وعن الانفجار الثوري وعن عودة السلطة للشعب. لكنها في المقابل تتجه الى الادارة لتطالبها بتقديم حلول مقترحات حلول لكيفية ادارة البلاد.
يوم امس نشرت رئاسة الحكومة بلاغا اعلنت فيه ان نجلاء بودن اجتمعت بعدد من المديرين العامين والمسؤولين عن الهياكل الراجعة بالنظر لرئاسة الحكومة. وهي هياكل ذات طابع اقتصادي واجتماعي وهياكل رقابة. وهياكل مساندة، وأخيرا مؤسسات ومنشآت عمومية.
اجتماع دعت فيه رئيسة الحكومة كل الحاضرين إلى ضرورة ادخال تغييرات على طرق العمل وتطويرها ومشاركة الجميع من أجل إنجاح الإصلاحات التي تعتزم الحكومة القيام بها كما طالبتهم بضبط برنامج عملهم الى غاية نهاية هذه السنة واعداد برنامج عمل للسنة القادمة وتقديم مقترحاتهم لأهم الإصلاحات على المستوى الوطني والتي يرونها ضرورية باعتبارهم يمثلون قوة اقتراح، بعد ان اعلمتهم أن هياكل الادارة تبقى العمود الفقري لإنجاح هذه الإصلاحات والعمل الحكومي بصفة عامة.
بلاغ اذا وقع اختزال أهم ماورد فيه سيكون طلب رئيس الحكومة من المدرين العاميين التابعين لمنشات او مؤسسات تحت اشراف رئاسة الحكومة، اي الاطارات العليا للإدارة التونسية الى تقديم «مقترحات» لكيفية ادارة الحكم وتقديم أفكار واقتراح سياسات عمومية.
والاهم انه يكشف بشكل صريح وجلي عن ان الحكومة لا تصورات سياسية لها ولا افكار او حلول للازمات التي ورثتها. ولتجاوز هذا النقص تتجه الى الادارة لتقديم مقترحات لها في اغفال صريح الى ان الادارة جهاز لتنفيذ السياسات وتطبيق الافكار التي تقدم اليها من السلطة السياسية اي الفاعلين السياسيين المنتخبين من اجل تحقيق برامج وافكار. وليست هي- اي الادارة- التي ترسم السياسات العامة لبلاد.
ما أقدمت عليه رئيسة الحكومة من تمش يطرح اشكالا جوهريا في تحديد وفهم الحكم وأركانه والقائم عليه في تونس. اي هل نحن امام حكم الادارة او حكم السلطة التنفيذية رئاسة جمهورية وحكومة؟.
اشكال لم تكن رئيسة الحكومة اول من اثاره، فرئيس الجمهورية ومن خلال شعاره في الحملة الانتخابية «الشعب يريد» اوضح ان الحكم من خلال مقاربته هو تمكين «الشعب» من تحقيق تطلعاته وإرادته وتقديم حلوله ومشاريعه التي ستكلف الادارة لاحقا بتحقيقها.
هذه المقاربة التي اعتمدها الرئيس وعبر عنها بأشكال عدة بهدف التأكيد على ان «الحكم» ليس ادارة الشؤون العامة وتيسير حياة الناس بل تقديم اليات وأدوات قانونية للناس لتحقيق ارادتها. مقولة اعتبرها جوهر فكره السياسي الذي انطلق في تنزيله منذ 25 جويلية الفارط.
وقد تحدث الرئيس عن ان السياسات اهم من الحكومة. وذلك لدى شرحه لأسباب التأخير في اختيار خليفة المشيشي في القصبة. شرح انطلق من ان ازمة البلاد ليست في الفريق الحكومي بل في السياسات العمومية التي سيطبقها هذا الفريق يومها تحدث الرئيس عن ان مؤسسات البلاد تشتغل على احسن وجه بفضل المدرين العامين والاطارات الادارية التي المح الى انها ليست في حاجة لحكومة بل لسياسات تقدم لها لتطبيقها.
سياسات كشف الرئيس منذ اول اجتماع مجلس وزاري في سبتمبر الفارط انها غير جاهزة، ومنذ ذاك المجلس وما تلاه كشفت السلطة التنفيذية عن انها لا تمتلك حلولا لمعالجة الازمات التي ورثتها بل انها تطالب بان يقع تقديم المقترحات لها وحلولا لما ورثته من ازمات.
تمش تقدمه السلطة التنفيذية على انه مقاربة جديدة غير تقليدية في ادارة الشأن العام. وهذا خطابها التسويقي الذي تريد له ان يرسخ في اذهان المتلقي. لكن ممارسات السلطة خلال الايام الممتدة من الخميس 4 نوفمبر الى اليوم الخميس 11 من ذات الشهر، يكشف اننا امام سلطلة تنفيذية لا تمتلك اي سياسات عمومية لادارة البلاد، اي سياسات اقتصادية واجتماعية ومالية وكل ما يتعلق بالشؤون اليومية للمواطنين سواء منها العاجل او الآجل.
لتعويض هذا فانها تلجأ الى «الادارة» بالاساس لطلب المقترحات او الحلول الممكنة دون تقديم تصورات او سياسيات عمومية لها تكون مرشدة للادارة في صياغة برامج تنفيذية او مقترحات مشاريع، هي تكتفي بطلب الحلول والمقترحات.
خيار يبين اننا امام سلطة تنفيذية لم تحدد بعد ماالذي تريده من «الحكم» وهل هي في السلطة بهدف الحكم دون تحمل مسؤولياته ام هي في الحكم لتحقيق التغيير الذي تعد به و اعادة صياغة مشروع مجتمعي جامع لكل اطياف التونسيين.
ما يخشى للاسف انه والى حد الان لم تقدم السلطة التنفيذية سواء منها رئاسة الجمهورية او الحكومة اية مؤشرات تفيد بانها تمتلك «مشروعا» متكاملا، فقط هناك تصورات لنظام الحكم الذي يعكس تشتيتا لمسؤولية الحكم وترسيخا لسلطة تنفيذية مركزية . اي اننا امام تصور يترك انطباعا بان من يمسك بالسلطة اليوم يمسك بها فقط من اجل «الحكم».
السلطة التنفيذية رئاسة وحكومة: الحكم، هل هو الغاية أم هو أداة التغيير ؟
- بقلم حسان العيادي
- 09:28 11/11/2021
- 752 عدد المشاهدات
تعدّدت في الاسابيع الاخيرة المؤشرات التي تخبرنا اننا امام سلطة تنفيذية تعلن عن خطاب وتمارس عكسه. اذ تتبنى مقولات كبرى عن التغيير الجذري