رئيس حزب قلب تونس، الشريك في الائتلاف الحاكم ، ولم يخل الحديث من محاولات استقراء التطور والبحث عن مغزاه والتداعيات السياسية له.
لم محاولات ايجاد بعد سياسي او الايحاء بذلك طويلا إذا تعلق الامر بأسباب صدور بطاقة الايداع بالسجن، فباستثناء بعض قادة قلب تونس الذين محوا وصرحوا ان للايقاف «بعد سياسي» قبل ان يقع العدول عن التصعيد وإصدار بيان من الحزب يرى ان الايقاف اجراء طبيعي واحترازي لا يدين نبيل القروي «البريء» وفق توصيفهم.
بيان صدر عن المكتب السياسي الذي انعقد ساعات قليلة اثر صدور بطاقة الايداع بالسجن ، ليعلن ان الحزب وكتلته مستمران في تحقيق التزاماتهما وتعهداتهما مع الناخبين والتونسيين وان الحزب يثق في القضاء الذي سينصف رئيسه وسوف يبرئه.
بيان اغلق به قلب تونس قوسه الذي فتحه صباحا القائل باضفاء طابع تصفية الحساب السياسي مع الخصوم باستعمال القضاء، طابع اتسمت به عملية الايقاف الاولى في اواخر اوت 2019، لكن لايمكن للخطة ان تنجح مرتين خاصة وان الحزب -اليوم- جزء من الائتلاف الحاكم وله سطوته وحضوره في الحكم.
تراجع يكشف ان الحزب وقادته قد ادركوا ان ادارة الملف بذات الطريقة مرة اخرى لن يوفر هامشا للحركة ولا قدرة على تغيير الأمر فبطاقة الايداع بالسجن في قضية تبيض الاموال التي رفعتها منظمة انا يقظ ضد الاخوين القروي وشركتهما «قروي أند قروي» استوفت الاجراءات القانونية واتت اثر الاستماع الى المتهم بعد صدور تقرير الاختبار.
صدور بطاقة الايداع بالسجن في حق نبيل القروي رئيس قلب تونس صاحب الكتلة الثالثة في البرلمان واحد ركائز الاغلبية البرلمانية الحالية. الحدث الذي شغل الفضاءات العامة في تونس امس، وقدمت له تأويلات وتفسيرات عدة، لازال بمثابة حدث في بدايته ولا يمكن الجزم بما سيؤول اليه الامر إلاّ بعد صدور قرار قضائي او توجيه تهم صريحة.
في انتظار ذلك، لهذا الحدث تفرعات وانعكاسات سياسية، صريحة ومباشرة، مهما كان التطور الذي سيذهب اليه الملف سواء بتوجيه التهم او اطلاق السراح. واولى الانعكاسات كشفت جزئيا وهي متعلقة بحزب قلب تونس وكتلته التي وجدت نفسها في حالة «لخبطة».
انعكاس اتضح في الساعات الاولى الى ان عقد المكتب السياسي للحزب الذي بحث عن احتواء الامر وانتظار التطورات، اي انه اختار ان لا يصعد في الموقف والاكتفاء ببعض التصريحات ضد اسماء من الخصوم وخاصة الكتلة الديمقراطية، وانتقاد ما يعتبرونه شيطنة وتجيشا ضد القروي.
ارتباك موقف الحزب يكشف عن حجم المفاجأة التي انفجرت في الائتلاف الحاكم ومكوناته التي صمتت امس بدورها عن قراءة المشهد وتحديد الخطوات القادمة، وهو ثاني التداعيات المباشرة لصدور بطاقة الايداع بالسجن، اذ فرض الامر نفسه على الاغلبية البرلمانية. اغلبية تقودها حركة النهضة التي تنظر لايداع حليفها بالسجن على انه «خطر» يجب ان يقع تقليص اثره على الحركة والبرلمان، ويبدو ان الاتصالات جمعت بين قادة الحزبين لضمان عدم تأثر التحالف بينهما بسجن القروي، وانتظار الانتهاء من باقي الاجراءات. انعكاسات الايقاف على الاغلبية البرلمانية والحزام الداعم لحكومة المشيشي، التي بدورها ستكون اول من تطاله الموجات الارتدادية للإيقاف.
موجة حالت دونها يوم امس «صدمة» الخبر بالنسبة للمتأثرين بيه بشكل مباشر، اي الاغلبية التي ستجد نفسها في وضع حرج ومجبرة على ايجاد مخرج يحول دون انفجارها وما سيحمله من تداعيات سلبية على كل مكوناتها قبل ان تنطلق رحلة البحث عن «الخلاص الفردي» لكل حزب على حدة.
خلاص فردي ستبحث عنه النهضة التي تدرك ان انهيار الاغلبية البرلمانية الراهنة سيجعلها في مرمى النيران ويسلبها هامش المناورة والقدرة على التاثير وتسير المشهد البرلماني والحكومي.
وضع سيكشف عن تداعيته الآنية واللاحقة خلال الساعات القليلة القادمة التي سيتضخ فيها كيفية التعامل مع ايقاف رئيس الحزب الثاني في الائتلاف الحاكم من قبل حلفاءه اولا .