ببن عروس التي عاشت على وقع حصار من قبل أمنيين بزيهم النظامي او بلباسهم المدني والسبب عرض «زميل» لهم امام قاضي التحقيق على خلفية شكوى باحتجاز شخص دون اذن.
وقد التقى يوم الجمعة الفارط رئيس الحكومة هشام المشيشي مع وفد عن المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي للنظر في الملفات التي تهم قوات الامن الداخلي وقد قالت النقابة في بيانها ان رئيس الحكومة ابلغ الوفد انه «يعتبر النقابة شريكا فاعلا وهاما في رسم السياسة العامة للمؤسستين الامنية والسجنية وانه حريص عللى اعتماد مشاريعها وبرامجها المتعلقة بالجوانب المهنية والاجتماعية والمادية».
قد يكون الخبر عاديا- وان كانت الخلفية السياسية واضحة - ولكن لاحقا وبعد اللقاء بساعات معدودات نشرت صفحات النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي على شبكة التواصل الاجتماعي دعوة للتعبئة امام مقر المحكمة الابتدائية ببن عروس لنصرة «زميل» تعتبره النقابات «مظلوما» واتهم زورا «باحتجاز شخص دون اذن».
هذه الدعوة للتعبئة اطلقتها النقابات الاساسية للنقابة الوطنية ووقع تلبيتها من قبل اعوان امن بالزي النظامي وبالزي المدني والذين تجمهروا امام المحكمة الابتدائية ببن عروس إلى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة ولم يغادروها الاّ بإصدار قاضي التحقيق قرارا بإطلاق سراح رئيس مركز الامن بالمروج وإبقاءه في حالة تتبع على ذمة القضية.
هذه الوقائع اكدها عمر الحنين، الناطق باسم المحكمة الابتدائية ببن عروس، الذي درس تفاصيل الملف واطواره منذ انطلاقه في اوت الماضي الى غاية احالة ملف القضية والمتهم على قاضي التحقيق بالمكتب رقم 1 بالمحكمة ، وما جد من احداث ليلة الجمعة الفارط. اذ وفق الحنين فقد عاشت محكمة بن عروس على وقع تواجد عدد كبير من المحامين صلب اروقتها مقابل تواجد كثيف لقوات الامن بزيهم النظامي او اللباس المدني امام المحكمة التي شهدت في 26 فيفري 2018 عملية مشابهة ابطالها اعوان امن ونقابتهم اقتحموا مقر المحكمة بهدف الضغط على قاضي التحقيق للإفراج عن اعوان من الشرطية العدلية بحمام الأنف تم ايقافهم على خلفية شكوى في التعذيب.
ويعتبر الحنين أن تواجد اعوان الامن خارج مقر المحكمة وتجمهرهم بطلب من النقابات الامنية يؤثر على السير العادي للمرفق القضائي كما هو الحال بالنسبة لتجمع المحامين في المحكمة بهدف نصرة زميلتهم المتضررة. تأثير ادى الى ان يكون قاضي التحقيق تحت ضغط كبير ، فأي قرار سيصدر سيقبل بالرفض والغضب الكبير من قبل احد الطرفين، إما المحامين او اعوان الامن.
ولئن اعتبر الحنين أن للمحامين الحق في التواجد بالمحكمة الا ان الحضور بعدد غفير غير مفهوم ولا مبرر ولا معنى له الا تسليط الضغط على القاضي، ولكنه كان اشد وضوحا عندما تعلق الامر بتواجد الامنين امام المحكمة فقد تساءل مستنكرا عما «يفعله الامنيون امام مقر المحكمة والحال ان مقرات عملهم هي مراكز الامن والثكنات».
اشارة عمر حني ان أي قرار كان سيصدر عن قاضي التحقيق سيولد حالة غضب اما لدى المحامين او الامنين، ترافق مع اقرار ضمني بان القاضي كانت تحت التاثير السلبي لتواجد الطرفين وان حكمه تاثر بما جد خارج القاعة وخارج المحكمة.
تاثير يتضح اكثر في احتفال النقابات الامنية بالافراج عن «زميلهم» واعتبار ما حدث نصرا لهم، ولكن في خضم كل هذا لم يصدر عن وزارة الداخلية او رئاسة الحكومة أي موقف او تعليق يدين ما حدث ويعتبره تجاوزا لضوابط عمل اجهزة الدولة رغم تكرر الامر ، 2018 اقتحمت المحكمة ببن عروس وفي 2019 غاب المتهمون وحضرت نقابات الامن في قاعة المحكمة في قضية عمار العبيدي، وفي 2020 حاصر الامن محكمة بن عروس للمرة الثانية.
كل هذا يحدث ورئيس الحكومة الذي اكد حرصه على تشريك نقابات الامن في ضبط السياسية العامة لم يعلن عن أي موقف وكان ما حدث لا يعنيه او لا يعنى حكومته، فان تلجأ قوات حاملة للسلاح إلى اعتماد اسلوب الضغط عبر التجمع او اقتحام قاعات المحاكم للافراج عن «منتسيبيها» هذا ليس الا اقرارا بان انهيار الدولة بات مسألة وقت.
انهيار عبرت عنه مئات الاحداث ولم يستوعب احد ممن يمسك بمقاليد الحكم ان ذلك يؤذن بخراب البلاد ، وان الصمت عنها اما لتجنب التصعيد او ان الوقت غير مناسب ادى في النهاية الى ان تصبح سنّة تتبع في كل حدث.