بقيادات المشاورات الحكومية، ليجابه بها حركة النهضة ورئيسها الذي اعلن انه لا مرور للحكومة دون قلب تونس. ليمر يوم امس وقد صدّرت معركة كسر الارادة رسميا للعلن.
الكلمات هي اول الاسلحة التي تستخدم في الصراعات قبل الرصاص والهراوات ويوم امس شهدنا الاعلان الرسمي عن «معركة» النهضة وإلياس الفخفاخ المكلف بتشكيل الحكومة، فان اختار رئيس النهضة ان يعلن في حوار له باذاعة موزييك عن انه «دون مشاركة قلب تونس حكومة الفخفاخ ستسقط»، فقد اجابه التوزري في ذات الاذاعة بعد ساعات ان شرطه مرفوض.
اعلان صريح بان النهضة -على غير ما يعتقده بعض من شركائها في المفاوضات- لم تكن تستخدم ورقة قلب تونس لتحسين شروط التفاوض، بل هي تستخدم الورقة في اطار حرب وجودها ضد الجميع، وأولهم رئيس الجمهورية والشخصية المكلفة. لذلك فأنها ودون مشاركة قلب تونس لن تشارك. وليس هذا فقط انما ستعمل على ان تسقط الحكومة في البرلمان.
تهديد صريح وواضح بان النهضة لم تكن تناور بل هي جادة كما لم تكن من قبل في تنزيل شرط مشاركة قلب تونس، باعتباره الآلية الوحيدة لكسر تمدد «اللحظة الرئاسية» في الزمن السياسي التونسي، ودون هذه المشاركة لا مانع للحركة من خلط الاوراق من جديد.
هذا الموقف كان وحده كفيلا باعلان معركة محدودة في المكان والزمان والاهداف، ولكن النهضة وعلى لسان رئيسها ورئيس مجلس النواب راشد الغنوشي اختارت ان لا تكون الحرب مجردة معركة، بل اختارت ان تكون عظمى تنتهي باعلانها اللاعب الوحيد والرئيسي في المشهد، لذلك فان نيرانها لم تقتصر على الفخفاخ بل امتدت لرئيس الجمهورية.
استهداف مباشر ومبطن هو ما قام به الغنوشي الذي اشار في حواره الى ان الرئيس اخطأ باختياره للفخفاخ بل وانه اخطأ حينما لم يشارك في منتدى دافوس او مؤتمر برلين كرئيس للجمهورية التونسية، وفوت مناسبة على بلد نقطة قوته هي صورته واشعاعه. هذا الاستهداف والقول الصريح بأن الرئيس «مخطئ» كان رسالة للفخفاخ مفادها ان الحركة هي من تختار معاركها وتفرض شروطها.
عنف كلمات النهضة ووضوحها يقابلها إلياس الفخفاخ، عبر فتحي التوزري عضو بفريقه، بثنائية الترهيب والترغيب، الترهيب يقوم على ان طموح الفخفاخ ليس ان يكون رئيسا لحكومة فقط، بل رئيسا لحكومة لها مشروع ورؤية، لذلك فاما ان تكون الحكومة كما يرغب فيها او فلتسقط فهو لن يلحقها في السقوط.
الترهيب لا يقف هنا، بل يعلنها الرجل صراحة ان النهضة مثلها مثل باقي الاحزاب والكتل، شريك، لا امتياز مخصص له، لذلك فان وضع الشروط للمشاركة مرفوض بشكل قطعى وتام، والتعبير عن هذا كان على لسان التوزري الذي يقول «خيارنا صائب والخيار المقابل خاطئ».
خطاب الترهيب والتصعيد يستمر من قبل فريق الفخفاخ الذي يعتبر ان بيده اوراق لعب عدة لم تحرق بعد وهذا يجعله في موضع قوة لا ضعف، واحدى تلك الاوراق هي تجسيد اللحظة التاريخية التي لم تتفطن اليها الاحزاب ولكن تلقفها الرئيس والمكلف بالمشاورات الياس الفخفاخ.
لحظة تمنح الفخفاخ افضلية وقدرة على ادارة المشاورات كيف ما يرغب هو لا ما يفرض عليه، لذلك فان النهضة وفق التوزري مخطئة حينما ظنت ان المهم للفخفاخ هو تمرير الحكومة لا تجسيد اللحظة التاريخية التي فهمتها بشكل خاطئ واعتبرتها تهديدا لها. وهي تتمادى في هذا الخطأ.
ورقة الفخفاخ وفريقه لم تخرج عن محاولة الاحراج والايهام بالقوة لدفع النهضة الى القبول بقواعد الفخفاخ مقابل تنازلات قد تقدم لها، لكنها لن تصل لقبول التحاق قلب تونس، لكن هذه المناورة يبدو انها ستكلف الفخفاخ الكثير فالرجل يحسب انه قادر على ممارسة السياسة «كفن وليس كرياضيات» وفي الفن هناك مجالات للابداع والحلول المبتكرة.
إلياس الفخفاخ وحركة النهضة : من يجبر صاحبه على الاستسلام ؟
- بقلم حسان العيادي
- 13:28 06/02/2020
- 1172 عدد المشاهدات
«الشرط مرفوض وحركة النهضة شريك مثلها مثل باقي الشركاء» كلمات صادرة عن فتحي التوزري عضو بفريق الياس الفخفاخ المكلف