في كلمتها امس إثر ادائها لليمين الدستورية كرئيسة للحكومة قدمت نجلاء بودن ما اعتبرته الخطوط العريضة لعمل الحكومة في الفترة القادمة وأولوياتها التي قالت عنها انها «استرجاع ثقة المواطن واسترجاع الثقة في الدولة»
نجلاء بودن وهي تقدم بيان حكومتها اكدت ان توجهات العمل ستكون حول نقاط اولاها الثقة التي يجب ان تستعاد ولا يمكن ان تتحقق الا بان يشعر المواطن انه يتمتع بكامل الحقوق وان القانون سيطبق سواسية على الجميع. كما ان هذه الثقة لا تتحقق إلا بمحاربة الفساد.
الاولوية الثانية هي اعادة الامل في المستقبل وتحسين ظروف العيش، وهذا يقود لأولوية حكومتها وهي «نجاعة العمل الحكومي» التي قالت عنها أنها تقوم على تجسيد مبدإ المراقبة والمحاسبة، فيما تمثلت اولويتها الرابعة والخامسة في الملف الاقتصادي وانعاشه وتحسين ظروف حياة الناس.
5 نقاط قالت عنها بودن انها الاولويات التي ستشرع فوريا في العمل عليها، ولكن ما لم تقله رئيسة الحكومة هو كيفية معالجة الملفات العاجلة، واولها ملف المالية العمومية. فهذا من بين حزمة ملفات ستجدها رئيسة الحكومة على طاولتها وتحتاج الى معالجة باسرع ما يمكن وتمثل تحديا للفريق الحكومي وضغطا عليه اذ ان الحكومة التونسية اليوم وبعد ادائها لليمين الدستورية ستكون هي الجهة المشرفة على تنزيل السياسيات وتنفيذ البرامج، وستكون الجهة المشرفة على اية مفاوضات تكون الدولة التونسية مشاركة فيها، ولعل اول واهم هذه المفاوضات تلك التي ستكون مع صندوق النقد الدولي والتي ستكون محددة في باقي مسار تعبئة موارد مالية للخزينة العامة وان في اطار مفاوضات ثنائية بين تونس ودول صديقة او شقيقة.
فتونس تعاني من ضغط على ماليتها العمومية ومن تعثر غلق ميزانيتها لسنة 2021 وصياغة مزانية وقانون مالية لسنة 2022، وفي كليهما هي مجبرة على خوض مفاوضات لتعبئة موارد مالية، ستكون بودن هي جهة الاشراف على هذه المفاوضات وهي التي ستتحمل تبعاتها. وهذا ما قد يتضح بعد ايام في صندوق النقد الدولي له خلال اليومين القادمين اجتماع سنعلم هل ستشارك فيه الحكومة ام لا.
ولم ترث بودن عجزا في المالية العمومية فقط بل ورثت ملفات جمة، تتعلق بالمفاوضات الاجتماعية مع اتحاد الشغل فاليوم بوجود حكومة في البلاد ستستأنف التحركات الاحتجاجية والمطلبية والمفاوضات بين الحكومة وبين الفاعليين الاجتماعيين. اي ان الحكومة على وشك ان تواجه تحركات مطلبية اجلت في السابق بسبب غياب الحكومة واليوم وبوجود حكومة ستستأنف هذه التحركات من جديد وستجد الحكومة نفسها في مواجهة محتجين لهم مطالب.
هذه ليست الملفات الاثقل على مكتب رئيسة الحكومة فهي شاملة وعديدة، تتعلق بما هو سابق لتاريخ 25 جويلية وما بعده، وتختلف تفاصيلها وتداعيتها، ولكن ملفي المالية العمومية وقانون مالية 2022 هما الرهان الاكبر لهذه الحكومة التي ورثت مخططات اصلاح معطلة منذ سنوات وبات تنزيلها ضرورة قصوى.
كما ان تنزيل وعود الرئيس واشاراته العديدة لتحسين حياة الناس وظروفهم الاجتماعية ستكون من الملفات الثقيلة وقد تحدث نجلاء بودن عن ذلك بحديثها عن تحسين القدرة الشرائية دون ان تشرح ان كان هذا عبر زيادة في الاجور؟.
ملفات ستكون الامتحان الاصعب لحكومة بودن التي وان وجدت في غطاء الرئيس وشعبيتها ما قد يمنحها حيزا للحركة وهامشا لها فان هذا قد يمثل ضغطا اضافيا عليها في قادم الايام.