الى انتخابات تشريعية مبكرة على اعتبار أن ذلك هو الحل الوحيد الممكن لإنهاء الازمة ، لكن هذا الخيار يحمل في باطنه ازمات قد تكون اشد على البلاد .
يوم امس قال هشام العجبوني رئيس الكتلة الديمقراطية أنه «إذا لم يتم إيجاد توافق سياسي فلا حلّ إلا انتخابات مبكرة» على اعتبار ان الوضع الحالي لا يمكن أن يتواصل، اي انه لا يمكن ان تستمر حالة التفكك التي يعانيها الائتلاف الحاكم والصراعات البينية بين مكوناته.
حالة من التفكك والتطاحن يشير اليها القيادي بالتيار الديمقراطي بقوله ان حل الازمة يتضمن «بناء الثقة بين مكونات الائتلاف الحاكم» فإما ذلك وإما ان يتفاقم الوضع بان ينسحب من لم يعد يرى لنفسه مكانا في الحكومة وان يعرض لائحة سحب الثقة منها إذا استطاع توفير 109 أصوات.
ما يقوله العجبوني قاله نور الدين الطبوبي بطريقة مختلفة وهي ان يعيد مجلس النواب العهدة وان يقع المضى الى انتخابات مبكرة لوضع حدا للازمة السياسية التي تتجه لتصبح ازمة حكم، وذلك في بداية الاسبوع الجاري، وهو اسبوع تكررت فيه الاشارة الى امكانية الذهاب الى انتخابات مبكرة مع الاشارة الى تنقيح القانون الانتخابي قبل ذلك لتجنب تكرار المشهد البرلماني الحالي.
صعود هذه الدعوات المطالبة بانخابات مبكرة، كان نتيجية طبيعية لما تضمنه بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة الصادر نهاية الاسبوع الفارط والذي المح الى ان النهضة ستراجع موقفها من الحكومة على خلفية شبهة تضارب المصالح اضافة الى عدم استجابتها لمطلب توسيع الائتلاف.
تصعيد النهضة للضغط على شركاء الحكم وعلى الحكومة نفسها يبدو انه سيكون شرارة تأزيم الوضع اكثر، خاصة وان رد الشركاء على مضمون البيان كان الذهاب الى التصعيد بالقول انه قد يكون من الافضل الذهاب الى انتخابات مبكرة، بهدف الضغط على النهضة ولكن يبدو ان سياسة كسر العظام والضغط على الحلفاء قبل الخصوم قد ينفلت عقاله. وهذا ما تبرزه تطورات الازمة السياسية التي كلما مر يوم تزداد استفحالا عوضا عن الانفراج مما جعل «الانتخابات التشريعية المبكرة» حل ممكنا للازمة وفق ما يريد البعض ان يسوقه ، لكن لهذا الحل تعقيداته والاهم انه قد يحمل معه ازمة جديدة ، اذ ان المخرج الدستوري والقانوني الوحيد للدعوة الى انتخابات تشريعية مبكرة هو ان يحل الرئيس البرلمان لعجز الاخير على منح الحكومة الثقة.
وهذا الشرط يقود الى مسار يتجزأ لخطوات تنطلق بان يتقدم الياس الفخفاخ باستقالة حكومته مما يعيد المبادرة للرئيس الذي سيختار الشخصية الاقدر التي تكلف بتشكيل حكومة تتجه للبرلمان لنيل ثقته وان يصوت البرلمان بــ«لا» ليعود الامر الى الرئيس الذي يمنحه الدستور صلاحية محددة وهي «له ان يحل المجلس» اي انه يستطيع ولكنه غير ملزم اي ان الرئيس له ان يبقى على المجلس وبذلك يبقى على حكومة الفخفاخ كحكومة تصريف اعمال اي ان المجلس لن يكون قادرا على سحب الثقة منها، كما ان للرئيس متى شاء ان يحل البرلمان ويدعو لانتخابات مبكرة، فهذا سيمنحه صلاحية تشريعية وهي اصدار المراسيم وبذلك يمسك بكل ادوات اللعبة السياسية لمدة لن تقل عن 3 أشهر وهي الاجال القصوى التي يحددها الدستور لإجراء الانتخابات.
مسار له من التعقيدات والتفاصيل المتشابكة ما يجعله يمثل خطرا اكبر مما قد تمثله الازمة الحالية، اذ ان هذا المسار إذا انطلق فانه سيمتد على الاقل الى غاية نوفمبر القادم ، اي ان البلاد قد تتجه الى خريف ساخن تجرى فيه انتخابات تشريعية مبكرة بحكومة تصريف اعمال، وهنا ستكون البلاد كمن يلعب بالنار وهو يجلس على برميل البارود، أي خطإ سيؤدي إلى انفجار.
كل هذا تدركه الاحزاب والمنادون بالانتخابات المبكرة، التي وان عرضت كحل فعلي فان الذهاب اليها اخر ما يرغب فيه الجميع دون استثناء لكنهم بالمقابل يرغبون في الاستفادة من الازمة وممارسة مزيد من الضغط بهدف كسب نقاط ويغفلون عن أنهم دفعوا الى الاقصى قد يؤدي ذلك الى نتائج لن تكون في صالحهم.
فالذهاب الى الاقصى قد تكون نتيجته خسارة الجميع دون استثناء واستفادة تيارات شعبوية.