الشعبية وقوات الأمن والتي تكمل اسبوعها الاول اليوم. سواء أتعلق الامر بتقييم ما يجرى او موقفها منه ولكن الاهم عدم القدرة على تقديم اجابات للمحتجين.
بفارق لا يتجاوز 24 ساعة بين كل خطوة تتخذ تقدمت مؤسسات الحكم في تونس بموقفها وقراءتها لما حدث في البلاد خلال الايام الفارطة، في علاقة بالمواجهات والاشتباكات الليلة التي انطلقت من سوسة وانتشرت في عدة مناطق في البلاد قبل ان تلتحق بها خلال الايام الثلاثة الفارطة احتجاجات نهارية ترفع شعارات سياسية ابرزها اسقاط النظام.
وقد سبق قيس سعيد رئيس الجمهورية البقية بان اعلن دعمه للاحتجاجات ووصفها بالمشروعة والمعبرة عن الاحباط والغضب لدى الشباب من عدم تغير اوضاعهم التي قال انها لن تتغير الا بحلول تنبع منهم مع النصيحة بان لا يوظفوا في اعمال الشغب والعنف واعتبار أنها تسيء للمحتجين ومطالبهم.
ثانيا جاء رئيس الحكومة الذي تقدم صباحا ببلاغ حيا فيه قوات الامن على تعاملها الاحترافي مع الاحتجاجات وعمليات النهب، قبل ان يطل مساء ويعلن انه «فهم» الغضب ورسائل الشباب ويعدمهم بالحل الذي سيكون نابعا منهم والذي سيصل لحكومته عبر «صندوق» يقدم فيه الشباب حلوله الابداعية والمبتكرة.
ثالثا اختار مجلس النواب ان يعقد جلسة حوار مع الحكومة بشان الاحداث الاخيرة، وذلك ما تم امس بحضور وزير الدفاع ليمثل رئيس حكومته الذي تعذرت عليه المشاركة فأوفد وزير الدفاع في حكومته ليحاور البرلمان عن الاحتجاجات والاشتباكات الليلة.
وقد قدم الوزير روايته للاحداث وفسر اسبابها ووقع في خطاب جهوي عنصري يقسم التونسيين، وهذا ليس اسوء ما في الامر بل هو ما كشفته جلسة الامس والخطابات الرسمية السابقة لها من غياب الاجابات لدى الطبقة السياسية خاصة تلك التي تمسك بمقاليد البلاد.
اذ ان القائمين على الدولة، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس النواب ، يكتفون في تعاطيهم مع الاحتقان الاجتماعي وتنامي الغضب في صفوف الشباب بالاحياء الشعبية بثنائية «التفهم والوعود» تفهم للغضب واسبابه دون تقديم اية حلول عملية واجابات أو إقرار أي منهم انه يتحمل جزءا ولو بسيطا من تنامي الغضب بل يلقي مسؤوليته على الاخرين.
خطاب رسمي لدى الرئيس تجاه الاحتجاجات والغضب لم يخالف خطاباته السابقة القائمة على ثنائية « الشعب واعدائه» مع ترك الباب امام الشعب ليختار ما يريد من «حلول» لتحسين حياته ومجابهة اعدائه الذين نجدهم لدى رئيس الحكومة حاضرين ولكنهم يتمثلون في اصحاب الشعارات والخطابات التي سئم منها مع التونسيين، ولكنه يكررها. بالإشارة الى المجرمين الذين سيواجهون بالأمن والقانون لاعتدائهم على الاملاك العامة والخاصة .
اما الحلول والإجابات عن كيفية معالجة الازمة الاقتصادية والاجتماعية والاولويات وخيارات والاجراءات التي من شنأنها ان تمنح «الامل» للتونسيين، فهي غائبة لدى الجيمع لا فقط القائمين على السلطة التنفيذية بل ايضا مجلس النواب الذي يريد ان يكون اللاعب الاول والرئيسي في الشمهد وان يكسر الصورة الذهنية التي علقت به «كمصدر للأزمة» هو وكتله وأحزابه الذين بدورهم اعادوا انتاج ذات الخطاب.
خطاب يقوم على التودد للغاضبين والإعلان عن مساندتهم ودعمهم مع تكرار جزء من خطاب الحكومة او الذهاب الى المؤامرات وادانة الشباب في الاحياء ووصمهم بصفات كانت جزءا من اسباب تفاقم الغضب.مجلس عبر بأحزابه عن عدم قدرته على تقديم اجابات صريحة ومباشرة عن كيفية الخروج من الوضع الراهن المتأزم وكيف ومتى وبأية وسائل سيتغير واقع التونسيين الى الافضل.
لا احد قدم اجابة واحدة تستوفي الشروط الدنيا، اذ علق الجميع في الخطابات السياسوية والبحث عن تسجيل نقاط على حساب الخصوم دون ادراك فعلي لطبيعة المشهد والمخاطر الفعلية التي تهدد البلاد برمتها. ما لم يقع تقديم اجابات واضحة وصريحة تلبي مطالب المحتجين التي لا تقف عند ملف متطلبات الحياة الدنيا بل عن «مواطنتهم» وحقهم ومكانهم في وطنهم.
اجابات تمنح الامل الفعلي وتقدم ردودا واضحة عن كيف ومتى ومن والاولويات التي سيقع العمل عليها لتغيير معاش التونسيين وتوفير الكرامة لهم وليس رفع شعار «الحوار مع الشباب» كحل سحري أغفل حقيقة ان سنة 2008 كانت سنة الحوار مع الشباب التي عقبتها بعد سنتين ثورة على نظام بن علي.
تقديم دون اجابات صريحة ومباشرة تستجيب لمطالب الغاضبين وان لم يرفعوا مطالب محددة وصريحة بعد، هي ما يجب ان تتقدم به مؤسسات الحكم واحزابه لا شعارات او دعوة لحوار يامل ان يوفر الوقت لهم لاحتواء الازمة واعتبارها «موجة غضب» وستمر -وهو وارد – ولكنه الاخطر لان الموجة القادمة وان تاخرت ستكون كالنار التي تاتي على الاخضر واليابس.
هذا ما يجب ان تدركه الطبقة السياسية التي يجب عليها اولا ان تقر بانها جزء من الازمة لانحرافها الى مسائل هامشية وصراعات سياسوية فيما الازمة الاقتصادية والاجتماعية تعصف بالتونسيين وتحيلهم الى شظف العيش.