بالرجل والمنتسبة الى مشروعه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115