جديدة في الوزارة دون العودة اليه، وهنا كشف عن السبب الثاني وهو رسم حدود لرئيس الجمهورية في ظل صراع بين القصبة وقرطاج على الصلاحيات والنفوذ.
«لا يمكن ان أسمح بأي إرباك للمؤسسة الأمنية» بهذه الكلمات فسر أمس رئيس الحكومة اقالته لوزير الداخلية توفيق شرف الدين الذي المح في شأنه الى كونه فتح الباب لاختراق المؤسسة الامنية بتجاهله العودة لرئيسه المباشر قبل الاقدام على جملة من الاعفاءات والتعيينات التي اصدرها بتاريخ 5 جانفي 2021.
كشف عن اسباب الاقالة جاء اثر 24 ساعة من صدورها وبعد لقاء جمع رئيس الحكومة الذي بات وزيرا للداخلية بالنيابة بقادة الاسلاك الامنية الذين اعلمهم انه قرر إلغاء كافة البرقيات الصادرة عن وزير الداخلية السابق المتعلقة بإعفاءات وتعينات جديدة والتي قال المشيشي انها تمت دون علمه او استشارته ودون علم القيادات الامنية.
لقاء وضعه المشيشي في اطار صريح وواضح وهو التصدي لمحاولة إرباك المؤسسة الأمنية اذ ان رئيس الحكومة اتهم وزيره المحسوب على قصر قرطاج بانه قام بإرباك المؤسسة الامنية التي وصفها بـ«البناء» الذي لا يسمح بمسه ولا باختراقه من اي كان.
الارباك والاختراق هما الصفتان اللتان كررهما هشام المشيشي كثيرا يوم امس وهما التهمتان اللتين القاهما في وجه وزيره المقال بشكل مباشر والى رئيس الجمهورية بصفة غير صريحة ، فهو وبين سطور الكلمات يشير الى ان وزيره للداخلية استند الى ما يقوله الرئيس من انه القائد الاعلى للقوات المسلحة الامنية ليمضى في تجاوز الصلاحيات.
صلاحيات عمل المشيشي على حمايتها بان اقال وزيره الذي يدين بالولاء لرئيس الجمهورية وفق ما يروج له من قبل حزامه السياسي والبرلماني الذي -بدوره- ادلى برأيه في الاقالة وربط بينها وبين قول قيس سعيد انه القائد الاعلى للقوات المسلحة الامنية وفق نص الدستور.
شرح الاسباب والربط بينها وبين سعى قيس سعيد الى توسيع مجال صلاحياته ليشمل الامن، يتجلى في كافة التفاصيل التي تواترت امس، رئيس الحكومة وقادة الاحزاب الداعمة للحكومة، فالمروية التي تقدم للاقالة هي تجاوز الصلاحية من قبل الوزير الذي فعل مقولة قيس سعيد بان رئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات الامنية وذلك بتجاهله لهشام المشيشي وعدم استشارته.
تجاهل اعتبر نقطة اللاعودة في الصراع بين قصر قرطاج وتحالف القصبة -باردو الذي رد سريعا بان اعاد رسم مجالات النفوذ والصلاحيات، لضمان هامش للحركة وعدم السماح لقيس سعيد بان يحتل مساحات يعتبرها الحزام السياسي للحكومة حيوية له مما جعله يكون عنيفا في رده على الرئيس باقالة لم تكن دون تنسيق وتشاور مع البرلمان.
تنسيق يراد منه توحيد صف القصبة وباردو لاحتواء سيعد وعزله في قرطاج وقطع امتداده في القصبة بإبعاد رجالاته الذين من بينهم وزير الداخلية الذي لم يكن محل رضا اي من احزاب الائتلاف الحاكم، النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة الذين يتقاسمون الادوار في ما بينهم ان تعلق الامر بالصراع مع القصر.
صراع ظل مستعرا منذ ان كشف المجلس عن طموحه بان يكون المؤسسة الاولى في البلاد عوضا عن رئاسة الجمهورية التي تعمل لمحاصرة ما يصفه الرئيس بالمنظومة في الزاوية منذ 2019. صراع ظل في ساحات الخطاب والمناورات المحدودة قبل ان ينتقل به قيس سعيد الى الفعل والتنزيل يوم 31 من ديمسبر الفارط بخطابه في وزارة الداخلية.
خطاب حرص فيه سعيد على ان يجعل من صفته القائد الاعلى للقوات المسلحة يمتد ليشمل القوات الامنية اي وزارة الداخلية ويجعلها تابعة له مباشرة، وهو ما أثار حفيظة رئيس الحكومة والائتلاف الحاكم خاصة وان هذا الخطاب فعل على الارض ببرقيات العزل، التي نظر اليها على انها اختراق وارباك لعمل الوزارة.وفي الحقيقة نظر اليه على انه نشر لرجالات القصر في الوزارة مما استوجب الاعفاء وإلغاء كل التعيينات لضمان استمرار التوازنات على حالها وحصر الرئيس في مربعه.