حملوا أنفسهم مسؤولية هزيمة أحزابهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية: القيادات الأولى بين اعتزال الحياة السياسية أو الاستقالة من مهامها

خلال سنواتها الثمانية، عرفت تونس خطوات نحو تركيز مفاهيم جديدة للعمل السياسي، فما قبل الثورة شيء وما بعدها شيء آخر

ومن ذلك أن الزعامات السياسية باتت محل اختبار وفرز عبر صناديق الاقتراع التي تمنح مؤشر ا لهم عن مدى إشعاعهم وثقلهم السياسي على الأرض، بعضهم أدرك أن زمنه قد ولى وبعضهم لا زال يصرّ على عدم التفرقة، فالنتائج الأخيرة التي حققتها بعض الأحزاب والهزيمة القاسية في التشريعية أو الرئاسية فرضت على قياداتها الابتعاد والانسحاب وحملت نفسها مسؤولية الخسارة.

نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية أثرت بشكل كبير على أداء ونشاط عدة أحزاب علقت آمالا كبيرة على التموقع في المشهد السياسي، أحزاب شاركت بكل قوة في الانتخابات ولكن لم نعد نسمع عنها شيئا وبات نشاطها قليلا جدا إن لم نقل منعدما، حتى أن البعض منها يعمل على إعادة ترتيب بيته الداخلي وتقييم أدائه والنتائج التي حققها في الانتخابات وخاصة أسباب الخسارة لتفاديها في الاستحقاقات القادمة ولما لا الصعود من جديد مثل عدة أحزاب ساهمت الانتخابات التشريعية خاصة في صعودها في إشارة إلى التيار الديمقراطي وحركة الشعب والحزب الدستوري الحر وقلب تونس وائتلاف الكرامة.

أحزاب اختفت بعد الانتخابات
من الأحزاب والقيادات التي لم يحالفها الحظ في المحطات الانتخابية الأخيرة نذكر على سبيل الذكر لا الحصر البديل التونسي ورئيسه المهدي جمعة وآفاق تونس ورئيسه السابق ياسين إبراهيم الذي استقال من رئاسة الحزب وحركة تونس إلى الأمام لعبيد البريكي الذي قرر هو أيضا الاستقالة من رئاسة الحزب لكن تراجع عنها بعد أن رفضت استقالته من الحزب، أيضا حركة مشروع تونس ورئيسها محسن مرزوق الذي ابتعد عن الساحة قليلا وائتلاف الجبهة الشعبية وناطقها الرسمي حمة الهمامي والتيار الشعبي ونداء تونس والتكتل وحزب الأمل لسلمى اللومي والحزب الجمهوري وبني وطني لسعيد العايدي وحراك تونس الإرادة ورئيسها السابق المنصف المرزوقي الذي أعلن عن اعتزاله الحياة السياسية إلى جانب مرشحين آخرين للرئاسية قرروا بدورهم اعتزال الحياة السياسية على غرار عبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة..قائمة المعتزلين والمستقيلين يمكن أن تتوسع بإضافة أسماء أخرى قد تعلن عن قراراتها في الفترات القادمة.

المرزوقي يعتزل الحياة السياسية
آخر المعلنين عن اعتزالهم الحياة السياسية بعد إعلان عبد الفتاح مورو العصفور النادر لحركة النهضة لرئاسية 2019 هو رئيس حزب حراك تونس للإرادة والرئيس الأسبق المنصف المرزوقي الذي تحصل على أقل من 3 بالمائة في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في الدور الأول وكذلك حزبه الذي لم يحصل على أي مقعد في البرلمان، حيث أعلن في رسالة مطولة نشرها على صفحته الرسمية «الفايسبوك» عن انسحابه من رئاسة حزبه ومن الحياة السياسية، وأرجع ذلك إلى نتائج الانتخابات الأخيرة، التي قال إنه يتحمل كامل المسؤولية فيها، لكنه أشار في المقابل إلى أنه سيبقى ملتزما بكل قضايا الشعب والأمة، وأنه سيواصل خدمتها. وأضاف المرزوقي في رسالته أن «ما يعيق الاستقرار الحكومي حاليا هو القانون الانتخابي المبني على النسبية والمانع لوجود أغلبية تحكم»، داعيا في هذا الإطار إلى إعادة النظر في هذا القانون والقوانين القادرة فعلا على تخليص قطاع الإعلام والأحزاب السياسية من سطوة المال الفاسد.

قبول الاستقالة
بعد هذا الانسحاب، قررت الهيئة السياسية لحزب حراك تونس الإرادة تكليف رئيس الهيئة السياسية خالد الطراولي برئاسة الحزب، وقبول استقالة منصف المرزوقي من هذا المنصب وثمنت الهيئة نضالات وتضحيات والإرث الفكري والمعرفي للمرزوقي الذي شغل منصب رئيس للجمهورية من 2011 إلى 2014 ، وتحصل في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الأخيرة على 2.97 بالمائة فقط من أصوات الناخبين، متعهدة بالحفاظ على الحزب باعتباره مكسبا وطنًيا ومشروعًا مستقبليا . كما قررت الهيئة وفق بيان أصدرته أمس الإبقاء على المرزوقي رئيسا شرفيا للحزب ، مع الحفاظ على هياكل الحزب وتكليفها بالانطلاق في تنفيذ برنامج عمل مرحلي مركز على استخلاصات التقييم الشامل لأداء الحزب ولأسباب الهزيمة القاسية التي تعرض لها خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة. أعلنت في هذا الإطار عن إحداث «أكادمية الحراك» لتكوين إطارات للحزب تكون قادرة على إعداد رؤى إستراتيجية وتصورات صالحة للتصدي للتحديات الكبرى التي تمر بها البلاد استعدادا للاستحقاقات القادمة، وفق نص البيان.

خالد الفراتي يخلف ياسين إبراهيم
من القيادات التي خيرت الاستقالة على مواصلة قيادة الحزب، ياسين إبراهيم رئيس حزب آفاق تونس الذي أعلن عن استقالته من رئاسة حزب آفاق تونس يوم 7 أكتوبر الماضي قائلا «إيمانا منا بمبدأ المسؤولية كركيزة أساسية من ركائز الحزب، أعلن اليوم أمام مناضلي الحزب والرأي العام استقالتي من رئاسة حزب آفاق تونس». وأفاد أنّه سيبقى على ذمّة الحزب للمساندة والمشاركة في التفكير حول المراحل القادمة وآفاق التوجه الليبرالي الاجتماعي بصفة عامة في البلاد، وبيّن أنّ له ثقة تامة في مناضلي آفاق تونس وفي مؤسساته للقيام بالمراجعات اللازمة وإعادة الانطلاق في سبيل ترسيخ مشروعهم السياسي للمساهمة في إخراج البلاد من أزمتها السياسية و الاقتصادية والاجتماعية. وبعد هذه الاستقالة وشغور المنصب قرر المجلس الوطني لأفاق المنعقد يومي 23 و24 نوفمبر الجاري تكليف رئيس المجلس خالد الفراتي بمهام رئاسة الحزب بالنيابة وتحديد تاريخ المؤتمر الوطني للحزب قبل موفى شهر أفريل 2020 وتكليف المكتب السياسي بإعداده طبقا لأحكام النظام الداخلي للحزب.

عديدة هي الأحزاب التي مازالت لم تستوعب بعد الخسارة في الانتخابات التشريعية والرئاسية وجعلتها تبتعد قليلا عن المشهد السياسي في انتظار لملمة جراحها، حتى أن المتابع للحياة السياسية يدرك جيدا أن الاستقالات والاعتزال لن تقف عند المنصف المرزوقي وعبد الفتاح مورو وياسين إبراهيم...بل سنستفيق على أسماء أخرى وربما أسماء توصف بالوازنة في البلاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115