الذي تريد به الحكومة حصر التفاوض الاجتماعي في «المركز» / كنقلة اولى تستطلع من خلالها رد الاتحاد لتحدد باقي الخطوات.
«منشور سيء الذكر» هكذا وصف المتحدث الرسمي للاتحاد العام التونسي للشغل المنشور عدد 20 الذي كشف عنه منذ يومين عن رئيسة الحكومة نجلاء بودن والذي ينص صراحة على الغاء وتعويض المرسوم عدد10 الصادر في 2014 والذي يقر بالمفاوضات القطاعية ويمنح الوزارات والمؤسسات صلاحية ادارة المفاوضات مع النقابات على ان تكون عملية ابرام الاتفاقات حكرا على رئاسة الحكومة.
ما اعلنته نجلاء بودن بمرسومها عدد 20 انه يجب التنسيق المسبق مع رئاسة الحكومة قبل الشروع في اية مفاوضات مع النقابات، وان ترحل اليها المطالب النقابية مع تقارير مفصلة تتضمن التكلفة المالية للمطالب.
هذا المنشور الذي اصدرته الحكومة في الـ9 من ديسمبر الجاري، بالتزامن مع توجيه مراسلة سرية للاتحاد تتضمن عناصر من خطة الحكومة للاصلاحات الكبرى وفق شروط صندوق النقد الدولي، لا تقف اثاره على المسائل التقنية وعلى من يدير المفاوضات، الوزارات او رئاسة الحكومة ذلك أن تحديد شكل التفاوض ومجاله سواء اكان مفاوضات اجتماعية مركزية أو مفاوضات قطاعية، بمثابة النقلة الاولى على رقعة الشطرنج بين لاعبين، اللاعب الاول هنا الحكومة ترريد من خلالها ان تجس النبض وان تربح مساحات تمكنها من حسن ادارة المعركة بينها وبين الاتحاد وان تجعلها معركة مركزية.لكن الاتحاد اجابها على لسان المتحدث باسمه ولوح بان منشور الحكومة سيولد احتقانا وسيدفع بالطرفين الى المواجهة عبر الية الاضرابات، هنا وصف الطاهر وزارة الشؤون الاجتماعية بانها ستكون كمن يدعو إلى الإضرابات، مع التلويح بالتصعيد والدعوة للتراجع عن المرسوم، وهي ايضا النقلة الاولى للاتحاد ضمن هذه اللعبة.
نقلتان تكشفان ان الطرفين، حكومة واتحادا، يجس كل منهما نبض الاخر بملف المفاوضات القطاعية لتحديد شكل المواجهة القادمة والى اي مدى سيمضي كل منهما فيها. فالحكومة التي تسيّر من قصر قرطاج باتت كرأس حربة في صراع متعدد الجوانب بين الرئاسة والاتحاد.
لئن كانت الرئاسة تدير الجانب السياسي بشكل صريح عبر هجوم خطابي من الرئيس على الاتحاد في كل مناسبة تتوفر له، ومنها تهكمه على «الصف الثالث» وتلويحه بانه لا يخشى صفا ثالثا او رابعا او خامسا. وانه ينتمي لصف الشعب الذي له عمق فيه اكبر من عمق الاحزاب والمنظمات. ورد الاتحاد عليه من صفاقس بما حمله من رسائل صريحة وأخرى مشفرة.
اما المفاوضات الاجتماعية فتلك نقطة ثانية تديرها الرئاسة عبر الحكومة التي زجّت بها في الصراع مع النقابة، بهدف تنزيل الاصلاحات الاقتصادية، والتي تتضمن من بين بنودها تجميد الزيادة في الاجور، وخطوة الحكومة تسير في هذا الاتجاه بتجميع كل المفاوضات تحت سقفها لتجنب ابرام اتفاقيات تلزمها لاحقا وتتضمن تكلفة مالية.
هذا ما يدركه الاتحاد ويدرك معه ان التخلى عن مرسوم عدد 10 لسنة 2014 سيكون ضربة موجهة اليه لذلك يسارع برد الفعل والتلويح بالتصعيد والتهيؤ لما هو قادم، فالاتحاد وان كان يتفاعل مع خطوات الحكومة الا ان كل تركيزه منصب على ما قد يحمله قانون مالية 2022 لذلك ينتظر ويدخر الجهد للمعركة الكبرى التي قرعت طبولها من صفاقس.