بـ«إطلاق الصواريخ» إذا تعلق الامر بتلميحات الرئيس تجاه احزاب الاغلبية البرلمانية والبرلمان ذاته مجال نفوذ حركة النهضة التي تسعى لاحتواء انشقاقاتها الداخلية للتفرغ للحرب مع الرئيس.
استقبل التونسيون سنتهم الادارية 2021 بخطاب من رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي هنأهم بطريقته التي تتضمن تعداد صعوبات السنة المنقضية والتذكير بمحطات سياسية تتعلق بمسار تشكيل الحكومات الثلاث وكيفية إعداد البعض للقيام بتحوير وزاري قسرا. مقدمة اراد من خلالها الرئيس سرد مروية تسمح له بان يحصر اسباب الازمة في تونس .
ازمة ابرز اسبابها «مجلس» النواب الذي بات وفق مضمون كلمته حلبة للصراع والعنف و«الدم» لأطراف لا تريد الخير لتونس، مما يجعل العمل «غير يسير» بما نجم عنه تالم الرئيس من الوضع العصيب الذي يعيشه التونسيون خاصة المفقرون منهم الذين يلمح الى ان البعض ينكّل بهم من ذلك تمرير قانون مالية 2021 الذي اعتبره منقوصا.
مروية الرئيس تتضمن تقديم رؤيته لما حملته السنة الفارطة بما جعله يخير الصمت على المبالغات والافتراءات في ظل تعذر ان ينزل مبادرته على ارض الواقع بسبب مناورات سياسية حالت دون تحقيق مطالب التونسيين التي مرت عليها 10 سنوات دون أن تحقق غاياتها.
وقد وقع جرد أحداث السنة الفارطة مع التشديد على وجود «البعض» ممن يحولون دون تغيير واقع التونسيين الناجم عن ان البعض همهم «احباط» اي تغيير وعرقلة اي مبادرة «تأتي من غيرهم»، كلها «صواريخ» وفق تصور حركة النهضة وجهت الى خصوم الرئيس.
خصوم تتصدرهم الحركة نفسها التي تتحصن بمجلس النواب وبرئاسته في مواجهة الرئيس الذي اعلن في تهنئته صراعه مع «المنظومة» التي تتجسد لديه اساسا في جزء من الاحزاب السياسية التي تتعاطى السياسية باعتبار انها مناورات ومغالطات وشتم لا على اعتبارها «مبادئ وقيم» كما يراها الرئيس.
منظومة تتحمل وفق الرئيس مسؤولية عدم تحقيق اهداف الثورة ولذلك فان الحوار الوطني سيكون دون جزء منها وتصحيح مسار الثورة، حوار يستثنى جزءا من المنظومة الحزبية والسياسية التي حدد الرئيس ملامحها في الاغلبية الحاكمة اساسا ويعوضه بالشباب الذي يشدد الرئيس ان لا حوار حقيقي دونه ودون مساهمته في صياغة التصورات والحلول.
تهنئة اعلن بها الرئيس وهو يودع سنة منقضية ويستقبل اخرى جديدة بمؤشرات صراع بينه وبين اغلبية الحكم التي تتزعمها حركة النهضة، التي تدرك منذ اسابيع ان التوازنات الحالية للمشهد لم تعد في صالحها، فهي في مواجهات مفتوحة مع الخصوم في البرلمان الكتلة الديمقراطية والدستوري الحر، وفي صراع مع الرئيس بشان من يمسك بمقاليد الحكم الفعلي للبلاد، ناهيك عن خلافات داخلية وانشقاقات.
خلافات اختارت النهضة ان تعالجها منذ فترة لتتفرغ لإدارة الصراعات المفتوحة على اكثر من واجهة وقد انتهت الى صياغة جديدة قدمتها مع حلول 2021 تقوم على عنصرين اساسيين، حسم جدل التمديد لرئيس الحركة بتعهد الغنوشي بذلك، وثانيا راب الصدع وتكوين قيادة مشتركة تضم المختلفين، وفق تصور ينتهى الى اصطفاف الحركة خلف رئيسها في الحروب القادمة. واهم حرب تلك القائمة الرئاسة التي تعتبرها النهضة اخطر عليها من باقي الخصوم.
هكذا استقبلت السنة الجديدة، باعلان حرب تسللت من خطاب التهنئة بالسنة الجديدة او من تعليقات النهضة عليها ومن معالجتها لخلافتها الداخلية التي انضافت اليها ازمة المكتب المحلي ببن عروس، فالحركة إذا تعلق الامر بالرئاسة لا تنجر لاعلان الحرب صراحة ولكنها تجيب الرئيس بما تراه مناسبا.
وما هو مناسب من وجهة نظرها ان يكون قيس سعيد «رئيس لكل التونسيين» لا يخيفهم ويطمئنهم، ثانيا ان يكون الحوار الذي تبدي الحركة موافقة اولية على المشاركة فيه قائما على الاقصاء بل يجب ان يضم الجميع حتى اولئك الذين يجسدون المنظومة التي ينتقدها الرئيس ويعاديها.ثالث والاهم ان الحوار دون النهضة لن يستقيم وعليه فان النهضة ستجعل هدف مشاركتها تحقيق التوافق الذي يقود في النهاية الى اشراك حلفائها.
حرب اوقدت نيرانها بالكلمات، وخلال ايام او اسابيع ستنتقل الى الساحات، لنشهد سنة سياسية قد لا تقطع مع سابقاتها وتتفاقم فيها الازمة لتصبح ازمة حكم واجهزة دولة يقف الماسكون بها على نقيض بعضهم البعض ويحاصرون الحكومة ورئيسها اللذين قد تطالهما الحرب و يكونان من اول ضحايا «الاضرار الجانبية».
بداية صعبة للسنة الجديدة : الرئيس يطلق صواريخه والنهضة ترتب بيتها للتفرغ للمواجهة
- بقلم حسان العيادي
- 09:34 05/01/2021
- 1230 عدد المشاهدات
«الحرب أولها كلام» وقد اختار قيس سعيد من وجهة نظر حركة النهضة ان تكون تهنئته بالسنة الادارية فرصة لما يصفه عبد الكريم الهاروني