تجاذبات خارجية متزايدة بين فاعلين عرب ودوليين ،وزادت حدة تداخل الأدوار الخارجية في المشهد الليبي مؤخرا خاصة بعد التوقيع على اتفاق مثير للجدل بين حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج والحكومة التركية بقيادة رجب طيب اردوغان .
الدور التركي في ليبيا ليس وليد الأحداث الراهنة بل إنه ظهر منذ بداية الأزمة الليبية إلاّ أن الأحداث الأخيرة ومحاولات أنقرة استثمار الملف الليبي كورقة ضغط جديدة ضد المجتمع الدولي ، خلفت حالة من الاستنفار سواء على الصعيد الداخلي في ليبيا أو على الصعيد الإقليمي متمثلا في موقف مصري غاضب من الاتفاق الأخير بين السراج واردوغان- باعتبار أن القاهرة داعم رئيسي للجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر- أو على الصعيد الدولي متمثلا في كل من روسيا -التي اصطفت بدورها إلى جانب حفتر معلنة عن رفضها لتنامي الدور التركي في ليبيا- ومن الجانب الأمريكي الذي يحاول بدوره كسب نقاط إضافية في محاولاته استعادة النفوذ في شمال افريقيا وخاصة ليبيا.
ورغم خشية مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة الليبية من الحرب المؤجلة في ليبيا وتزايد الدعوات لوقف الاقتتال هناك، يرى مراقبون انّ التطورات الراهنة وقرب اندلاع معركة طرابلس وتهديدات تركيا بإرسال قوات برية لمعاضدة حكومة الوفاق وماقابله من اصطفاف دولي خلف هذا الطرف الليبي او ذلك ، كل ذلك يدل على أنّ الأرض الليبية باتت اليوم رسميا أرض صراع بين القوى الدولية على غرار ماعاشته سوريا خلال الأعوام الأخيرة .
والى جانب تراجع الدور التركي في سوريا ومخاوف انقرة من فقدان النفوذ هناك وفي العراق ايضا -بسبب رفض بغداد تدخلها في الشمال العراقي ومعارضة إيران والولايات المتحدة لإجراءات أنقرة في هذا الصدد- يسعى أردوغان إلى كسب محاور قتال جديدة ونقاط قوة جديدة عبر التوجه الى البوابة الليبية.
من الساحة السورية إلى الساحة الليبية
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي خيام الزعبي لـ«المغرب» ان ليبيا اليوم باتت تمثل ساحة نفوذ لتركيا ومحطة مهمة ضمن الأجندة التركية الرامية لبسط مشروعها الإقليمي في المنطقة، خاصة بعد أن أعلن الرئيس التركي اردوغان عن عزم بلاده على ترفيع الدعم العسكري لحكومة الوفاق .
وتعليقا على الاتفاقية البحرية الموقعة مؤخرا بين السراج واردوغان قال محدثنا أن «هذه الاتفاقية تعد تطوراً خطيراً للتدخلات التركية في ليبيا، وهي في الوقت نفسه غطاء لمزيد تسليح القوات الموالية للوفاق، ومحاولة دعمها في مواجهة الجيش الليبي بمعركة طرابلس، كما أنها بوابة لتثبيت أقدام تركيا في الشمال الأفريقي، من خلال البوابة الليبية التي تطل على البحر المتوسط وتجاور مصر والجزائر ونيجيريا وتشاد، وكلها دول هامة في أمن واستقرار القارة.وتابع المحلل السياسي» وعلى الطرف الأخر تريد تركيا تعويض ما خسرته في سوريا بمساحات نفوذ جديدة بعد تراجع دورها هناك بفضل انتصارات الجيش السوري وسحقه للتنظيمات المتطرفة هناك، فضلاً عن التغطية على أزمات الداخل في تركيا التي تمثلت أبرزها في استمرار تراجع سعر صرف الليرة.»
وتابع الكاتب «على خط مواز، تمثل ليبيا بالنسبة لتركيا آخر محطة رئيسية من محطات الإسلام السياسي التي تعتبر أنقرة نفسها راعية له في المنطقة، بعد أن لاقى ضربات موجعة في سوريا ومصر، ولذلك لن تتخلى عن التدخل في الساحة الليبية بسهولة». ويرى محدثنا أن تركيا على «أبواب سيناريوهات خطيرة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فتركيا تتجه بسرعة كبيرة إلى الفخ الليبي».