موقفه من التعيينات الاخيرة في ديوانه في القصبة والتي يعتزم الاعلان عنها، وفي حشايا الكلام رسائل عدة ملغمة.
بين بلاغ رئاسة الجمهورية والفيديو المنشور على صفحتها الرسمية في شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» اختلفت الرسائل التي يراد لها ان تصل الى الجميع إذ يستهل البلاغ بالاعلان عن اللقاء الدوري بالتنصيص على ان الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي في البلاد من اهم محاور الحديث بين سعيد والمشيشي وان اللقاء وفق البلاغ كان مناسبة ليؤكد الرئيس لرئيس الحكومة على ان عددا من الأشخاص الذین یروج لتعیینهم فی عدد من المناصب لا زالت قضاياهم جاریة أمام المحاكم، وأنه يتوجب انتظار كلمة القضاء قبل الاستعانة بهم ولا مجال لأن یعودوا بعد أن تواروا عن الأنظار.
وهنا تعمق البلاغ في هذه النقطة ليتضمن تأكيدا على ان الرئيس شدد على أن المحاكم تصدر أحكامها باسم الشعب وان القضاء إذا لم يصدر حكمه فالشعب قد اصدره وذلك وفق نص البلاغ الذي اشار الى «إذا كان صاحب السیادة أدان منظومة كاملة بمؤسساتها وأشخاصها وثار علیها وسقط الشهداء والجرحی من أجل إزاحتهم، فلا مجال لان يعودوا».
وفي ذلك تأكيد على ان الحكم للشعب باعتباره صاحب السيادة قوس فتح واغلق ليقع الانتقال الى مسألة الحصانة البرلمانیة أو القضائية وهي حصانة اقرها القانون وفق بلاغ الرئاسة «بهدف ممارسة من یتمتع بها لوظائفه بكل استقلالیة لا أن یتعلل بها أو یتمسك بها للإفلات من المحاسبة والجزاء»، وعليه فانه لا أحد فوق القانون ولا أحد له أن یتحصن أو یعتصم بنصوص وضعت لضمان استقلالیته لا لضمان إفلاته من تطبیق القانون.
هذا ما تضمنه البلاغ من معطيات تعلقت بالاساس بالتعيينات وبالحصانة، اذ وجد الرئيس رابطا بينهما وهو تاخر صدور الاحكام القضائية لاسباب عدة، اما ما تضمنه الفيديو المنشور فهو اشد حدة ووضوحا، وان استهل بديباجة مشابه وهي ان اللقاء كان للنظر في الاوضاع الامنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها باعتبار انه يجب التنسيق بين راسي السلطة التنفيذية، لكنه خصص ومنذ البداية حيزا هاما من الدقائق الستة التي وقع الافراج عن مضمونها، لمسألة التعيينات التي قال الرئيس للشمشي انها مسألة يجب ان تعرض على رؤوس الملإ.
فالرئيس قيس سيعد لم يكتف باعلان ادانة للتعيينات بل شن هجوما غير مباشر على المشيشي وقد ذكره بانه كان عضوا في لجنة تقصي الحقائق في 2011 ويعرف الشبهات التي تلاحق شخصيات يتجه إلى تعيينها كمستشارين في ديوانه.
شخصيات قال الرئيس انها اجرمت في حق الشعب التونسي وانها محل تتبع قضائي منذ سنوات ولكن الحكم تاخر لان هؤلاء «تأمروا» لتاخير صدور الاحكام، ولكن عدم صدور الاحكام لن يقبل كذريعة لتعيينهم في مناصب صلب اجهزة الدولة.
نقطة شدد عليها الرئيس وهو «يوبخ» رئيس الحكومة ويذكره بان تقرير لجنة تقصي الحقائق التي كان المشيشي عضوا بها تضمن ادلة عن تورط من يتجه لتعينهم «لخبرتهم» التي قال عنها انها خبرة في السطو على اموال التونسيين واملاكهم وفي صياغة قوانين تحميهم من العقاب.
تقريع على رؤوس الملا لرئيس الحكومة لم يمر دون «قطعة حلوى» التي تمثلت في اشارة الرئيس للمشيشي بان لديه من «الوعي والحكمة وبعد النظر» ما يسمح بإبعاد من هو محل تتبع قضائي عن اجهزة الدولة وعدم السماح لهم بالتسلل لاجهوة الدولة.
هنا اغلق الرئيس ملف التعيينات وانتقل ليتحدث عن قرارات سيضطر لاتخاذها دون ان يحددها ولكن المح اليها بقوله انه «سيتخذ جملة من القرارات ولا احد فوق القانون» وهو ما تكفل لاحقا بلاغ الرئاسة بتوضيحه وهي نقطة الحصانة القضائية والبرلمانية.
نقطتان تطرق اليهما البلاغ والفيديو وان كان كل منهما خصص حيزا هاما منه لاحدى النقطتين، لكن بين الفيديو والبلاغ سقطت اشارة صريحة من رئيس الدولة في التسجيل المنشور، وهي تاكيده لرئيس الحكومة ان «هناك من يتربص للوصول الى رئاسة الحكومة».
اشارة بان هناك من يعد العدة لتغيير الحكومة ورئيسها وانه «يعرف بالاسم» من يقوم بذلك وكيفية استعداده لبلوغ رئاسة الحكومة وذلك ما لم تقع العودة اليه في بلاغ الرئاسة الصادر امس، اذ يبدو انها كانت زلة لسان مقصودة من الرئيس ليتلقفها المشيشي ويدرك انه تحالف مع من يعمل على ابعاده من المشهد، اي انه تحالف مع عدوه.
هذا العدو يعرفه الرئيس ويبدو انه على استعداد لمشاركة معرفته مع الشيشي إذا احسن الاخير التقاط الرسالة والعودة الى حماية قصر قرطاج والقطع مع باردو.