لـ « دعم سياسات تونس الاستباقية في مواجهة جائحة كوفيدـ19 » ولكن البيان الذي اصدرته ادارة التواصل بالنصدوق للغرض يتضمن معطيات اسياسية اخرى.فيها ما يتعلق بتوقعات صندوق النقد للنمو في بلادنا خلال هذه السنة اخذا بعين الاعتبار هذه الازمة وتبعاتها الاقتصادية وكذلك المعالم الكبرى لما ينتظره من تونس بعد تجاوز هذه الفترة الخاصة.
يتوقع صندوق النقد الدولي ان ينكمش اقتصادنا بحولي 4،3 ٪ على امتداد كامل السنة 2020 وهذا يمثل حسب عبارات بيانه الاعلامي «اعمق ركود تشهده البلاد منذ استقلالها ».
وللتذكير فان سنة 2011 كانت على مستوى نمو الناتج المحلي الاجمالي ـ اسوا سنة منذ عقود طويلة اذ تراجع فيهااقتصادنا بـ1،9 ٪ ولكن كان ذلك في سنة الثورة وتحت انظار التعاطف الدولي الكبير معنا، اما في 2020 فستتراجع كل اقتصاديات العالم وستسجل اغلب الدول اسوأ ارقامها الاقتصادية اي ان انظار العالم ستكون مشغولة عنا كذلك.
يقال دوما ان نقطة نمو تساوي تقريبا، خلق ما بين 15،000 و18،000 موطن شغل بما يعني ان خسارة اكثر من اربعة نقاط نمو قد يؤدي الى تحطيم ستين او سبعين الف من مواطن الشغل، هذا بالطبع لو بقينا في حدود توقعات صندوق النقد الدولي ولو لم يتراجع في النهاية اقتصادنا باكثر من هذه النسبة.
المهم هنا هو اننا امام أول فرضية منشورة من جهة مانحة لها الوزن الاكبر في المعادلات العالمية والاقتصادية الدولية.. ونذكر فقط بان الدراسة التي اعدها الاقتصاديان حكيم بن حمودة والهادي بشير حول الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لازمة فيروس كورونا المستجد على بلادنا والتي نشرناها في « المغرب » بتاريخ 15 مارس الماضي قد تنبأت بتراجع للنمو بين 1،65 ٪ و5،26 ٪ بحسب سيناريوهات وضحاها للغرض، وقد جاء بيان صندوق النقد يؤكد هذه التوقعات.
ولكن الرسالة الاهم في هذا البيان الاعلامي لبلادناـ ولكل البلدان التي تجد نفسها في وضعيات مشابهة لتونس ـ هو ضرورة « مواصلة تطبيق سياسات اقتصادية حذرة واستئناف عملية الضبط المالي بمجرد استيعاب الازمة » ويقول البيان بان السلطات التونسية ملتزمة بهذا وانه عليها مباشرة، بعد احتواء الازمة، ان تعمل اساسا على تخفيض نسبة كتلة الاجور مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي ومراجعة منظومة الدعم خاصة في مجال الطاقة، اي مواصلة السياسات التي تعهدت بها الدولة التونسية منذ ماي 2016 والهدف من كل هذا بالطبع هو « استقرار الاقتصاد الكلي وبقاء الدين التونسي في حدود ممكن تحملها » اي انه لا مجال البتتة هنا لالغاء او حتى ارجاء جزء من مديونية البلاد والمقترحات التي تظهر بين الفينة والاخرى بصدد تاجيل او الغاء جزء من ديون البلدان الاقل نموا لا تعني بالمرة بلدا كتونس.
كما لم ينس صندوق النقد التذكير بالتزام البنك المركزي التونسي « بتشديد السياسة النقدية اذا ظهرت ضغوط على صعيد سعر الصرف او التضخم، والامتناع عن اجراء تدخلات كبيرة في سوق الصرف الاجنبي لحماية الاحتياطات الدولية » اي وبعبارات اوضح على البنك المركزي الرفع في سعر الفائدة كلما لاحظ عودة ضغوط تضخمية، وهذا هو حال شهر مارس المنصرم اذ ارتفع التضخم من 5،8 ٪ الى 6،2٪ هذا بداية ثم ان البنك المركزي لن يتدخل لضخ ضخم للعملة الاجنبية حماية لسعر صرف الدينار نهاية.
في المحصلة يريد صندوق النقد الدولي ان يقول للحكومة التونسية ان قرض المساعدة الطارئة لا يعني البتة مراجعة لما يعتبرها اولويات الاصلاح للمالية العمومية وللاقتصاد الوطني، وهو وان يتفهم تبعات هذه الازمة الطارئة على اولويات البلاد الا انه لا يرى تعديلا يذكر لها على مجالات ومضامين الاصلاج التي التزمت بها الحكومة التونسية منذ 2016، اي انه على حكومة الفخفاخ الا تتوسع كثيرا في الاتفاق الاجتماعي في فترة ازمة الكورونا وان تستعد لما نسميه في تونس بالاصلاحات الموجعة بعدها…
فهل نحن امام أزمة (الكورونا) تخفي اخرى (االمالية العمومية) وهل سنجد في مواجهة الثانية نفس وحدة الصف التي نشاهدها في الأولى؟..