ذلك «مصادفة»، والصدف لا تتكرر كثيرا وهذا ما يجب ان يستوعبه الفاعلون في الحكم اليوم. فإذا كانت لديهم استراتيجية عليهم الاعلان عنها واذا كانوا يفتقرون إليها عليهم وضعها في اسرع وقت.
منذ منتصف شهر فيفري الفارط ظلت الدولة التونسية ممثلة في الحكومة تعلن عن انها تخوض حربا على «الكورونا» وانها في طور رسم استراتيجية وطنية لخوض هذه الحرب، لينطلق مسار رسم استراتيجية التلقيح التي عدلت طوال الحرب على الجائحة لاسباب شتى.
استراتيجية وحيدة هي ما اعلنته الحكومة الحالية، وهي استراتيجية التلقيح بإطلاقها لحملة وطنية للتلاقيح اكتشف لاحقا ضعفها وعدم تطابقها مع وقائع الأرض. خاصة إذا ما تعلق الأمر بمخزون اللقاحات المتوفرة لدى الدولة او في انتشار مراكز التلقيح وفي تشجيع التونسيين على الانخراط في منظومة ايفاكس وغيرها من العثرات التي بينت ضعف استراتيجية التلقيح.
أما اليوم وبعد توفر جرعات اللقاح بكميات هامة نسبيا، وبداية معالجة قصور ضعف انتشار مراكز التلقيح بالاعتماد على الفرق الطبية المتنقلة التي يشرف عليها الطب العسكري بالتنسيق مع وزارة الصحة، اضافة الى ارتفاع عدد المسجلين في منظومة ايفاكس بات لزاما على الحكومة ان تتقدم للتونسيين بشرح للوضع وتكشف لهم عن استراتيجيتها ذلك ان صمت رئيس الحكومة واقتصاره على الادلاء بتصريحات صحفية لم تكن موفقة في اغلبها كان من نقاط الضعف التي سجلت في مسار مجابهة الكورونا، صمت لم تكسره عثرات عدة ليس اقلها اللخبطة وشبهات التلاعب التي طالت حملة التلقيح في بدايتها.
وقد تجنب المشيشي الافصاح عن خطة حكومته واستراتيجيتها في علاقة بالتلاقيح واكتفى بالوقوف خلف وزارة الصحة التي تخبطت تصريحاتها في علاقة بالحملة الوطنية للتلقيح او خلف اللجنة العلمية أو معهد باستور.
الاختباء خلف هؤلاء والتلميح بان الملف برمته يشرفون عليه، ليس مبررا لعدم تقدم رئيس الحكومة لكشف عن استراتيجيته المتبعة، فهو مطالب بان يعلن عن أحد أمرين اما الحفاظ على الاستراتيجية القديمة رغم ما شابها من قصور او عن تعديلها او الكشف عن استراتيجية جديدة. هذا ما ينتظره التونسيون منه ومن حكومته وضوح في الرؤية وإستراتيجية محددة وناجعة بدل الضبابية في المعالجة اليومية للازمة.
اليوم وفي ظل «موجة الامل» التي توفرت بوجود مخزون هام من اللقاحات، على الحكومة ورئيسها بشكل مباشر الخروج والإعلان عن كيفية قيادة الازمة الصحية في الايام القادمة. وان يقدموا استراتجيتهم في ما يتعلق بحملة اللقاح وكيفية التكفل بالمرضى في المستشفيات.
فالوضع الوبائي حتم على البلاد مسارين، تكثيف عملية التلقيح والرفع من نسقها لا الحفاظ على النسق ذاته، ففي اليومين الفارطين لم يطرأ اي تغيير على نسق عمليات التقليح اذ استمرت دون 30 الف جرعة يوميا والحال ان الفرق المنتشرة والمراكز المخصصة للتلقيح قادرة على توفير نسق يومي يتجاوز 80 الف جرعة يوميا.
هذا ما على الحكومة ان توضحه، كيف سترفع من نسق التلقيح وكيف ستكثفه وعبر اي اليات، بدل البحث عن الحلول السهلة غير مأمونة العواقب كالاعتماد على انخراط الصيدليات الخاصة في حملة التلقيح.
المنتظر -اليوم- من حكومة المشيشي ان تقدم خطتها في الرفع من نسق التلقيح، وان تشرحها وتقدم مراحلها وكيفية تحقيق ذلك ومن سيشمله التلقيح، اي هل سيقع ادارج الفئة العمرية بين 12 سنة و18 سنة في حملة التلقيح وهل سيقع العمل على توفير التلقيح لكل التونسيين بنسة 100 %.
هذا أولا اما العنصر الاخر المطلوب من الحكومة تقديمه فهو خطتها للتكفل بالمرضى والمصابين بعدوى الكوفيد-19، وكيف ستوفر الرصيد البشري لتقديم الرعاية الطبية للمرضى، من اطار طبي وشبه طبي وعملة وغيرهم من المتداخلين في تقديم الرعاية للمرضى.
نحن إلى حد اليوم امام ضبابية مطلقة عمت ملف التلقيح وملف الرعاية الصحية، لا صورة واضحة ولا خطة دقيقة مفصلة تشرح لنا كيف ومتى وبأية وسائل سنجابه الخطر. وهذا الخطر الى متى سيمتد وهل لدى الحكومة قدرة على ان تستشرف القادم وتستبقه وتضع بروتوكولا تفصيليا يحدد كيفية التحرك والتصرف وفق كل احتمال وارد.
في ظل توفر كميات هامة من لقاح «الكورونا» : أي استراتيجية ستتبعها الحكومة ؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:12 16/07/2021
- 2226 عدد المشاهدات
في الحرب كما في السلم «الاستراتجيات» عنصر اساسي لنحاج اي فعل وأية ممارسة يصدران عن الدولة ، وإذا تحقق نجاح دونها يكون