ايجابية ولازال الوضع الوبائي في البلاد يأخذ منحى تصاعديا خطيرا مسجلا ارتفاعا قياسيا في عدد حالات الإصابة الذي تجاوز معدلها اليومي 1200 حالة والوفيات بين 24 و30 حالة وفاة يوميا وكذلك على المصابين الذين يتم التكفل بهم في المستشفيات وأقسام العناية المركزة وتحت جهاز التنفس الاصطناعي وسط تزايد المخاوف من اللجوء إلى فرضية «الاختيار» في الأسابيع المقبلة بتجاوز المستشفيات لطاقة استيعابها، الوضع مازال دقيقا بل وحرجا جدا والأرقام في تزايد متواصل رغم إجراء فرض حظر الجولان والتمديد فيه لفترة ثانية.
وحسب آخر إحصائيات نشرتها وزارة الصحة أمس فقد تمّ تسجيل بتاريخ 22 أكتوبر الجاري 1585 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ويبلغ عدد التحاليل المنجزة حسب البلاغ 4096 تحليلا، 38.7 % منها ايجابية، كما تم خلال هذا اليوم التكفل بـ 41 مريضا بالمستشفيات وإيواء 7 آخرين بأقسام الإنعاش و4 تحت جهاز التنفس الاصطناعي، ليبلغ العدد الجملي للمرضى الذين تمّ التكفل بهم في المستشفيات منذ شهر فيفري إلى غاية 22 أكتوبر الجاري 2227 مريضا. أما العدد الجملي للمصابين بفيروس كورونا خلال نفس الفترة فقد ارتفع إلى 48799 فيما بلغ العدد الإجمالي للوفيات 819 وفاة بعد تسجيل 35 حالة وفاة جديدة بتاريخ 22 أكتوبر. كما ارتفع عدد المرضى بأقسام الإنعاش إلى 169 مريضا و102 مريض تحت التنفس الاصطناعي.
الحد من حركة التنقل بين الولايات والمدن
لئن قررت جل الولايات التمديد في حظر التجول لفترة إضافية أخرى سواء على مستوى كامل الولاية أو في عدد من المعتمديات ذات الخطورة المرتفعة لانتشار حلقات العدوى، فإن حالات الإصابة والوفيات لم تتقلص بعد، حتى أن اللجنة العلمية لمجابهة فيروس الكورونا ستوجه مقترحات جديدة إلى الحكومة من أجل الحدّ من النسق التصاعدي للإصابات، وفق تصريح عضو اللجنة الحبيب غديرة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، مشيرا إلى أن أعضاء اللجنة العلمية كانوا قد تداولوا خلال اجتماع سابق بشأن اقتراح إقرار الحجر الصحي على الأشخاص البالغة أعمارهم 65 سنة فما فوق. وذكر أن المقترحات المزمع تقديمها تشمل الحد من حركة التنقل بين الولايات والمدن وفرض تطبيق البروتوكولات الصحية بالفضاءات العمومية والخاصة. ولاحظ أن المنحى التصاعدي لحصيلة الإصابات المسجلة بوباء كورونا تبعث على القلق، معتبرا أن عدم الالتزام بتدابير التباعد الجسدي واستمرار التجمعات وعدم تنفيذ البروتوكولات كلها عوامل كان لها وقع سلبي على الحالة الوبائية.
إجراءات مشددة
كما أكد غديرة على أن الظرف الصحي الحالي يتطلب تعزيز الإجراءات الوقائية، منبها من أن المعطيات الصادرة يوميا عن المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة تؤكد أن استمرار المنحى التصاعدي للإصابات سيفضي إلى بلوغ طاقة الإيواء القصوى بالمستشفيات التي قد تعجز حينها عن إيواء مزيد من المرضى. وبين أن اللجنة العلمية ترفع مقترحاتها إلى وزير الصحة الذي يحيلها بدوره إلى اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا ممثلة في الحكومة، مبينا، أن إقرار أية إجراءات يهدف إلى ضمان الأمن الصحي و استدامة النشاط الاقتصادي بما لا يؤدي إلى اختناق الدورة الاقتصادية. ولاحظ أن البلدان التي اتخذت إجراءات مشددة من بينها فرض الحجر الصحي الشامل تمكنت اقتصادياتها من التعافي بسرعة في حين كان الضرر أكبر بدول أخرى كان تعاطيها مع احتواء الفيروس أقل نجاعة.
الإبقاء على التدابير الاستثنائية
من جانبها أكدت المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية أن الجهود متركزة حاليا لكسر المنحى التصاعدي للفيروس حتى لا يتم بلوغ ذروة انتشار الفيروس وما يمكن أن يسببه ذلك من تداعيات خطيرة على المنظومة الصحية بسبب محدودية طاقة استيعاب المستشفيات، مشيرة إلى أن اللجنة العلمية نصحت بالإبقاء على كل التدابير الاستثنائية للحد من انتشار الفيروس على غرار إبقاء حظر الجولان. وشددت على أن وزارة الصحة بصدد انتهاج خطة ديناميكية ومتطورة لمجابهة الفيروس على غرار تعزيز الخط الأول للمنظومة الصحية (مراكز الرعاية الصحية الأساسية والمستشفيات المحلية) لمعاضدة فرق التدخل السريع في نشاطاتهم عند التقصي وتقييم الحالة المرضية للمرضى.
الأسابيع القادمة ستكون أيضا صعبة على البلاد ولازالت الحكومة تراهن على وعي المواطنين عبر الالتزام بالإجراءات الوقائية خاصة التباعد الجسدي وارتداء الكمامات إلى جانب الالتزام بالبروتوكولات الصحية، فضلا عن حزمة الإجراءات الاستثنائية التي تمّ اتخاذها وانطلقت كل الولايات في تطبيقها منذ بداية الشهر الجاري كتعليق صلاة الجمعة ومنع انتصاب الأسواق الأسبوعية ومنع التظاهرات والأنشطة بمختلف أنواعها مع فرض حظر الجولان، إجراءات مازالت تنتظر وزارة الصحة ثمارها من خلال التقليص في انتشار حلقات العدوى.