ان يدلي بحوار صحفي ليقدم شروط دعم تونس، و المقابل المطلوب من السلطة التونسية هو ان توحد المسارات السياسية والاقتصادية والمالية معا.
رغم الاقرار الصريح الصادر عن ممثل صندوق النقد الدولي بتونس جيروم فاشيه بان البلاد ليست على حافة الافلاس وتاكيده في حوار صحفي لوكالة «فرانس برس» انه «لا يمكن القول إن تونس باتت على شفير الإفلاس المالي» إلا ان إدارة المالية العمومية «تتكيف مع الوضع وفق قوله وان كان ذلك «بطريقة غير مثالية».
ما يحول دون ان تكون البلاد على شفير الافلاس عدة عناصر لم يحدد منها جيروم غير واحد وهو ان «تونس ليس لديها استحقاقات لتسديد ديون كبيرة على المدى القصير» وهو ما يعنى انها وان كانت بعيدة عن الافلاس الا ان توازناتها المالية مستقرة فقط لفترة قصيرة الى حين حلول أجال سداد اقساط الديون أي ان البلاد على المدى المتوسط قد تشهد هزات عنيفة في توازناتها المالية.
لتجنب هذا يجب على تونس ان تقوم بإصلاحات هيكلية عميقة يحدد ممثل الصندوق ابرزها، وهي خفض «حجم قطاع الوظيفة العامة الذي يبلغ أحد أعلى المستويات في العالم» أي ان الصندوق لم يعد يطالب بالتحكم في نسبة كتلة الاجور بل يطالب بالتحكم في حجم العاملين في الوظيفة العمومية والقطاع العام.
ومن وجهة نظر الصندوق «الثقل الكبير» لموظفي للقطاع العام وأجور الموظفين العموميين البالغ عددهم 650 ألفا يستحوذ على أكثر من نصف نفقات الدولة السنوية، دون احتساب 150 الف عامل في المؤسسات العمومية الاقتصادية. وهذا ما يجعل من كتلة الاجور «من الأكبر في العالم» و تمنع البلاد التونسية من زيادة «النفقات في الاستثمار ونفقات الخدمات العمومية من تعليم وصحة».
لهذا وجب العمل على هذا الملف للتحكم في حجم القطاع العام بشقيه ويقوم هنا بالربط بين كتلة الاجور ووضع « الشركات العامة» الناشطة في مجالات مختلفة من اتصالات وكهرباء ومياه شرب ونقل جوي وغيرها من قطاعات تنافسية، ولم يغفل الرجل عن الحديث عن ملف الدعم وخاصة في المحروقات.
هنا قدم الصندوق مطالبه او تصوراته الاصلاحية ليدعم الدولة التونسية. وهذه المطالب قد يتمكن من تقديمها بشكل موضوعي على انها تقنية. ولكنه يقدم شرطا سياسيا اكثر دقة من ذي قبل حينما صدر بيان ماي 2021 الذي اشار الى ضرورة التوافق بشان الاصلاحات بين المكونات السياسية والاجتماعية.
اليوم وفي حواره كشف جيروم ان الشرط الفعلي للصندوق هو توحيد المسارات السياسية والاقتصادية والمالية، فهو وان اشار الى ان المحادثات لا تزال في مرحلة تمهيدية، يبحث من خلالها الصندوق على معرفة « نوايا السلطات « بشأن الاصلاحات الاقتصادية.
وهنا يعرب الصندوق عن شرطه بكلمات مفتاحية، فهو يريد ان يدعم البلاد بعد ان يتوفر لها «برنامج متين وموثوق على المدى المتوسط» وهذا البرنامج يجب ان يعرض على الشعب ويشرح له مثلما تشرح اسبابه.
من هذه الكلمات يتضح ان الصندوق يرفض التعامل مع الحكومة التونسية في اطار «الإدارة» والاقتصار على هذا الجانب وان كان يعتبر ان خطوات الحكومة «جهد فني « يكشف «إدراكا للتحديات الرئيسية والمشاكل الرئيسية فهذا الأمر يشكل قاعدة جيدة لتحضير برنامج إصلاحات والالتزام به».
هنا وبشكل صريح يفرض الصندوق على الحكومة ان تتقدم ببرنامجها الاصلاحي الى التونسيين وفي صدارتهم المنظمات الاجتماعية، وان يكون البرنامج محل نقاش تقدم فيه المعطيات والحقائق، بعبارة ادق الصندوق يطلب بان يلتقى المسار السياسي المنطلق اليوم في تونس مع المسار الاقتصادي والمالي بهدف تحقيق شرط اساسي للصندوق وهو ان هذه الاصلاحات ستطبق أيا كان في الحكم.
شرط الصندوق سيكون على السلطة التنفيذية وأساسا رئاسة الجمهورية ان تحققه وان تعيد قراءة المشهد برمته، فالتوافق على البرنامج الاصلاحي مقترن بتوافق على المسار السياسي الذي يقوده الرئيس بمفرده في ظل موجة معارضة متصاعدة.
شروط صندوق النقد الدولي توحد المسار السياسي والاقتصادي: الحكومة مسؤولة عن مصارحة الشعب
- بقلم حسان العيادي
- 13:12 18/01/2022
- 900 عدد المشاهدات
نادرا ما تكلم صندوق النقد الدولي بشكل صريح ومباشر كما فعل ذلك «جيروم فاشيه» ممثل الصندوق في تونس الذي اختار