تاكيد جديد من المحتجين في الكامور بان اعتصامهم لن يحل الا بتحقيق مطالبهم، وتمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بحل ملف عمال الحضائر.
ملفات منفصلة لكل منها ثقل ووقع شديد على حكومة المشيشي، التي لم تحدد بعد أولوياتها وإستراتجيتها في مجابهة الكثير من الملفات المستعجلة وذات الاولوية، وهذا ما عبرت عنه في معالجة الكثير من الملفات، اعتصام المطالبين بتفيعل قانون الانتداب المباشر عدد 38 لسنة 2020، تلويح شركات ناشطة في حقول البترول بإيقاف النشاط في حال استمرار توقف انتاج الفسفاط والقائمة تمتد ليضاف اليها ما طرحه الاتحاد امس او في فترات سابقة، بشان عمال الحضائر وصرف القسط الثالث من الزيادة.
في هذه الملفات – باستثناء صرف الزيادة- يوجد عنصر مشترك وهو التشغيل الذي لم تكشف الحكومة ورئيسها سواء في بيانها الاول لدى جلسة التصويت او لاحقا ، رغم قصر المدة نسبيا ، عن اي تصور اولي لكيفية توفير مواطن وفرص عمل للتونسيين ، او لكيفية حماية مواطن الشغل المهددة جراء تداعيات ازمة الكوفيد-19، وأي معالجة ستتبعها لملف التشغيل الذي يعاني من ازمة هيكلية مرتبطة بقصور منوال التنمية الحالي وتاخر الاصلاحات الكبرى واخرى ظرفية نجمت عن ازمة الكورونا.
لم تكشف الحكومة بعد عن خيارها او تمشيها المنتظر إذ لم تحدد بعد ما إذا كانت ستستمر في نهج خلق الوظائف الوهمية ، عبر شركات البستنة والغراسات، او اثقال الادارة والقطاع العام بانتدابات جديدة ام انها ستتجه الى تشجيع المبادرة الفردية وبعث المشاريع.
اذن يستمر الغموض بشان خيارات الحكومة بخصوص هذه النقطة رغم وضوح جملة من الحقائق، اولها ان الدولة التونسية لم تعد قادرة على خلق آلاف مواطن الشغل عبر الانتداب سواء في الوظيفة العمومية او في القطاع العام وذلك ليس لاكتفاء كلي في اغلب القطاعات، اذ أنّ بعضها في حاجة إلى تعزيزالموجود خاصة التعليم والصحة، بل لانعدام الموارد المالية لتغطية هذه الانتدابات.
والأمر نفسه إذا تعلق الامر بالانتداب في شركات البستنة او الغراسات ، وظائف وهمية غير ذات مردودية وعديمة النجاعة اقتصاديا تكلف الخزينة مبالغ هامة، لا يمكن اليوم توفيرها وإذا توفرت فان الذهاب في هذا الخيار لن يكون الا استمرارا في سياسة المسكنات عوضا عن معالجة فعلية وجوهرية ، وما تبقى هو القطاع الخاص والمبادرة الفردية، وهذا الامر ليس بالهين.
فالقطاع الخاص التونسي يعيش على وقع تفاقم ازمته التي كانت سابقة للثورة، وهي ازمة هيكلية ، وبات يرزح تحت نير تداعيات ازمة كورونا وتأثيرها السلبي على المؤشرات الاقتصادية والمالية من بينها نسبة النمو السلبية برقمين المتوقع ان تسجل مع نهاية السنة وما يعنيه ذلك من خسائر اضافية لمواطن الشغل، وتضرر قطاع الخدمات والسياحة بشكل خاص من هذه الجائحة.
هذا هو المشهد بشكل عام ، ازمة هيكلية وظرفية تنعكس بشكل مباشر على التشغيل، تستوجب مقاربة مختلفة في معالجة ملف ظل متعثرا منذ الثورة رغم تعاقب الحكومات لم يقع الشروع في معالجته لا كملف منفصل بل ضمن خطة اصلاح كبرى.
خطة يحدد بمقتضاها المنوال الاقتصادي الجديد وأسسه وركائزه، وتحدد الدولة خياراتها في التدخل في السوق وفي خلق مواطن الشغل ، وتغيير المقاربة من الاقتصار على خلق مباشر لمواطن شغل الى تعزيز فرص العمل عبر الاستثمار المباشر العمومي او عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص او عبر تحفيز وتشجيع للقطاع الخاص والمبادرة الفردية والاقتصاد التضامني الاجتماعي.
تحفيز يستوجب تنزيل قرار الغاء منظومة التراخيص في قطاعات وانشطة اقتصادية وتوفير خطوط تمويل لبعث مشاريع خاصة بإجراءات مبسطة بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية واختصار الاجال، لتحفيز بعث مشاريع ومؤسسات صغرى ومتوسطة اضافة الى مرافقة الشركات والمؤسسات الاقتصادية المتضررة من الجائحة لتخفيف تداعياتها وتجنب انهيار هذه المؤسسات.
مرافقة سبق وان اعلنت حكومة الفخفاخ عن خطة لتحقيقها لكنها ظلت غير مفعلة، على غرار الكثير من خطط التدخل والتحفيز التي اعلن عنها في السنوات الفارطة، مما يجعل الانتظارات من حكومة المشيشي اليوم - ليس حلا سحريا او عصا موسى بل تحديد مقاربة وتنزيل قرارات واجراءات سابقة.
عمال الحضائر، محتجو الكامور، والمعطلون عن العمل: أي مقاربة للحكومة في معالجة ملف التشغيل ؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:14 14/09/2020
- 1078 عدد المشاهدات
ثلاثة ملفات منفصلة تتقاطع عند ملف «التشغيل» وجدت طريقها امس لتكون في مواجهة الحكومة ورئيسها، اعتصام لتنسيقية «الانتداب من حقي»،