ليعكس الهجوم على البرلمان وعلى من يريد ان يستند على الوثيقة المسربة ليسائله عن نوياه في اللجوء الى الفصل 80 من الدستور.
التقى امس رئيس الجمهورية قيس سعيد مع كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالنيابة هشام المشيشي ووزير الدفاع ابراهيم البرتاجي، وفق نص البلاغ الذي نشرته الرئاسة مصحوبا بعدد من الصور قبل نشر تسجيل «فيديو» لكلمة الرئيس.
لقاء هو الاول الذي يشهده قصر قرطاج بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة منذ اجتماع اخر مجلس امن قومي في جانفي الفارط، تاريخ انفجار ازمة التحوير الوزاري وانطلاق الصراع بين مؤسسات الدولة، رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة وبرلمان.
صراع تطرق اليه امس الرئيس في كلمته بشكل غير مباشر، ليشير الى ان الاختلاف في وجهات النظر وتقدير المواقف لا يجب ان يكون سببا لتفكيك الدولة وانعدام التنسيق بين مؤسساتها والتي يتمسك الرئيس بضرورة ان تنسق فيما بينها وان تحترم كل مؤسسة صلاحيات الاخرى.
كلمات الرئيس لضيفيه كانت اساسا موجهة لهشام المشيشي بصفتيه. رئيسا للحكومة ووزيرا للداخلية بالنيابة.
اذ ان الرئيس طلب منه التنسيق في ملفات الامن والخارجية. ومن الملفات التي يطالب الرئيس بالإطلاع على الخطوات التي انجزتها الحكومة في شأنها ملف زيارة رئيس الحكومة الى ليبيا ، يوم السبت الفارط.
وقد شدد قيس سعيد على اهمية التنسيق في الملفات والقضايا المتعلقة بالدبلوماسية التونسية بهدف الوقوف على ما انجز وما تعذر انجازه فيها. وهنا ذكرّ الرئيس المشيشي بان السياسية الخارجية من اختصاص الرئيس لذا وجب التنسيق معه للخروج بتصور يخدم الدولة التي شدد على انها دولة واحدة وعلى مؤسساتها ان تخدم هذا التصور.
وحدة الدولة وضرورة التنسيق بين مؤسساتها دعوة تكررت كثيرا في كلمة الرئيس امس، اذ شدد عليهما في كلمته التي امتدت 16 دقيقة، ليقول بـ«وجوب التنسيق بين مؤسسات الدولة» ويقر بانه «لا يمكن ان تدار الدولة وهناك انفصال بين مؤسساتها» لذا وجب التنسيق في الجوانب الدبلوماسية والامنية والعسكرية ضمن مقاربة تقوم على ان تونس دولة واحد ومؤسساتها تعمل بالتشاور والتنسيق بينها وفق اختصاصاتها وصلاحياتها. ولم يقتصر مضمون كلمة الرئيس على اختصاصه برسم السياسية الخارجية ولا على اهمية التنسيق وتوحيد مواقف الدولة التي يتمسك بانها «واحدة»، بل تطرق الى ما اسماه «حديثا مخجلا» ووصفه للجدل الذي اثارته الوثائق المسربة وتشير الى تفيعل الفصل 80 من الدستور. ليعتبر الرئيس ان ما حدث مخجل وان الجدل الذي اثير عن وجود مخطط انقلاب بالاستناد الى الفصل 80 من الدستور غير مبرر اطلاقا، اذ يغيب على من يروج لوجود مخطط انقلاب ان تونس تعيش منذ فترة تحت ظلّ الفصل 80 من الدستور. اذ يعتبر الرئيس ان الفصل 80 يتعلق بحالة الطوارئ وبالتدابير الاستثنائية.ليقول ان الفصل 80 مفعل وان التدابير الاستثنائية التي يعلن عنها تندرج تحته، ومن لم يدرك هذا عليه بالعودة لمفهوم التدابير الاستثنائية واختلاف درجاتها.
ومن الفصل 80 ينتقل الرئيس للحديث عن «مخطط الانقلاب الدستوري» ليعتبر ان «الانقلاب يكون على الشرعية ولا يكون بنص الدستور»، وان الحديث عن انقلاب دستوري تناقض كلي. اذ ان الانقلاب يعنى الخروج عن الشرعية اما تفعيل الفصل 80 لا خروج فيه عن الشرعية بل هو تنزيل لصلاحية يمنحها الدستور للرئيس ومنها اقرار التدابير الاستثنائية التي يشدد سعيد على انها مفعّلة.
وبشكل غير مباشر المح الرئيس الى ان القصر تلقى الرسالة التي سربت. وذلك بقوله ان المفارقة في الجدل الذي اثير في الايام الفارطة هو «ان يصبح من تلقى الرسالة محل مطالبة ومساءلة ...ويترك من بعث الرسالة».
من هنا ينتقل الرئيس الى الهجوم على البرلمان الذي قال انه يتعمد اخفاء مطالب رفع الحصانة التي توجه اليه من وزارة العدل وذلك بهدف استعمالها للمساومة. وقدم مثالا على ذلك ما اتاه النائب رشيد الخياري الذي قال انه تحصن بالفرار بعد صدور بطاقة ضده، واشار الى ان البرلمان يعيق عمل القضاء برفضه النظر في مطالب رفع الحصانة.
اثارة ملف الحصانة اعتمده الرئيس ليهاجم البرلمان الذي قال انه بدل ان يكتفى بمطالبة الاخرين بتطبيق القانون واحترامه عليه ان يطبق القانون وان ينهى حالة الافلات من العقاب التي يتمتع بها نواب يقدمون على انهم فوق القانون وفوق باقي المواطنين.
لقاء امس استغله الرئيس ليقول انه لا يتحالف مع احد وانه يعمل تحت الاضواء ولا يخطط للانقلابات او الاستحواذ على صلاحيات الاخرين، فهو يؤمن ان تونس دولة وليس من مجموعة العصابات.