سياسية و«جبر للخواطر»، فالرجل في طريقه إلى الإعلان عن حكومة كفاءات مستقلة من خارج الاحزاب والكتل البرلمانية والتي سيضعها بين خيارين اما القبول بما يقدمه او الرفض وتحمل تبعات ذلك.
خلال الساعات الـ48 الفارطة التقى هشام المشيشي المكلف بقيادة مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، برؤساء الكتل البرلمانية وقادة احزابها للتشاور بشأن حكومته، لقاءات يبدو ان المتغير فيها ما تقوله الاحزاب والوفود من خطابات وتصورات لا ما يقدمه الرجل من توضيحات وتصور.
فوفق كل من خرجوا بعد اللقاءات بالمشيشي فإن الرجل اقتصر على الاستماع لتقييماتهم للمشهد السياسي التونسي وللسنوات العشر للثورة التونسية وما تحقق فيها ، دون ان يقدم اي تصور او تعهد واضح وجلي لهم، فقط استمع وقدم تعهدا بان حكومته ستكون لكل التونسيين.
تعهد سبق ان اطلقه هشام المشيشي في تصريحات اعلامية يوم الاثنين الفارط، جاء فيها التلميح إلى الرجل من الاحزاب والسياسيين والذي لا يخرج عن تقييم رئيس الجمهورية، وهو ان زمنهم قد انتهى، فالرجل حينما سئل عن مشاوراته اشار الى انه التقى بالمنظمات الوطنية والأكاديميين الذين لهم ما يقدمونه للبلاد وسيشرع في «لقاء بعض السياسيين « وقد قالها بنبرة كشفت ما يضمره الرجل.
فالمشيشي ووفق ما كشف عنه في تصريحه او في مراسلته الموجهة للوفود التي التقاها حرص على ان لا يستعمل لفظ «حزب» فهو اما يعوضها في الكتابة بـ«الكتل وممثليها» او «بالسياسيين» إذا ادلى بتصريح. وفي الحالتين هذا التلميح يبين تقاطع التقييمات بين المشيشي وسعيد بشأن مسؤولية الاحزاب السياسية عن تأزم المشهد، ولئن كان الرئيس يقولها بشكل صريح ومباشر فان المشيشي يضمرها وتكشفها عباراته.
هذا الاضمار رصدته الاحزاب ومن التقى بهم المكلف في اليومين الفارطين وغادر اللقاء وقد تعززت قناعته بان المشيشي في طريقه لحكومة تقنية تضم شخصيات غير حزبية، وما يعزز هذه القناعة ان اللقاء وما حفّ به من تفاصيل اوحت للمشاركين انه سيكون الاول والأخير وان المشيشي لن يشركهم في بقية مسار المشاورات خاصة إذا ما تعلق الامر بتقديم اسماء المرشحين لحقائب وزارية.
انطباع خلفه اللقاء لدى وفد حركة النهضة وهذا ما تكشفه كواليس النهضة التي لا تغيب عنها فرضية ان يتوجه المشيشي اليهم مع نهاية المهلة الدستورية بتركيبة حكومته تاركا اياهم بين خيارين ، القبول او الرفض دون القدرة على التأثير في التركيبة او التعديل فيها.
خيار مطروح بشدة وترجح النهضة ان يكون الأقرب. وهو ما جعلها تبحث عن تصور للتعامل معه اي كيف ستصوت في المجلس ، هنا يقف قادة الحركة خلف عنوان كبير هو مجلس الشورى الذي سيحدد الخيار، ولكن الشورى لا يبدو انه سيغامر برفض حكومة المشيشي إذا كانت حكومة كفاءات مستقلة بل سيتعامل معها على انها حكومة الضرورة ويصوت بنعم لها على ان يقع التعامل السياسي معها لاحقا.
الحشر في الزاوية هو ما تستشعره الاحزاب خاصة التيار وحركة الشعب اللتين تدركان انهما في وضع صعب فهما وان دفعا بشدة المشيشي الى ان تكون حكومته من المتحزبين مع عدم اشراك النهضة في الحكومة يدركان ان المشيشي قد يستمع لنصف طلبهما بابعاد الجميع من الحكومة.
إبعاد يعنى ان تكون الاحزاب وكتلها البرلمانية مخيرة بين منح الثقة لحكومة لا تمثيلية لهم فيها ولا قدرة لاحقة على فرض اي خيار عليها او التصويت بلا ومنح رئيس الجمهورية صلاحية حل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة. كل الخيارات هنا واردة، ومنها ان لا يحل البرلمان عشية رفض منح الثقة للحكومة، لكن هذا لا يمنح الاحزاب اية افضلية بل يضعها في الزاوية.
فقط من يتمتع بهامش حركة كبير هو المشيشي الذي يبدو انه في طريقه الى فرض خياراته على الجميع، بل والتعامل معهم على انهم جزء من المشكل لا الحل وهذا ما عبرت عنه تفاصيل اللقاءات والانطباعات التي خلفتها. بان الحكومة القادمة ستكون حكومة تقنية لا حزبية.
حكومة سيكون سندها السياسي رئيس الجمهورية بالاساس اما البرلمان وان منحها الثقة فسيكون متربصا بها.
المكلف بقيادات المشاورات هشام المشيشي : الوجهة حكومة الكفاءات ؟
- بقلم حسان العيادي
- 10:05 05/08/2020
- 2438 عدد المشاهدات
بات جليا لمن التقى خلال اليومين الفارطين بالمكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي ان الرجل حسم خياراته وما اللقاءات الا «مجاملة»