سواء بين رئاسة الجمهورية والمجلس او الاحزاب مما يوفر له هامشا للتحرك ويمنحه قدرة على ان يفتك لنفسه مكانا تحت الشمس لكن هذا مرتهن باي صفة يريد ان يصطبغ بها رئيس للحكومة ام وزيرا اول.
اختار رئيس الجمهورية قيس سعيد ان يكلف هشام المشيشي، وزير الداخلية في حكومة تسير الاعمال، بقيادة مشاورات تشكيل الحكومة القادمة خلفا لإلياس الفخفاخ الذي استقال منذ اسبوعين من منصبه متعللا بتوفير فرصة للخروج من الازمة السياسية.
خيار يبدو انه كان مدروسا من رئيس الجمهورية الذي ارتأى ان مستشاره السابق الذي اصبح وزيرا للداخلية هو الشخصية الاقدر على تكوين حكومة جديدة، والقدرة هنا ليست مرتبطة بما للرجل من ثقل سياسي وبرلماني بل لعزلته وعدم وجود سند سياسي له مما يجعله كما سلفه «محتمي» بجبة الرئيس، اي ان قيس سعيد اختار ان يكلف شخصية يثق فيها ولكنه بشكل اساسي قادر على ان يعمل معها ويسيرها.
لذلك كان خياره على هشام المشيشي الذي لم يقدم اي تصور اولي لكيفية قياداته للمشاورات المتعلقة بحكومته واي منهجية سيتبعها، فالرجل اقتصر في كلمته التي عقبت التكليف على القول بانه سيسعى لتكوين حكومة تستجيب لتطلعات التونسيين دون ان يحدد كيف ومع من.
حكومة من المفترض ان تفضي اليها مشاورات تمتد على فترة الشهر، وفق ما يمنحه الدستور، وهي فترة سيكشف في اسبوعها الاول عن فلسفة المكلف، وقراءته للمشهد السياسي المحكوم باكراهات عدة، تتضمن الصراع بين رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب، التناقضات بين الاحزاب السياسية وضعف موقعها وقدرتها التفاوضية اذ امامها خياران اما ان تمر حكومته او حل البرلمان.
اي اننا امام مشهد مركب ومعقد منح الشخصية المكلفة افضلية هامة لرسم المرحلة القادمة رغم انه ينظر اليه على انه يدين بالتبعية للرئيس و معزول لا حزام سياسي وبرلماني يدعمه، الا ان كل هذه الحقائق بتجميعها مع الفرضيات المتبقية تكشف ان هشام مشيشي إذا احسن التحرك سيكون الشخصية الاقوى في فترة المشاورات وبعدها.
فالرجل يتحرك في ظل ازمة سياسية صبغت الواقع التونسي وانتقلت الى الاحزاب التي اصابها الارتباك وباتت غير قادرة على فرض خيار بعينه على المشيشي، اي هل تكون حكومة سياسية ام حكومة كفاءات، اي ائتلاف او تحالف تشكله اي خيارات تنتهجها كل هذه النقاط لن يكون للاحزاب اية افضلية تسمح بفرضها في المفاوضات.
ولا يقف الارتباك عند الاحزاب البرلمانية بل يشمل البرلمان برمته الذي لن يكون في وضع مريح يسمح له بالمناورة او البحث عن تحسين موقعه بل سيكون في محاولة لتجنب الاسوء وهو الحل، والذهاب الى انتخابات مبكرة قد تعصف بطموح كتل وأحزاب لها مكانها اليوم في البرلمان.
وضع الكل فيه يعاني من صعوبات الا المشيشي، وبدرجة اقل رئيس الجمهورية الذي وضع كل بيضه في سلة الرجل وعليه ان يترك له هامش حركة لتعزيز صورته كرئيس للحكومة لا كوزير اول تابع للرئيس، وهو تحد فرض على الرجلين اما الحفاظ على ما نص عليه الدستور او ان يقع جمع السلطة التنفيذية بيد الرئيس على ان يترك امر التنفيذ للمشيشي بصفته وزيرا اول.
في ظل هذه الاكراهات التي يبدو ان الرجل او محيطه على علم بها ستقاد المشاورات مما يجعل الافضلية بيد المكلف لا من كلفه او الاحزاب، اي ان مصير المشيشي وقدرته على رسم مساره كرئيس للحكومة وكلاعب اساسي في المشهد بيده وبمدى قدرته على اللعب على التناقضات والتنقل في المساحات الفراغ المتنامي بين كل اللاعبيين في المشهد اليوم.
المكلف هشام المشيشي: رئيس للحكومة أم وزير أول ؟
- بقلم كريمة الماجري
- 10:13 28/07/2020
- 1789 عدد المشاهدات
خلال هذه الايام سيكشف هشام المشيشي المكلف بتشكيل الحكومة عن الطريق الذي سيسلكه في ظل الإكراهات والصراعات والتناقضات