حاوراه : زياد كريشان وحسان العيادي
بعد أيام قليلة من نيل حكومته الثقة وإجراء مراسيم التسليم والتسلم وقبل حتى أن يقوم بالتدقيقات والتحيينات الضرورية لوضعية المالية العمومية يستجيب الياس الفخفاخ رئيس الحكومة لطلبنا ويجيب في أول حوار صحفي له عن كل الأسئلة المتعلقة أساسا بمشروعه للبلاد وبتصوراته لطرق الإصلاح، كما يجد قراؤنا الكرام التحيينات الأولية لحكومة الفخفاخ وخاصة في ما يتعلق بنسبة النمو المتوقعة لسنة 2020 وهي %1.5 مقابل فرضية %2.7 الواردة في ميزانية 2020 ثم تحيينها مجددا بفعل التداعيات الاقتصادية العالمية لانتشار فيروس كورونا المستجد لتخفض الى حدود %1..كما يحدثنا الياس الفخفاخ عن علاقة حكومته بصندوق النقد الدولي واضطرار تونس إلى اللجوء إلى برنامج جديد بعد انتهاء البرنامج الحالي ولكن بإصلاحات تراعي مصلحة البلاد ..
في هذا الحوار أجاب إلياس الفخفاخ بكل تلقائية عن كل أسئلتنا الاقتصادية والسياسة وعلاقته برئيس الجمهورية وبالأحزاب المشكّلة لحزامه السياسي وحول فلسفته التفاوضية مع اتحاد الشغل متناولا كذلك العملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت بلادنا. ونشير هنا إلى أن رئيس الحكومة لم يطلب الاطلاع على الحوار قبل نشره وهذا نادر جدا في عالم السياسة فما بالك عندما يتعلق الأمر بأهم المسؤولين في الدولة.
حوار تجدون فيه تصور رئيس الحكومة لهذه السنة وللخماسية كاملة..
قراءة طيبة ..
• العملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت يوم الجمعة دورية أمنية بالبحيرة و ذهب ضحيتها الشهيد الملازم أول توفيق الميساوي تطرح من جديد على سطح الأحداث الحرب على الإرهاب و تداعياتها . ما هي قراءتك لما حدث؟
فعلا لقد امتدت يد الغدر يوم الجمعة وبأسلوب بشع ومقرف إلى دورية أمنية متمركزة في منطقة البحيرة بالعاصمة.أدت العملية الجبانة إلى استشهاد الملازم أول توفيق الميساوي وإلى إصابة خمسة أعوان بجروح متفاوتة،بالإضافة إلى سيدة كانت موجودة بمكان الحادثة.
فشلت هذه المجموعة الإرهابية في تحقيق مبتغاها في إرباك الوضع،خاصة وقد تزامنت الحادثة مع انعقاد المجلس الوزاري الأول وعشية الاحتفال بالذكرى الرابعة للملحمة البطولية لمدينة بن قردان التي التحم فيها الجيش بالأمن وبالشعب، وكانت بحق بداية النهاية للإرهاب ببلدنا وحتى بالمنطقة.
فشل هذه المجموعات في تحقيق مآربها مرده أيضا الجهود الجبارة التي بذلتها وتواصل بذلها الدولة من خلال المؤسسة الأمنية والجيش الوطني وكافة المتدخلين في مقاومة الإرهاب. ويتواصل هذا الجهد المثمر بعزيمة وإصرار من خلال تحقيق نتائج كبرى على مستوى العمليات الاستباقية والقضاء على ما تبقى من بؤر الإرهاب.
ما هي خطة الحكومة لمزيد إحكام استراتيجية الحرب على الإرهاب و لقيام الدولة بواجبها تجاه ضحاياه و في مقدمتهم شهداء المؤسستين الامنية و العسكرية؟
قمت بزيارة بيت شهيد الوطن وأديت واجب العزاء واستمعت إلى عائلة الفقيد وستقوم الدولة بواجبها كاملا وسترعى أطفاله وأسرته. وبالرغم من هذا المصاب الجلل، فإن معنويات الأمنيين عالية ولقد قمت بزيارة الجرحى والذين عبروا عن عزمهم وإصرارهم على مواصلة هذا الجهد وهذا الواجب الوطني في الذود عن البلاد وتوفير الأمن والطمأنينة.وخير دليل على ذلك القرار الذي اتخذناه بالإبقاء على مباراة كرة القدم المبرمجة لمساء الجمعة كرسالة لأعداء الوطن وأعداء الحرية وأعداء الحياة. تمت المقابلة في أجواء سليمة بفضل الاستعدادات الجيدة والكبيرة للمؤسسة الأمنية وبفضل كل الأطراف المتدخلة والتي أصرت على رفع التحدي وتبليغ رسالة واضحة لا لبس فيها: لا مكان للإرهاب بيننا ولا مكان للإحباط.
لا بد من التذكير بأن تونس تخوض، كعديد دول العالم حربا متواصلة على الإرهاب لا هوادة فيها ونتيجتها النصر بفضل الله وبفضل جهود كل القائمين على أمن البلاد والمواطنين والتفاف الشعب حول دولته.
سنواصل تعبئة كافة الموارد لخوض هذه المعركة بروح انتصارية وبمقاربة شاملة تتضمن الأبعاد الأمنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. كما سنعمل بكل ما اوتينا من قوة لضمان أمن المواطنين وضمان أمن بلدنا والتقدم بالإصلاحات المطلوبة من أجل حياة أفضل للتونسيين.
• ما نرجوه هو أن يتم تجاوز مخلفات العملية الإرهابية الجبانة بسلام ولكن التأثير الاقتصادي لفيروس «الكورونا» بات جليا عالميا على مستوى السياحة والتبادل التجاري وتداعياته بدات تصل إلى تونس فهل دفعكم هذا لمراجعة فرضيات نمو الاقتصاد الوطني لهذه السنة؟
قبل كل شيء وكما سبق وقلت في مجلس نواب الشعب نفضل التعرف على الوضعية الحقيقية للبلاد والتزاماتها والفرضيات التي تشتغل عليها سواء تعلقت بالموارد أو المصاريف في ميزانية الدولة هذا ما نشتغل عليه
• نتحدث عن تأثير الكورونا على الاقتصاد التونسي؟
للأسف انضافت معطيات جديدة هي اليوم فيروس «الكورونا» الذي تشير تقييماتنا الأولية إلى أنه سيجعلنا نخسر نصف نقطة من النمو .
الفرضية التي اشتغلنا عليها هي تحقيق نمو بـ1.5 والآن بعد «الكورونا» انخفضت التوقعات إلى نقطة نمو .
• يعني انه بدلا من فرضية %2.7 الواردة في ميزانية 2020 تتجه البلاد إلى تحقيق نسبة النمو بـ %1 فقط ؟
نعم نحن نتجه لتحقيق نقطة نمو واحدة . عملية التقييم لا تزال قائمة وهناك مراجعة تعبئة لموارد الدولة وفرضيات يقع العمل وفقها .ولتعبئة الموارد نحن اليوم في تواصل مع صندوق النقد الذي أضعنا معه على أنفسنا مراجعتين السابعة والثامنة تقدران بـ3 مليار دينار اي ثلث الموارد التي سنقترضها من الخارج .
وهذا لأننا لم نتخذ الإجراءات في وقتها وآخر مراجعة كانت في ماي الفارط،نحن واعون بالوضع ومدركون له وسنتحمل مسؤوليتنا .
فنحن جئنا لنتحمل مسؤوليتنا ونقوم بما هو عاجل من الإجراءات وأيضا الشروع في التغيير الجذري لمنوال التنمية الذي دونه سنظل نطارد سراب تغيير وضع التونسيين.
• تراجع النمو بنصف نقطة سببه الكورونا فقط أم أزمات أخرى ؟
الوضع العام يتسبب في هذا إلى حد ما ولكن بشكل أساسي وباء الكورونا الذي طال النمو العالمي ،ونحن نتأثر بنسبة النمو العالمية ونحن في تقييمنا الأولي سنخسر 0.5 نقطة نمو، وهذا مرتبط بطول مدة تواصل انتشار الفيروس وكيف سيؤثر على الصعيد الدولي .
• كيف وجدتم الوضع العام للمالية العمومية ؟
التقييم الأولي يكشف أن هناك معطيات غير مدرجة سواء في نسبة العجز حيث تم تأجيل بعض الدفوعات بالنسبة للدعم وللمزودين .هناك مسالة تحيين المداخيل الجبائية للدولة وفق نسبة النمو المحققة فعليا في سنة 2019 و هناك الكثير من النقاط التي سنعود إليها لكن حاليا أفضل أن ننجز كامل مسار التقييم في المالية العمومية وسنكشف ما نجده للتونسيين وسنقول كل الحقيقة.
وسنقول كل الحقيقة ليس بهدف تحميل المسؤولية بل لكشف الأوضاع للتونسيين،وكذلك لتحديد الأولويات والتحديات .
• في موازنة 2020 يتجاوز حجم الاقتراض 11 مليار دينار فهل يعني هذا اننا قد نقترض أكثر أم انه سيقع إعادة توزيع الموارد ؟
الأمران واردان نظريا لكن في حقيقة الوضع نقول أن حجم الاقتراض سيظل هو نفسه فلم يعد هناك هامش لزيادة حجمه ولذا سنبحث عن حل يتعلق بالمصاريف والنفقات فقد بلغنا مستوى غير معقول من المديونية التي تناهز %80 وهذا بدوره موضع تدقيق لأنه مقترن بوضعية الدينار وسعر صرفه
على كل منطق معالجتنا لا ينطلق من الاقتراض بل من ضرورة معالجة في إطار ميزانية الدولة المرسومة سواء في تعبئة موارد ذاتية أو إنعاش الاقتصاد وهذه من بين أولوياتنا او في تقليص المصاريف .وهذا ما سنتوجه إليه إضافة لبعض الإجراءات التي كان من المفروض انجازها منذ ماي الفارط .
هناك الكثير من التعهدات التي قدمتها الدولة التونسية ولم يقع تنفيذها وهذا سبب إهدارنا لفرص دعم الميزانية، هذا بالإضافة لضعف نسبة انجاز المشاريع التي رصدت لها تمويلات والتي يبلغ معدلها %30 فقط.
وهذا ما سنعمل على تغييره بكل شفافية ودون خوف .فنحن كما كل التونسيين واعون بصعوبة الظرف. وانا أدرك أن التونسيين مستعدون للتضحية إن تمت مصارحتهم وأنهم سينخرطون في عملية الإنقاذ لاننا سنسعى لتوضيح الافق الايجابي لهذه العملية، وانا كنت منذ البداية مدركا لهذا وقد اسمينا الحكومة بحكومة الوضوح وإعادة الثقة التي تستوجب التضحيات وهذا سألتزم به.
• هل سنتجه مجددا لصندوق النقد الدولي؟
نحن لا نزال في اطار برنامج القرض الممدد هناك تعهدات سابقة سنتجه بها للصندوق .اذ من أصل 8 أقساط تحصلنا على 5 ولا تزال أمامنا فرصة لنيل القسط السادس حيث سبق وفقدنا فرصتنا في القسطين الـسابع والثامن. حاليا نعمل على ضمان نيل القسط الـ6 المقدر بأكثر من مليار و300 مليون دينار .
نحن في نقاش مع الصندوق من اجل ضبط بعض النقاط في ظل ضغط الوقت إذ لو تجاوزنا موعد 20 مارس الجاري دون زيارة وفد الصندوق سنخسر الكثير .
فما يوفره لنا صندوق النقد ليس فقط هذا القسط بل كذلك ظروف خروج أفضل إلى الأسواق المالية ومختلف الجهات الأخرى لتعبئة الموارد المبرمجة في الميزانية .
هذه الحكومة ليس لها خيار الان غير التعامل مع صندوق النقد الدولي فنحن مسؤولون عن الدولة وعن أجور الموظفين والإيفاء بتعهدات الدولة المالية.
لذلك سنتجه إلى الصندوق بما يجب أن نقوم به وبتعهدات كان من المفروض أنها طبقت لكن لم يحدث إما بسبب الانتخابات أو انتظار تشكيل الحكومة .
ونحن سننهي البرنامج الحالي مع الصندوق .
• هل ستطالب حكومتكم ببرنامج جديد مع صندوق النقد الدولي ؟
سنشرع في برنامج جديد مع الصندوق اذ ليس لدينا خيار اخر ولكن سندافع في مفاوضاتنا معه على مصلحة البلاد ولن نقبل بشروط لا تراعيها ما سنحاول أن نلتزم به هو ان يكون هذا آخر برنامج مع الصندوق ونأمل بعد نهايته أن يتعافى الاقتصاد التونسي بصفة نهائية وان تتحسن كل المؤشرات بما في ذلك ترقيمنا السيادي وهو أمر هام للغاية لأنه يسمح بتمويل موارد الدولة في الأسواق المالية بنسب منخفضة .
ولهذا أنا أتحدث كثيرا عن تغيير المنوال الاقتصادي فالاقتصار على إصلاحات جزئية دون التغيير الجذري سيجعلنا في حاجة مستمرة لدعم صندوق النقد .
• إذن أنت مضطر لإتباع سياسات تقشفية يعارضها جزء من حزامك السياسي باعتبارها املاءات صندوق النقد ؟
علينا أن نتجاوز الشعارات إننا وضعنا برنامجا من اجل تونس سنعمل فيه على إنعاش الاقتصاد وتوجيه الديون للاستثمار وتحقيق التوازن في المالية العمومية ،تحسين الترقيم السيادي بما يسمح بالخروج للأسواق المالية دون ضامن ،فحاليا صندوق النقد هو بمثابة الضامن .
صندوق النقد قد يسعى لفرض بعض الخيارات ولكنه لا يستطيع إجبارنا عليها ،لقد حاولوا ذلك معي في 2013 ورفضنا .فنحن لنا تصور للإصلاح يكون بديلا عما يقترحه الصندوق .
• صندوق النقد سيفاوض من أجل إصلاح الوظيفة العمومية وتقليص كتلة الأجور وخفض الدعم وكلها نقاط في الاتفاق الممدد؟
نسبة الأجور من الناتج تقوم على الأجور وعلى الناتج المحلي الإجمالي، أي يمكن أن نتحدث عن الأجور أو عن الناتج الذي يجب أن نشتغل على الرفع منه كما أن الحل المتمثل في الترفيع في الأجور لم يعد يقنع الشعب التونسي لأن المرفق العمومي لم يعد يرضي الشعب الذي يعتبر أن الخدمات باتت في تراجع .
وحكومتي وضعت إصلاح الدولة والحوكمة والمؤسسات العمومية كأولوية، إذا يجب أن نقوم بإصلاح شامل يحقق النجاعة وإعادة توزيع الموارد البشرية لتحسين الخدمات والمرفق العمومي .
• ولكن هذا ما يطالب به صندوق النقد بالضبط ؟
لسنا في حاجة لان يقول لنا الصندوق ماذا نصنع هذا ما أومن به وهذا هو مشروعي .
• إصلاح المؤسسات والتحكم في الإنفاق العمومي، اي الحد من ارتفاع الأجور قد يرفضه اتحاد الشغل ؟
اتحاد الشغل لم يعبر عن هذا وأنا ارغب في أن يكون الاتحاد شريكا وان يناقش هذا البرنامج .فنحن اليوم وضعنا توجها عاما ورؤية للإصلاح ونحن حاليا في مرحلة التدقيق في الأولويات التي نأمل أن تتضح بشكل حاسم ومفصل مع حلول شهر افريل ،ونأمل أن نصل قبل موفى سنة 2020 لوضع مخطط السنوات الخمس 2021 - 2025.
في المسارين العاجل ومتوسط المدى نرغب أن يكون الاتحاد شريكا وان نحدد الخيارات لا بمنطق ماذا ستخسر بعض الفئات الاخرى بل ما الذي سنكسبه جميعا في المستقبل.
اعتبر انه من الضروري أن يكون لنا معيار فعلي لتوجيه الاستثمار العمومي الى القطاعات الواعدة الجديدة،قطاعات الذكاء ومهن الغد.
• كيف ستكون سياستك التفاوضية مع اتحاد الشغل ؟
ما أسعى إليه هو الاستقرار الحكومي ليس رغبة في الموقع والبقاء فيه وإنما البلاد في حاجة اليه لتؤسس عقد اجتماعيا جديدا.حتى مع الاتحاد الذي يجب أن يطمئن إلى أن هذه الحكومة لديها الوقت للإيفاء بوعودها.
في السنوات التسع الماضية 9 كان المنطق السائد هو تحقيق اكبر مكاسب ممكنة لمختلف القطاعات و هذا يجب أن ينتهي ،وهذا سبب تأكيدي منذ البداية انني أتيت لأبقى واحقق الاستقرار الحكومي .فكل الحكومات السابقة ظلت لسنة حتى حكومة الشاهد اشتغلت بصفة عادية سنة واحدة وانطلاقا من بداية مسار قرطاج 2 في فيفري 2018 لم يعد بالإمكان الحديث عن شراكة دائمة بين الاتحاد والحكومة .
• ولكنك لست ضامنا لبقائك على امتداد كامل هذه العهدة الانتخابية كذلك ؟
فعلا ولذلك قلت هذا إن الأمر مسؤولية الجميع و يجب أن نحقق الاستقرار في البلاد لفسح المجال لحوار وطني وصيغة عقد اجتماعي جديد .
• لو تمسك الاتحاد بضرورة مواصلة المفاوضات والزيادات على الشاكلة السابقة فماذا ستفعل؟
سنتحدث بكل جدية عن الوضع العام للبلاد وعن تصورنا .
• أنت كرئيس حكومة هل ستتمسك بخيارك ام ستستجيب لضغط الاتحاد ؟
أنا لست هنا من اجل الكرسي ،لو كنت كذلك لاتخذت خيارا مغايرا لمسار المشاورات .أنا هنا من اجل البلاد .
• هل تضع «كرسيك» في الميزان ؟
ممكن لا إشكال بالنسبة لي أنا أتعامل بجدية ومسؤولية ولي ثقة في قيادات الاتحاد الذي أعرفه واعرف قياداته .
في إطار عملية جدية مسؤولة وفيها نقاش جدي يمكن الوصول إلى حلول .
• ما نوع هذه الحلول ؟
حلول تضمن مفاهمات على برنامج لثلاث سنوات .فنحن في نوفمبر القادم سنقدم برنامجا خماسيا بأرقام مفصلة وموضوعية .
أنا أتيت من اجل الموضوعية والصراحة والجدية وفي كل الأحوال كلنا نتحمل مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور .
شخصيا سأتحملها والبلاد في حاجة لأن ينتصر إليها الجميع وهذا خطابي وتعهدي سأحافظ عليه.
سنتفاوض مع الاتحاد ولكن سنتفاوض ضمن إطار مرسوم .في هذا الإطار سنرى ما هو ممكن.
• وان رفض الاتحاد هذا الإطار ؟
انتهى الأمر
• لكن لحزامك السياسي تصورات مختلفة عما تقول كحركة الشعب التي ترفض سياسة التقشف ولا تريد أن تتعامل مع صندوق النقد وتطالب بالتوسع في الإنفاق العمومي ؟
حركة الشعب شريك تفاوضنا معه بكل جدية في الوثيقة التعاقدية التي حددت برنامج عملنا .حاليا سنتجه لتفصيل الوثيقة التوجيهية لتصبح برنامجا وحركة الشعب شريك في الحكم سنتفاوض معه وسنعمل على إقناعه والبحث عن التقارب بين 5 أطراف تساند الحكومة .
ولا أرى ان هنالك إيديولوجية قصووية لدى حركة الشعب .
• ما تقوله يسمح بالاعتقاد بان حكومتك تمثل استمرارا لسابقاتها ؟
لا يمكن المقارنة ولا وجاهة لها هناك مسارات مختلفة وأنا في مسار مغاير عن السابق فالائتلاف الحاكم أنا الذي كونته ولم يكونه رئيس الجمهورية وكونته وفق تصور قاعدة ونحن نسعى لنيل ثقة الشعب ولسنا في ظل الاستمرارية لا في اختيار الأفراد ولا في الأولويات ولا الآليات .
نحن في قطيعة مع السابق .
• أول قطيعة وعدت بها هي حل جديد للحوض المنجمي فما هي ابرز ملامحه؟
نحن وضعنا ثماني أولويات تتعلق بمواضيع شائكة كالحوض المنجمي الذي لا يمكن معالجته بمقاربة من جانب واحد وتستوجب حلا معقدا وهذا ما سنعمل عليه ،والحل سيكون من عدة جوانب منها تعصير الشركة واستعادة الأسواق التي خسرناها وفيه جانب تنموي للجهة ، كأن يبقى جزء من عائدات الفسفاط في الجهة لإعادة منوال التنمية .
لدينا بداية حلول سنشتغل عليها لنصل لمخطط متكامل لجهة قفصة والحوض المنجمي على خمس سنوات فيه إجراءات عاجلة وفيه إجراءات تحتاج لتمويلات كبيرة.
• متى ستقدم هذا الحل ؟
نأمل قبل شهر جوان القادم. سنشتغل على صياغة هذا العقد مع أهالي الجهة وسنشركهم فيه وسنعمل على عقد جديد عوضا عن حلول ترقيعية كأن تنتدب عددا من العاطلين بين الفينة والاخرى و الشركة ستواصل في الانتداب بلا شك ولكن اليوم يجب أن نصوغ تصورا شاملا للتنمية وهذا يستوجب الاستقرار .
• ماهو العنصر الذي يجعلك تعتقد في نجاحك في حل معضلة فشل كل سابقيك فيها رغم نواياهم الطيبة ؟
سبب فشل المحاولات السابقة هو عدم الاستقرار الذي لم يسمح بتنفيذ برنامج تم الاتفاق عليه .حاليا يجب صياغة عقد جديد .
• هل حدد تم تكلفة هذا العقد ؟
لم نحدد بعد .
• هل لديك تخوف من أن الحل الذي ستقدمه في الحوض المنجمي ستكون مطالبا به في باقي الجهات ؟
نأمل أن نستبق الوضع ،فيجب أن نضع سياسة لدولة وليس لرجل مطافئ ،أي يجب أن نستبق الأزمات لا أن نعمل على إطفاء الحرائق متى اندلعت .
اليوم يجب أن ندرك أن الدولة تخسر الكثير من الأموال بسبب خسائر الحوض المنجمي وهي مبالغ أكبر من تكلفة التنمية في الجهة ولها تداعيات نحن نحسب كم سننفق ولا نحسب الربح الضائع في كل الملفات كالحوض المنجمي والموانئ البحرية كميناء رادس الذي سجل اضعف نسبة لتنزيل الحاويات وهي 7 في الساعة والمعدل العالمي هو 20 أي أننا نخسر الكثير جراء ضعف عملية تنزيل الحاويات مما يوفر لنا تمويلات بناء ثلاثة موانئ أخرى كرادس .
• تعلم ان المعالجة السابقة لهذه الملفات قامت على ضخ التمويلات الكبرى دون نتائج فما هو الجديد؟
المقاربة كانت خاطئة نحن سنتبع مقاربة وخيارات نأمل في نجاحها فأقراص الدواء لم تعد كافية لمعالجة أمراض جهات ومؤسسات تحتاج إلى معالجة المرض ليس لمسكنات .
• أنت تعلم أن الإشكال الأكثر تعقيدا يكمن في الأجور المرتفعة في شركة فسفاط قفصة وتجعلها مرغوبا فيها من الجميع وتمنع بالتالي من قيام نسيج اقتصادي قابل للحياة؟
هناك هذا التعقيد ،لكن نعول على ذكاء التونسيين الذين يدركون ان الاستمرار بهذا النهج سيؤدي إلى انهيار الشركة وسقوطها على رؤوس الجميع وهذا قد يكون كافيا لكي ينضج الحوار حول الخوض المنجمي الدائر منذ اكثر من عشرية ويتغير الوعي الجمعي .فالكل يدرك أن الشركة لن تستطيع انتداب كل العاطلين في الجهة
هل ستقول للتونسيين انه لتقوم الدولة بدورها الاجتماعي عليها أن تنتج الثروة قبل أن توزعها ؟
انأ في علاقة صراحة مع التونسيين الذين اعتبرهم أذكياء ومسؤولين.ولست في علاقة تقوم على انهم لا يفكرون بصراحة ويرغبون في النهش.
أنا احترم الذكاء التونسي وقد عبر عن هذا وفاجأنا كثيرا .
أنا انطلق من هذا وأخاطب التونسي وبصراحة حول ما يجب أن نفعل وما نستطيع فعله ،وحول الدور الاجتماعي للدولة الذي لم يعد دورا إجرائيا بل دورا مضمونيا .
التونسي الذي يمضي ثلاث ساعات يوميا في التنقل بين منزله وعمله بين وسائل النقل العمومي دور الدولة هو تغيير هذا وليس زيادة في الأجر بالضرورة .
• ولكن تغيير هذه المعطيات يحتاج سنوات عديدة ؟
ينبغي أن ننطلق الآن في السياسات العمومية الاصلاحية وهي سياسات على المدى الطويل .
• ما تقوله معقول ،ولكن هذا للأسف قد لا يقنع التونسي الذي ينتظر تحسنا عاجلا؟
هناك حلول فورية سننطلق فيها ولكن دور الدولة يمتد على زمنين ،العاجل وفيه إجراءات ظرفية ومساعدات اجتماعية ولكن أيضا هناك المدى الطويل الذي يجب أن ننطلق فيه من الآن .
• هل ستكون كما «تشرشل» تطالب التونسي بالتضحية الآنية مقابل الرخاء المؤجل ؟
أنا قلت هذا في ندوات سابقة،وسأقول هذا للتونسي «الأوطان تبنى بالتضحيات» .
وفي خطابي أمام مجلس نواب الشعب قلت هذا وطلبت من التونسيين أن يؤمنوا ببلادهم وان يستعدوا للتضحية .
هنا أود العودة لنقطة في المضمون الاجتماعي للدولة لاشك أنه ينبغي الزيادة في الأجور وفي المساعدات الاجتماعية ولكن هذا غير كاف ويضع حدا لأزماتهم وقدرتهم الشرائية، فدور الدولة يتضمن أيضا تحسين الخدمات العمومية كالنقل والصحة والتعليم وهذا ضروري لتحسين نوعية وجودة حياة المواطنين .
• هل سيتغير دور الدولة الاجتماعي في 2020 ؟
لن يتغير كثيرا سنحافظ على ذات الإجراءات المتبعة،فلا يمكن أن نغير من الدور الاجتماعي للدولة في سنة أو سنتين وإن قلنا هذا فإننا نكذب على التونسيين .
اليوم علينا أن نعمل على مسارين في 2020 العاجل وبعيد المدى الذي يجب أن ننطلق فيه منذ الآن .
• ما هو تعريفك الدقيق لـ«منوال تنموي جديد»؟
اليوم هناك إدراك لضرورة تحديد دور الدولة في المنوال الاقتصادي إذ يجب أن يكون لها دور استراتيجي تعديلي ويجب عليها خاصة الاستثمار الاستراتيجي لبناء قطاعات اقتصادية جديدة لتونس 2040، كالاستثمار في البنية التحتية للالياف البصرية والعمل على إنجاح التحول الرقمي والمساعدة على خلق المؤسسات المجددة وذات القيمة المضافة العالية.
فالاقتصاد العالمي يتغير وهو اليوم يعيش على وقع الثورة الاقتصادية الرابعة،وعلينا ان نلتحق بها أن ندرك أن العالم يتجه للرقمنة وعلينا القيام بذلك .
هناك تجارب عرفها العالم تبين أن الدولة يجب أن تستثمر في الكثير من المجالات كالبنية التحتية الرقمية ومرافقة الشركات الناشئة أو المشاريع الكبرى إذ على الدولة التدخل والاستثمار عبر 6 أو 7 آليات ونحن نشتغل على تركيز صندوق لهذه الاستثمارات .
هذا الصندوق يمكنه التدخل في الكثير من المجالات في الاقتصاد الرقمي عبر الاستثمار المباشر بنسب مختلفة أو عبر اتفاقيات أو عبر منح أو قروض بتدخل للمساهمة في النقلة .
أعود لسؤال «منوال التنمية» الكل يعرفها بطريقته وأنا أعرفها بمنحها مضمونا وهو الانتقال من دولة مفرطة المركزية بنت منوال تنمية على شاكلتها اي شديد المركزة إلى تركيز الباب السابع للدستور التونسي المتعلق بالحكم المحلي.
هذا الباب يتضمن تصورا لإشراك التونسي في التنمية في المستوى المحلي وهذا منوال جديد.
• هذا منوال سياسي بالأساس فأين التنمية؟
أنت ترى الجانب السياسي وأنا أرى الجانب التنموي .
• كيف ذلك ؟
حينما نقول الجهات والأقاليم فنحن نتحدث عن جانب تنموي حينما تصبح مراقبة القرار عن قرب هناك جانب تنموي وحينما يصبح اتخاذ القرار محليا وجهويا وإقليميا وليس مركزيا هناك جانب تنموي .
فسابقا كان الوالي له الدور التنموي اليوم لم يعد كذلك بل المنتخب كرئيس للجهة أو الإقليم .
• وهذا ماذا يغير فعليا في حياة الناس أو في المنوال التنموي ؟
يغير الكثير ففي تجربة مقارنة كتجربة السويد تبين أن الانتقال من المركزي إلى اللامركزي اقترن أيضا بانتقال الكفاءات والموارد وتبيّن أن المسؤولين وأصحاب القرار يتصرفون بشكل أفضل حينما يكونون مسؤولين مباشرة أمام أبناء الجهة .
هناك مناطق وجهات ستصبح لها حرية المبادرة .
• ألا تخشى من أن منح حرية المبادرة للجهات قد يعمق الفوارق بينها ؟
هناك عدة آليات يمكن أن تشتغل وفقها وتحقق الفائدة للجميع .إن التجارب في العالم بينت هذا مثل تجربة السويد وايطاليا واسبانيا .
• غير هذا المستوى ماذا يعني المنوال التنموي الجديد أيضا ؟
ترتكز الثورة الاقتصادية الجديدة على الموارد البشرية المتفوقة. في السابق بني منوال تنميتنا على اليد العاملة غير المختصة زهيدة الأجر ،وحافظنا على هذا كورقة تنافسية لم تعد صالحة اليوم .يجب أن نحسن التعامل مع الناشئين وخاصة جيل دون 15 سنة لا سيما عن تعليمهم .
• أنت تعلم أن أي طفل في منطقة داخلية حظوظه اقل من طفل نشأ في احد أحياء العاصمة الراقية فكيف ستعالج هذا ؟
حظوظ الطفل في الجهات الداخلية اقل بـ6 مرات ونصف من طفل نشا في حي راق بالعاصمة .هذا ندركه وسنعمل على معالجته بمقاربة إصلاحية جديدة.
فالحديث عن إصلاح التعليم للأسف يقتصر دائما منذ سنوات على تغيير طفيف في المضمون والتوقيت وهذا لا يغير شيئا لذلك يجب أن ندرك أن الإصلاح يجب ان يكون جذريا وعلى 15 سنة وان نوفر له كل التمويلات اللازمة وهو مكلف ماديا وفق ما تبينه تجارب مقارنة .
• أي تجارب بالتحديد ؟
كوريا الجنوبية هي نموذج جيد في إصلاح التعليم والصين أيضا وما يحدث الآن في المغرب هناك الكثير من التجارب الجيدة وأنا وان كنت لست خبيرا في إصلاح التعليم إلا أن تجربة كوريا الجنوبية تعتبر من أفضل التجارب .
• هل هذه التجارب يمكن نقلها الى تونس ؟
نحن سننظر في الأمر ،الأكيد أننا في حاجة لإصلاح جذري وجوهري .
• هل حددت عناصر هذا الإصلاح ؟
أنا قلت أن جودة التلميذ من جودة مدرّسه لذلك يجب ان نركز على الإطار البيداغوجي الذي يجب أن ننتقي أفضله وان نكونه ونمنحه أجرا جيدا .
• هل ستضاعف اجر المدرس لتشجيع المتميزين على الالتحاق بقطاع التعليم ؟
في أي عملية إصلاح جادة هناك مرحلة انتقالية لذلك أنا أشرت إلى أن الإصلاح يحتاج إلى 15 سنة .
هذا الإصلاح سينطلق في 2020 ؟
نأمل أن يكون لدينا تصور واضح للإصلاح قبل موفى هذه السنة .
• حكومتكم تقدم مشاريع إصلاحات تحتاج لسنوات كيف ستمررونها والحال أن حكومتكم قد لا تتجاوز السنة ؟
من يتحدث عن حكومة سنة «ربي يعينه» أنا أتحدث عن حكومة خمس سنوات .
• إذن 2020 ستكون سنة تحضيرية ؟
سيكون لدينا مساران، هذه السنة للأولويات العاجلة سنقدمها مع افريل القادم وننطلق في معالجتها إذ ستعقد الحكومة ندوة في 28 مارس لوضع البرنامج من إجراءات ومتابعة أسبوعية للعمل وهناك مسار مواز يتعلق بالخماسية القادمة.
• المسار الأول هل يتضمن الإنعاش الاقتصادي ؟
اجل لدينا ثماني أولويات من بينها الإنعاش الاقتصادي الذي سنشرع فيه مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مؤسسة وقطاع وتشجيع الاستثمار .
ما هو الأساسي في مقاربة الإنعاش الاقتصادي هل هو خفض الضرائب أم إقرار امتيازات جديدة؟
كل هذا وارد لا نرغب في حسم الأمر قبل الانتهاء من التقييم فنحن الآن في هذه المرحلة .
• أنت أتيت من عالم الأعمال وتعلم ما تطلبه المؤسسة الاقتصادية ؟
أنا أتيت من عالم الأعمال واعرف ما ترغب فيه المؤسسة الاقتصادية لكن يجب ان اعلم ما تستطيع الدولة تقديمه الآن .وهذا يستوجب معرفة ما لدى الدولة من موارد وإمكانيات .
ثلاثة أسابيع وتنتهي هذه المرحلة وننطلق في رسم الخيارات .
• أنت تعلم أن المؤسسات الاقتصادية ترغب في التقليص من البيروقراطية والضغط الجبائي...
اجل ترغب أيضا في فرص للتمويل أفضل اي تتحصل على مستحقاتها المالية من الدولة والعديد من الإجراءات الأخرى .
كل هذا نأخذه بعين الاعتبار لوضع خطة عاجلة للإنعاش الاقتصادي لسنة 2020 تحفيزا للمستثمرين وتشجيعهم .
هذا الأمر قلته للمستثمرين ولمنظمة الأعراف وفي خطابي بمجلس النواب اذا لم ينخرط رأس المال والمستثمرون في مسار إعادة بناء الدولة بجدية فإن الانتقال مهدد فالتجارب والدراسات بينت أن الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا منذ 1970 إلى اليوم ونجحت فيه هي الدول التي رافق فيها رأس المال الانتقال الديمقراطي ودعمه .
في التجارب التي آمن المستثمرون فيها بالانتقال تحققت نسب نمو هامة وتطورات عما كانت عليه أما في الدول التي انكمش فيها المستثمرون فقد تراجعت نسب النمو .
هذه دعوة للمستثمرين للإيمان بالانتقال الديمقراطي في تونس
• تعلم أن النماذج الناجحة كانت فيها الدولة قوية الوضع ليس نفسه بالنسبة لنا..
هناك تأثير لاهتراء الدولة وضعفها وهو سبب تأكيدنا على ضرورة عودة دولة القانون واعتبار هذه أولوية لأن المستثمرين يجب ان يلاحظوا تغير المناخ وإجراءات تشجيع الاستثمار والإنعاش الاقتصادي يجب ان تتنزل في إطار عام يقوم على تعاقد جديد بين الحكومة والمنظمات والمستثمرين والبرلمان .
يجب ان نعمل على إنعاش الاقتصاد الذي لن يحدث دون استثمار والاستثمار هو مؤشر نجاح أي حكومة او دولة فهو عمود كل شيء.
ثم الاستقرار الأمني والاجتماعي وثقافة العمل والثقة والتوزيع العادل للثروة ..
هذا كله يجب أن يكون ضمن العقد الجديد ويجب ان ينزل في برامج ومخططات .
• تشير دائما لعنصر الوقت والحال ان من ستتعامل معهم لن يمهلوك بل قد يستهدفونك ويتهمونك بأنك فاقد للشرعية الانتخابية؟
لدي شرعيتي وهي مستمدة من شرعية رئيس الجمهورية وشرعية البرلمان ولدي حزام سياسي يضم 130 نائبا .
• هذا الحزام الذي تشير إليه قد يكون أول المتخلين عنك في أول أزمة خانقة خاصة مع اتحاد الشغل ؟
أنا أسعى لان لا تدار العملية السياسية على أنها صراع بل أن تكون نقاشا جديا حول ما تحتاجه البلاد ان تمكنا من الوصول لاتفاق %60 من النقاط هذا كاف فانا لا أطالب بـ %100 بل كيف نجد أرضية مشتركة تجمع التونسيين وأنا بقربي من الاتحاد والأعراف والأطراف السياسية هناك إدراك لحالة الطوارئ التي نعيشها.الجميع يدرك هذا ويخشى من خلخلة الدولة
• لكنهم قد لا يشتركون في خيار مسار الإنقاذ؟
علينا أن نعمل من اجل مستقبل أفضل لتونس.علينا وضع رؤية وتصور وترجمة ذلك إلى برامح من اجل تونس 2050 وسنعمل على إقناع الجميع بها .
• هذا مثالي وجيد ولكن هل يشاطرك حزامك السياسي والمنظمات تصورك هذا؟
أنا مؤمن بأن رهان اللحظة الراهنة مختلف عن لحظة الحكومات السابقة .الوعي العام الآن في تونس يقوم على الإنقاذ وهذا مختلف عن 2013 و2015 و2018.
فالمزاج العام المرافق للحكومة مهم .كما أن مسار الحكومة وكيف أتت وممن شكلت وعلى ماذا تجمعت هو مختلف عن السابق .
نحن اليوم في مرحلة إعادة الثقة مع التونسيين .
• إعادة ثقة وحزامك السياسي يتصارع فيما بينه ؟
لا أراه يتصارع ،هناك خلافات موروثة بين مكوناته سنتجاوزها ونحن نعمل على بناء الثقة وهي في طور البناء .
أعود للسؤال السابق وأشير إلى أن المهم لاتخاذ خيار مشترك هو المناخ العام والفكرة التي نمثلها .
نحن اليوم نؤمن انه يجب منح مضمون للكرامة فهي المطلب الثاني للثورة .
• أي مضمون للكرامة ؟
الجانب الاجتماعي في البلاد هو أولوية كبرى لا يمكن صياغة عقد جديد مع مصعد اجتماعي معطل ،لا يمكن الاستمرار في الفوارق الجهوية الصارخة وعلينا أن نؤمن بإصلاح العقد الاجتماعي وهذا لا يتم إلا بخلق الثروة.
نحن اليوم مطالبون بالتصرف بمسؤولية ونضج لتحقيق هدفنا وهو التوزيع العادل للثروة والعدالة لكن هذا لا يحدث إلا بعد خلق الثروة وهي أولويتنا وهذا يستوجب إجراءات عاجلة للإنعاش الاقتصادي هذه السنة وخفض العجز التجاري للمحافظة على قيمة الدينار وغيرها من الإجراءات.
• جميل لكن هذا لن ينعكس بشكل مباشر على المعاش اليومي للتونسيين على الأقل خلال سنتين ؟
الأولويات اليومية التي يطالب بها التونسيون هي الأمن والمقدرة الشرائية وهي أولويات على رأس برنامجنا.
تطبيق القانون وتحسين مستوى العيش مطلبان أساسيان ويجب أن نعمل على تحقيقهما فورا .
متى ستقدم برنامجا تفصيليا بالأرقام ؟
سنقدم برنامجا تفصيليا في افريل القادم يتعلق بالإجراءات العاجلة وسننجزه خلال السنة الراهنة ونهاية السنة سنقدم المخطط الخماسي مفصلا.
• في كل هذا كيف ستتفاعل مع حزامك السياسي والمعارضة ؟
أنا أكدت في كلمتي على ضرورة وضع ميثاق وعقد ثنائي بين الحكومة والمجلس وبين الحكومة والجميع وما أسعى لبنائه هو عقد ثقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب .
• كيف هذا وهل تتصرف كزعيم للأغلبية ؟
أنا زعيم الأغلبية وهذا ما يمنحه لي الدستور الأغلبية هي تحالف أنا شكلته وان لم أكن انتمي لأي حزب منها أنا زعيم الأغلبية لهذا وللثقة التي منحها لي البرلمان
• وماذا عن علاقتك برئيس الجمهورية ؟
أنا في انسجام تام مع رئيس الجمهورية
كيف ذلك ؟
نتشارك في نفس القيم ونفس التصور لخدمة البلاد .
• هل لديكم ذات التصورات الاقتصادية والاجتماعية ؟
نقترب من بعضنا البعض وفي أول لقاء بيننا أعلمته أن نسبة التصويت له في الدور الثاني لن تتكرر وأنها تكشف أن الشعب صوت لقيم يتمنى أن من يحكمونه يتحلون بها .
إن الشعب يطالب بالاستقامة والصدق أن نخدمهم وهذا كله يصب في تحسين وضعهم .
هذا ما نتفق فيه هو إصلاح وضع البلاد والتفاصيل قد نختلف فيها ولكن بالنقاش سنصل للتقارب طالما هدفنا واحد وهو نجاح البلاد .
• ألا تعتبر أن نجاحك الممكن قد يؤدي إلى أن تتوتر العلاقة بينك وبين الرئيس ؟
دعني أقول نحن لا نحتكم إلى هذا المنطق لا رئيس الجمهورية ولا انا،نحن هنا من اجل قيم وأهداف اجتماعية لتونس جعلتنا اليوم في تناغم نحن متفقون على عدة نقاط ومبادئ ونامل أن تعزز الممارسة هذا التوافق .
وان نعززه بانضمام الائتلاف الحكومي اليه.
• بكل صراحة هل أنت الذي سيحدد الخيارات الاقتصادية والاجتماعية أم ستتفاعل مع الرئيس وتأخذ هذا بعين الاعتبار ؟
أنا قائد الفريق الحكومي وأنا أقدم التوجهات كما أن لي حزاما سياسيا يجب أن يوافق على الخيارات ويدعمها وحزاما شعبيا يجب أن يقتنع.
• أي ستمارس الصلاحيات التي يمنحها لك الدستور ؟
هذا لا يندرج في مقاربة صراع مع الرئيس .
لا ألوم أحدا على أن ينظر إلى العلاقة بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة من منظور صراع فالتجارب السابقة رسخت هذه الفكرة .
• ليس هذا ما نتحدث عنه ،السؤال هو هل أنت من سيرسم الخيارات كرئيس للحكومة أم ستنسق مع الرئيس شان كل شيء ؟
نعم، ننسق مع بعضنا ونتشاور ونبحث عن الانسجام هذا أكيد وهو محل نقاش تشاور بيننا فمنطلقنا واحد .لكن من هو زعيم الحكومة ،هو أنا، الفريق الحكومي تحت مسؤوليتي .
• أي هناك رئيس جمهورية وهناك زعيم الجهاز التنفيذي ؟
نحن معا نمثل السلطة التنفيذية ونعمل معا .
أنا أترأس الفريق الحكومي وأنا في تناغم تام مع رئيس الجمهورية الذي دعوته لترؤس أول مجلس وزاري .
• هل سيترأس مجالس وزارية أخرى ؟
له الحق وفق الدستور ان رغب في ذلك أو رغب في الدفاع عن مبادرة تقدم بها .
• ألا يضر بك هذا ويظهرك في مظهر التابع لقرطاج؟
لا أنا أريد القول أننا سلطة تنفيذية واحدة لسنا في صراع ، يكفي ما عشناه في السابق من صراع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهذا ما جعل الناس ينتقدون الدستور لان الصورة التي قدمت لهم هي الصراع بين الطرفين .
اليوم أتت فرصة حينما اختار رئيس الجمهورية شخصا كرئيس للحكومة.
• هذا حدث من قبل مع سلفك...
اختاره من حزبه والاختيار قام على أساس الحفاظ على الحزب. (المرحوم الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد - التحرير).
السياق مختلف الاختيار أيضا فالرئيس ليس لديه حزب ولم يسبق ان تحدثنا عن حزب او مشروع سياسي .
• مستقبلا هل ستتحدثون عن هذا ؟
لم نتحدث عنه نحن لم نأت بهذه المقاربة ولا غاية لدينا غير خدمة البلاد .
• هذا فقط لخماسية وحيدة ؟
نعمل على ان نضع البلاد في المسار خلال هذه الخماسية .
• من ينجح في هذا ألا يرغب في خماسية ثانية؟
أي شخص يرغب في ذلك لكن هذا يؤجل الى حين نجاح المشروع فان حقق النجاح كل شيء يتبعه .
وحقيقة ليس هذا ما يشغل تفكيري .
• ما الذي يشغل تفكيرك إذن ؟
كيف نبني ثقة بين مكونات الحزام الحاكم بين السلطات كيف نبني ثقة مع الشعب .
• وماذا عن رئيس مجلس نواب الشعب ؟
ذات الأمر يجب أن تبنى الثقة بيننا .
• كيف ستقوم بذلك ؟
بالعودة لما يهم التونسيين بان يكون النقاش حول ما يهمهم وان يكون النقاش عن كيفية تحقيق الانقاذ .
• ولكن هناك خلافات بين قرطاج وباردو حول الصلاحيات الدستورية لكل جهة ؟
نأمل أن نعالج الخلافات بينهما وأنا شخصيا لا أرى انها خلافات حادة وما سأسعى اليه أنا والحكومة والحزام السياسي الداعم لها هو بناء الثقة بين السلطات .
• أحزاب حزامك السياسي هل ستعمل على ضبطها في حال توتر العلاقة بينها ؟
نعمل على أن نصل إلى تعزيز المشترك بيننا،وان نترك المسائل الخلافية جانبا فهي لا تخدم مصالح الناس في هذا الظرف علينا العمل على تعزيز الثقة بيننا وان نبقي على المشترك بيننا .
• ماذا بالنسبة لجلسة العتبة في البرلمان هل تطرقت لما حدث مع الاحزاب المشكلة للحكومة ؟
عقدنا لقاء جمع الوزراء القادمين من الأحزاب وتناقشنا في احداث الجلسة هو نتاج ارث قديم نحن اليوم نتجه لبناء ثقة بيننا والثقة تبنى على المشترك وهناك مسالة اخلقة الحياة السياسية وتغيير القانون الانتخابي .
يجب أن نعالج خلال هذه السنة الأمر وان نعدل القانون ونضبط وقواعد اللعبة منذ الآن ولا ننتظر الربع ساعة الأخير.
• هل ستقدم الحكومة مقترح تعديل للقانون الانتخابي؟
يجب النظر في كيفية ترشيد العمل السياسي من أحزاب وإعلام وسبر آراء وقانون انتخابي
• هل ستقدم الحكومة مقترح تعديل ؟
يمكن أن تقدم الحكومة مبادرة تشريعية لترشيد الحياة السياسية وهذا إن تم سيكون خلال السنة الأولى من العهدة البرلمانية
• بشأن مشروع اتفاقية الاليكا مع الاتحاد الأوروبي كيف ستديرون المفاوضات بشأنها؟
نحن قلنا أننا مع تدعيم علاقتنا مع أوروبا لكن علاقة عادلة تبني مستقبل ضفتي البحر الأبيض المتوسط أي علاقة تراعي مصالحنا الاستراتيجية هذا تصورنا وهذا منطلق المفاوضات إضافة إلى تقييم تجربة 1995 لنحدد أين أخفقنا وأين نجحنا.
الاليكا ليس لدينا اعتراض عليها من حيث المبدا ولكن نعمل على أن تكون في صالحنا
نحن مع تعزيز ودعم العلاقات مع أوروبا، القوة الاقتصادية العالمية، التي لم نستغل ما تمنحه لنا من فرص إذ لانزال مقتصرين على التعاون مع 3 دول من بين 25 دولة تشكل الاتحاد الأوروبي .
كما علينا أن نلتفت للقارة التي ننتمي إليها اليوم هناك فرص هامة لنا فالقارة الافريقية في طور البناء والإعمار وهذا يوفر الكثير من الفرص لنا .