• 77 ٪ تدابير يوم 25 جويلية • 84 ٪ تواصل رفع الحصانة البرلمانية عن جميع النواب • 68 ٪ تعيين نجلاء بودن كرئيسة للحكومة • 76 ٪ تواصل تعليق عمل مجلس النواب • 75 ٪ وضع حدّ لكافة منح وامتيازات النواب
• 54 ٪ تشكيلة الحكومة إلتي قدمتها نجلاء بودن • 51 ٪ جمع الرئيس للسلطتين التنفيذية والتشريعية
قراءة وتحليل زياد كريشان
الباروميتر السياسي لشهر أكتوبر الجاري الذي تنجزه مؤسسة «سيغما كونساي» بالتعاون مع جريدة «المغرب» يأتينا بمعطيات هامة للغاية إذ تجدون فيه علاوة على الأسئلة التقليدية (التفاؤل العام والثقة في الشخصيات السياسية وفي هيئات ومؤسسات البلاد ) أسئلة جديدة تتعلق بتقييم جملة الإجراءات الأساسية التي اتخذها رئس الدولة منذ 25 جويلية الفارط واختلاف المواقف حولها باختلاف المواقع السياسية كما نرى فيها موقفا عاما من العشرية الأخيرة مقارنة بما كان عليه الوضع زمن بن علي.
للشهر الثالث على التوالي تكون نسبة ثقة التونسيين في المستقبل مرتفعة للغاية إذ تعتبر ثلاثة أرباع العينة (%74.3) أن البلاد تسير في الطريق الصحيح، ولكن وكالعادة التونسيون ليسوا متساوين في تفاؤلهم ولا في تشاؤمهم أيضا .
• جهويا صفاقس وولايات الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين) هي الولايات الأكثر تفاؤلا بـ%81 بينما يتراجع هذه النسبة الى حدود %70 في الشمال الغربي (باجة وجندوبة والكاف وسليانة) وفي الجنوب الغربي كذلك (قفصة وتوزر وقبلي) وتكون في إسوإ نسبها في الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين) بـ%63 والواضح هنا أن من أهم ما يفسر هذه الفوارق هي القوة النسبية للحركة الإسلامية في هذه المنطقة بالذات (الجنوب الشرقي) كما سنرى فيما بعد تبقى القواعد الانتخابية للقواعد الاسلاموية الأقل قبولا بـ25 جويلية وبمخرجاته .
• جندريا النساء أكثر تفاؤلا نسبيا من الرجال (%76.1 مقابل%72.4) وقد يعود هذا إلى الانتظارات الملموسة لتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأفراد وللعائلات وفي الخدمات العمومية كذلك .
• يبدو أن مستوى الانتظارات الأرفع هو عند الطبقة الوسطى السفلى والتي تشهد نسبة تفاؤل قياسية بـ%79.7 بينما تنخفض هذه النسبة إلى ما دون الثلثين (%65.5) عند الطبقة المرهفة كما انه من اللافت أن نسبة التفاؤل عند الطبقة الشعبية (%71.4) دون المعدل الوطني أي أن طرفي النقيض الاجتماعي هما الأقل تفاؤلا بينما تصعد هذه النسبة في الوسط ولاسيما عند الفئات الأقل اندماجا وحظا في الدورة الاقتصادية (الطبقة الوسطى السفلى)
• المفارقة الكبرى نجدها في مستوى الأجيال فالشباب (18-25 سنة) هم الأقل تفاؤلا بوضوح (%60.4) مقابل ارتفاع هذه النسبة إلى زهاء %80 عند كبار الكهول (45 -59 سنة) وعند من تجاوزوا الستين سنة ..فالشباب ،وهم الأكثر دعما لقيس سعيد ،هم الأقل تفاؤلا في نفس الوقت وقد يعود هذا إلى شكوكهم الكبيرة حول تحسن أوضاعهم الاجتماعية وخاصة حول دخولهم الى سوق الشغل من أفضل أبواب ممكنة.
• معرفيا تتراجع نسبة التفاؤل كلما تقدم التونسي في التحصيل الدراسي فالأميون هم الأكثر تفاؤلا بـ%83 ثم تتراجع هذه النسبة تدريجيا إلى أن تصل الى %73 عند أصحاب مستوى التعليم العالي ..
في المحصلة يمكن أن نقول أن التونسي المتفائل هو امرأة تجاوزت الستين ولم تذهب إلى المدرسة من الطبقة الوسطى من ولاية صفاقس أما التونسي الأقل تفاؤلا فهو شاب من الجنوب الشرقي ذو مستوى تعليم عال ومن الطبقة المرفهة.
نحن بالطبع أمام نمذجة مُبسّطة ولكن ارتفاع نسبة التفاؤل تجعل من كل فئات وجهات وأجيال وأنواع المجتمع متفائلة وإن كان ذلك بنسب متفاوتة .
• نسبة التفاؤل وفق الاختيار السياسي والانتخابي للتونسيين
عندما نحاول الربط بين نسبة التفاؤل وبين الاختيار الانتخابي للشخص ذاته في تشريعية 2019 نجد نتائج لافتة للنظر .
التفاؤل مرتفع جدا عند من صوت لقلب تونس في 2019 وهو الرقم القياسي في هذا المضمار بـ%83.3 وهو مرتفع أيضا وفوق المعدل الوطني عند القاعدة الانتخابية لحركة الشعب (الحزب البرلماني الوحيد الذي يعلن عن مساندته التامة لرئيس لدولة) بـ%81 وهو يتقاسم هذه المرتبة مع القاعدة الانتخابية للدستوري الحرّ بـ%81 كذلك .
تنزل هذه النسبة تحت المعدل الوطني عند أنصار التيار الديمقراطي بـ%70.7 ثم تتردى إلى %55.9 عند القاعدة الانتخابية النهضوية ولكنها تبقى مع ذلك إيجابية رغم أن حركة النهضة هي المتضررة الأساسية من 25 جويلية ،ولا يكون التشاؤم هو الغالب إلا عند القاعدة الانتخابية لائتلاف الكرامة : %40 متفائلون و%50 متشائمون أما عند بقية الأحزاب وعند من لم يصوت كذلك في التشريعية فإن نسبة التفاؤل ارفع بقليل من المعدل الوطني .
ما الذي تعنيه هذه الأرقام ؟
بداية نحن أمام إعلان الموت السريري لحزب فلب تونس إذ غادرته قاعدته الانتخابية بشكل نهائي ،وهي لم تكتف بذلك بل اعتبرت نفسها منخرطة وبقوة في المسار الذي قام – فيما قام عليه – ضد قيادة حزبها ..
النسبة المرتفعة من التفاؤل عند القاعدة الانتخابية للدستوري الحر تشير إلى صعوبة التموقع القادم لحزب عبير موسي فالحزب قد تمكن ولاشك من جلب أنصار كثيرين لم يصوتوا له في تشريعية 2019 ولكن قاعدته الانتخابية الصلبة تجد نفسها منجذبة للسياقات السياسية الجديدة إذ تعتبر أن قيس سعيد قد أنجز المطلب الرئيسي لعبير موسي ولحزبها وهو إقصاء الإسلام السياسي وعليه يكون الاقتراب من صاحب القدرة على الفعل أولى من البقاء مع من لا يملك سوى سلاح الكلمة ..
كما تفيدنا هذه الأرقام بأن القاعدة الانتخابية لحركة النهضة غاضبة جدّا على قيادات حزبها وهي ليست مستعدة للانخراط في حملتها اليوم ضد «الانقلاب» بل وقد تلتحق بالمشروع السياسي لقيس اذا تبلور بشكل يرضيها في المستقبل .
القاعدة الانتخابية في أفضل حال نسبيا ولكنها مع ذلك منقسمة هي الأخرى وتميل أقلية هامة فيها إلى الابتعاد عن الخط السياسي لقيادتها الحالية .
• تقييم التونسيين لأهم قرارات رئيس الجمهورية
بعد حوالي ثلاثة أشهر من إعلان رئيس الدولة يوم 25 جويلية عن تفعيله للفصل 80 من الدستور وفق قراءته المتوسعة جدا نجد أن الدعم الشعبي مازال مرتفعا للغاية لهذا الإعلان،وهو يكاد يكون شبه إجماعي إذ يؤيد هذه القرارات %91 من المستجوبين من بينهم %77 يؤيدونها تماما و%14 يؤيدونها إلى حدّ ما ..
سوف نعتمد في ما يلي على نسبة التأييد التام لأهم قرارات رئيس الدولة إذ هي التي تعبر أكثر من غيرها عن (التأييد العام أي التأييد التام مع التأييد النسبي) على المهجة الحقيقية للرأي العام اليوم .
%77 إذ يؤيدون تماما إجراءات وقرارات 25 جويلية 2021 وبنسب متشابهة نجد تأييد تواصل تعليق عمل البرلمان (%76) كذلك إيقاف كافة المنح والامتيازات لرئيس مجلس النواب ولأعضائه بنسبة %75 ولكن من اللافت أن ترتفع هذه النسبة إلى %84 عندما يتعلق الأمر بتواصل رفع الحصانة عن جميع النواب بما يفيد الرغبة الجامحة لعموم التونسيين في المحاسبة القضائية إذا لزم الأمر لمن يعتبرونهم سبب الأزمة العميقة التي تعيشها البلاد بعد 10 سنوات من الحكم شبه المجلسي (من المجلس التأسيسي إلى مجلس النواب).
يمكن أن نعتبر أن هذه القرارات الأربعة التي ذكرناها هي الأكثر مقبولية ومساندة من قبل ما لا يقل عن ثلاثة أرباع العينة ،بل وتصل المساندة العامة (تامة + نسبية) إلى حدود %90.
المستوى الثاني من المساندة نجدة في تعيين نجلاء بودن كرئيسة للحكومة والذي يحظى بمساندة تامة من قبل %68 من التونسيين .
ثم ننزل إلى المستوى الثالث من المساندة فنجد أن %54 يساندون تماما التشكيلة الحكومية التي قدمتها نجلاء بودن ويحصل جمع الرئيس قيس سعيد لجلّ السلط في يديه هو الإجراء الذي يجد المساندة التامة الأقل بـ%51 فقط كما يجد المعارضة التامة الأقوى بـ%14 وبصفة أهم %72 يساندون (كليا و جزئيا) هذا الجمع لكل السلط بينما يعارض (كليا أو جزئيا) %26 هذا التمشي لرئيس الدولة ..
وهكذا نرى أن المساندة الكثيرة لقرارات رئيس الدولة تخفي تضاريس هامة وتعكس انتظارات مختلفة يمكن أن نلخصها كما يلي : نعم وبصفة كبيرة لغلق قوس مجلس نواب الشعب كما ظهر في صورته الأخيرة بما في ذلك الحصانة لمحاسبة كل من يجب محاسبته،ثم ترحيب هام بنجلاء بودن كرئيسة للحكومة أما الترحاب بحكومتها فهو نسبي كما أن جمع السلط بين يدي رئيس الجمهورية حتى وإن كان يحظى بمساندة واضحة الى حد الآن لكنه يثير مخاوف جزء هام من المواطنين،والواضح أن هذه المخاوف ستزداد مع مرور الوقت وبقاء الوضع على حاله .
• الإصلاحات السياسية الممكنة لرئاسة لجمهورية
اقترحنا على العينة خمسة خيارات ممكنة قد يلجا إليها رئيس الدولة فوجدنا أن الاقتراح الذي يحظى بمساندة تامة هو تعديل القانون الانتخابي (%65 مساندة تامة و%22 مساندة نسبية) وقريبا من هذه النسبة إجراء استفتاء حول تعديل الدستور (%62 مساندة تامة و%22 مساندة نسبية) .
مواصلة العمل بالتدابير الاستثنائية يحظى بمساندة اقل (%51 تامة و%26 نسبية ) أما
الدعوة الى نتخابات سابقة لأوانها فلا تحظى بمساندة تامة من قبل الهينة إلا بـ%41 تضاف إليها %16 من المساندة النسبية
الخيار الوحيد الذي لا يحظى بمساندة التونسيين هو إعادة النشاط البرلماني اذ يعارضه بشدة %62 بينما لا يسانده تمام لا %15 يضاف إليهم %12 من المساندة نسبيا .
نوع الحكم إلي يفضله التونسيون
%71 من التونسيين يفضلون النظام الرئاسي مقابل %5.2 للنظام البرلماني مع حوالي الربع (%23.1) لنظام مزدوج أي نوع من التأليف بين الاثنين.
عندما ننظر لهذه النتائج ونضيف إليها رأي التونسيين في الإصلاحات الممكنة لرئيس الجمهورية ندرك بوضوح أن المهجة الحالية هي رئاسة صرفة بل وتذهب حتى إلى نوع من إلغاء البرلمان أصلا ودليل ذلك ضعف الحماس الى الدعوة لانتخابات مبكرة .
• الوضع اليوم أسوأ مقارنة بما قبل الثورة
لعل المعطى الصادم في هذا الباروميتر هو اعتبار غالبية واضحة من التونسيين أن الوضع العام للبلاد قبل الثورة كان أفضل مما هو عليه الآن (%61 مقابل %28) وعندما نفصل الوضع العام إلى أبعاده الثلاثة الرئيسية الأمني والاجتماعي والاقتصادي نجد دوما نفس الإجابة : الوضع قبل الثورة كان أفضل بـ%51 في الأمن و%71 في الأوضاع الاجتماعية و%81 في الاقتصاد .
لم يتم سؤال العينة حول الحريات ولسنا ندري هل ستنجو هذه الأخيرة من الغرق العام لعشرية ما بعد الثورة أم لا .
هذا الحكم السلبي للغاية على العشرية الأولى لما بعد الثورة مقارنة بأوضاع البلاد السابقة يجعلنا ندرك بصفة أفضل لما التحقت ودعمت شخصيات عدة محسوبة على نظام بن علي التدابير الاستثنائية ليوم 25 جويلية كذلك التنظيم المؤقت للسلط العمومية الصادر يوم 22 سبتمبر إذ تريد أن ترى هذا المسار الذي يشقه الآن الرئيس قيس سعيد نوعا من استعادة ما كان موجودا قبل الثورة وخير ضمان لغلق قوس بصفة نهائية .
• الثقة الكبرى في الشخصيات السياسية : نجلاء بودن
في المرتبة الثانية
العنصر الجديد الأساسي في مؤشر الثقة الكبرى في الشخصيات السياسة هو البروز الفارق لرئيسة الحكومة نجلاء بودن التي تحتل المرتبة الثانية برصيد %51 من الثقة الكبيرة بعد رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يحلق عاليا مرة أخرى ب%77 محرزا تقدما بأربعة نقاط مقارنة بالشهر الفارط .
بعد ثنائي الحكم هذا نجد بعيدا عنهم الثالوث عبد الفتاح مورو وعبد اللطيف المكي بـ%17 لكليهما والصافي سعيد بـ%16
في الحقيقة نحن أمام وضعية واضحة للغاية : ثقة كبيرة للغاية في رئيس الجمهورية وفي رئيسة الحكومة التي عينها ثم ارتياب عام لا ينجو منه احد حتى لو كان ضمن خماسي الطليعة
• انعدام الثقة تماما في الشخصيات السياسية :
أرقام قياسية جديدة للغنوشي ولحلفائه
في مؤشر الانعدام الكلي للثقة في الشخصيات السياسية نجد أرقاما قياسيا جديدة لراشد الغنوشي ولأبرز حلفائه إذ لا يثق مطلقا في زعيم النهضة %90 من التونسيين يليه نبيل القروي بـ%85 ثم سيف الدين مخلوف بـ %81 فالمنصف المرزوقي
بـ%80 ويختم هذا الخماسي هشام المشيشي بـ%76 : أي الرؤساء الثلاثة لأحزاب الحزام السياسي يضاف إليهم رئيس الجمهورية المؤقت الأسبق ورئيس الحكومة التي أطاحت بها التدابير الاستثنائية
على قائمة العشرين شخصية ثلاث شخصيات فقط نجت من طوفان الارتياب هذا : نجلاء بودن بـ%5 من انعدام الثقة الكلية ثم قيس سعيد بـ%6 يليها فاضل عبد الكافي بـ%25 ..أرقام تدل على حجم القطيعة بين هموم التونسيين والطبقة السياسية السائدة خلال العشرية الأولى للثورة .
من خلال هذه الجولة المطولة مع الباروميتر السياسي لشهر أكتوبر اكتشفنا أشكال تشكل الوعي الجديد عند التونسيين بعد حوالي ثلاثة أشهر من التدابير الاستثنائية بأحلامه ومخاوفه وتناقضاته كذلك ..
نحن أمام صورة واضحة ولاشك ولكنها مدعوة لتحولات هامة في الأسابيع والأشهر القادمة
كيف ستكون وعلى أي نحو ستستقر ؟ الأكيد أن التاريخ لم يكتب بعد .
في عدد قادم
سبر آراء نوايا التصويت
في التشريعية والرئاسية لشهر أكتوبر 2021
الجذاذة التقنية للدراسة:
• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 107 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف
CATI) Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %3.
• تاريخ الدراسة: من 14 أكتوبر إلى 17 أكتوبر 2021