اثناءه الكتل بالتحوير الوزاري وكيفية الردّ على رئيس الجمهورية في انفصال عن وقع الاحتجاجات وشعاراتها التي تتعالى خارج اسوار مجلس النواب الذي فرض عليه طوق امني غير مسبوق.
كل التفاصيل كانت تعلن ان يوم امس لم يكن «عاديا» بالنسبة لمجلس نواب الشعب وكتله التي امتصت صدمة خطاب رئيس الجمهورية في مجلس الامن القومي وبحثت لنفسها عن رد وتموقع في المشهد يعبر عن ما استخلصته من التطورات الاخيرة التي تشمل تصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد البرلمان والحكومة والطبقة السياسية الماسكة بزمام القرار وتفاقم الازمة السياسية بين مؤسسات الدولة.
منذ بدايتها وقبل إلقاء رئيس الحكومة هشام المشيشي كلمته كانت التموقعات القديمة والجديدة قد اعلنت عن نفسها، حزام الحكومة البرلماني من ناحية ومعارضوها من ناحية أخرى كل قرر سلفا التصويت بـنعم أم لا باستثناء كتلة تحيا تونس التي لم تحسم امرها في ظل تعارض بين توجهين يشقانها الاول رفض منح اثقة لكل الوزراء المقترحين والثاني اسقاط البعض وتمرير اخرين.
توجه اسقاط بعض الوزراء المقترحين لم يكن مطروحا فقط صلب كتلة تحيا تونس، بل كتل النهضة الداعمة للتحوير والتي اصطفت بشكل حاد امس خلف المشيشي دافعة اياه الى التصعيد ضد قصر قرطاج ووضع الرئيس قيس سعيد في «حدود صلاحياته» التي تعتبر النهضة كما كتل كالإصلاح والوطنية أنها لا تسمح له بان يرفض قبول الوزراء المقترحين لأداء اليمين، بعد ان لوح بانه لن يقبل بان يدلى الوزراء الذين تلاحقهم شبهات فساد اليمين.
اختيار الدفع بالازمة السياسية الى اقصاها وجعلها ازمة مؤسساتية ودستورية تتناحر فيها رئاسة الجمهورية من جانب والحكومة وحلفاؤها في البرلمان من جانب اخر، هو اتخذ امس من قبل كتل قلب تونس والنهضة والاصلاح والكتلة الوطنية وائتلاف الكرامة: الحزام المضمون لرئيس الحكومة الذي تصدر المشهد والصف الاول في الصراع مع الرئيس في كلمته امس التي لم يغب عنها اللّمز والهمز ومطالبة الرئيس بان يكون ناضجا وان يلتزم بنواميس الدولة.
نواميس يتفق المشيشي وحلفه البرلماني انها تفرض على الرئيس ان يستقبل الوزراء الذين منحهم نواب الشعب الثقة لتأدية اليمين الدستورية ويباشروا مهاهم، وهو ما يتمسك به الرجل وحزامه السياسي الذي وجد قراءة دستورية تجعل الرئيس دون صلاحية الرفض وإذا حال دون اداء القسم سيكون المسؤول عن اية ازمة تقع.
ازمة غذاها البرلمان والحكومة ورئيس الجمهورية لينتقلوا بها الى ازمة مؤسسات ستطل برأسها اليوم، وتجثم على المشهد السياسي خلال الفترة القادمة، لتتزامن مع تنامي الاحتجاجات في الشارع ضد الطبقة السياسية والحكومة والبرلمان اساسا، على غرار ما كان امس في الشوراع المتاخمة لمجلس النواب.
شوارع اغلقت منذ الليلة السابقة وشهدت تواجدا امنيا مكثفا، بعرباته المصفحة وفرق امنية من مختلف الاختصاصات كلها اجتمعت لتغلق كل المنافذ المؤدية الى مجلس النواب في وجه المحتجين من الشباب، غلق لم شمل الطريق الرئيسي والفرعي والانهج والازقة عكس حرصا على الحيلولة بين المحتجين واسوار المجلس، الذي تمترست فيه كتل الحزام السياسي التي رددت ان لديها معطيات امنية تفيد بوجود مخطط لاقتحام المجلس لذلك فهي تقف في صف الامن ضد «المخربين».
وقوف عكس الانفصال بين المجلس وبين من هم خارجه من شباب مثلوا فئات عدة ومشارب متنوعة، وحدتهم مطالب ابرزها «رحيل المنظومة» التي يصفونها بالفاسدة ويخصون رئسيها، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان بشعارات مناهضة لكليهما، ومطالبتهما بالرحيل اضافة الى شعارات ضد قوات الامن التي اعتبرها المحتجون «درع» المنظومة وحاميتها.
اسلاك وحواجز وفرق امنية لم تفصل فقط بين محتجين -أغلبهم من الشباب بين 18 و30 سنة- وبين نواب الشعب في مجلس بل كذلك فصلا بين المجلس ومن هم خارجه، اذ ان الرهانات التي طغت على المجلس كانت تتعلق بالتموقع وكسب المساحات وتسجيل النقاط ضد الخصم الاول، وهو رئيس الجمهورية، وكيفية نقل الازمة اليه وحشره في الزاوية، فيما يحتدم غضب الشارع جراء تدهور الاوضاع ولاقتصار الاجابة الرسمية عن احتجاجاتهم ومطالبهم بالاجراءات «الأمنية».
جلسة المصادقة على التحوير الوزاري والاحتجاجات أمام البرلمان : للشارع «غضبه» وللبرلمان وكتله حساباتهم
- بقلم حسان العيادي
- 10:31 27/01/2021
- 976 عدد المشاهدات
عاشت تونس و منطقة باردو يوم أمس على وقع زمنين، زمن احتجاجي اثّث فيه الشباب الشوارع المتاخمة لمجلس نواب الشعب، وزمن سياسي/برلماني انشغلت