أسبوع على تكليف الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة: حكومة كفاءات وطنية أم حكومة حزبية ؟ الاختيار الصعب

أسبوع يمر على تكليف الحبيب الجملي رسميا من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بتشكيل الحكومة، أسبوع أجرى خلاله

رئيس الحكومة سلسلة من اللقاءات ليس مع الأحزاب السياسية فقط بل أيضا مع المنظمات الوطنية وعدد من الشخصيات الوطنية والإعلامية والفنية والمحامين، لقاءات تمهيدية اختلفت فيها المواقف والتصريحات وتصاعدت فيها وتيرة الشروط والضغوطات ليكون الجملي أمام امتحان صعب بل بالأحرى أمام اختيار صعب، بين ترضية الأطراف التي يفترض أن تشكل الائتلاف الحكومي الجديد أو الاختيار حسب قناعاته والوعود التي كان قد تقدم بها على مستوى معايير اختيار فريقه الحكومي.

بالتزامن مع اللقاءات التي يقوم بها الجملي والتي بلغت يوم أمس يومها الرابع، انطلقت أولى المشاورات بين فريق الخبراء الذي كلفه رئيس الحكومة المكلف بصياغة برنامج عمل الحكومة القادمة مع ممثلي حزبي قلب تونس والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة، وحسب تصريح إعلامي للقيادي بالتيار الديمقراطي محمد الحامدي

فإن المشاورات الأولية تعلقت بالخصوص ببرنامج عمل الحكومة والتفكير في هيكلتها، إلى جانب الإجراءات العاجلة التي يمكن اتخاذها في آجال متوسطة أو بعيدة، ليشدد على أن المنطلق في إعداد برنامج الحكومة يكون ورقة حركة النهضة أو غيرها من الأحزاب ليس بالمشكل شرط ألا تكون هناك أفضلية لحزب على حزب آخر وان تعتبر الورقة مجرد سند للانطلاق في إعداد البرنامج.

فريق الخبراء ينطلق في مشاوراته
لقاء فريق الخبراء أمس بممثلي ثلاثي الأحزاب وصف بالتمهيدي أيضا تمحور بالأساس حول منهجية إعداد البرنامج، حيث أن التيار الديمقراطي لم يقدم اقتراحات وتصورات محددة، نفس الشيء بالنسبة لقلب تونس على عكس ائتلاف الكرامة الذي قدم نسخة من البرنامج الانتخابي لائتلاف الكرامة وجملة من التصورات العامة وضرورات المرحلة القادمة على المستوين السياسي والاقتصادي، وفق تصريح إعلامي لناطقه الرسمي سيف الدين مخلوف، مع التشديد على جملة من النقاط أهمها رفع حالة الطوارئ والتجارة الالكترونية وفتح ملف المشاريع الكبرى المعطلة والاستثمار في الذكاء والطاقات المتجددة، وأبرز أن الحضور المشترك لبقية الأطراف في إطار عمل اللجنة رهين شرط وحيد وهو عدم وجود وجوه تمثل المنظومة القديمة .

دور الأحزاب في البرلمان
بالعودة إلى سلسلة اللقاءات التي قام بها رئيس الحكومة المكلف لليوم الرابع على التوالي فقد التقى أمس رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، لقاء أكد خلاله رئيس منظمة الأعراف ضرورة أن تتكوّن الحكومة القادمة من كفاءات وطنية غير متحزبة وان يقتصر دور الأحزاب على العمل البرلماني. وقال في تصريح إعلامي إثر اللقاء «تم مع رئيس الحكومة المكلّف تبادل الآراء حول الوضعية الاقتصادية و المالية والاجتماعية الصعبة وقدّمنا رؤية الاتحاد لأفق 2025 وبرنامجه الاقتصادي وكيفية النهوض بالاقتصاد التونسي». وأشار إلى أن الاتحاد لم يقترح أسماء تاركا الحرية لرئيس الحكومة في الاختيار لكن طالب بحكومة تدوم خمس سنوات وان تكون ناجحة، مؤكدا أن الغاية اليوم من حكومة كفاءات غير متحزبة هو تقديم أحسن النتائج في نهاية عهدتها وإن تتطلب الأمر مراجعة الدستور وغيره من القوانين.

اتحاد الفلاحين لن يكون طرفا في الحكومة
كما التقى الجملي رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار الذي أكد أن المنظمة الفلاحية شريك في المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة لكنها لن تكون طرفا فيها، ليشدد على ضرورة مراعاة عنصر الكفاءة في تحمل مسؤولية وزارة الفلاحة والناي بها عن الترضيات والمحاصصات السياسية والحزبية الضيقة. أما بخصوص شخصية وزير الفلاحة القادم، أوضح الزار أنه تم التطرق إلى مواصفات الشخصية المؤهلة لهذا المنصب بصفة عامة، دون اقتراح أسماء، معتبرا أنّ «هذه المواصفات لا بد لها أن تنبني على الكفاءة بعيدا عن الترضيات».

الحفاظ على مكتسبات المرأة
في الإطار ذاته، التقى رئيس الحكومة المكلف برئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي التي أفادت أن اللقاء تمحور خاصة حول واقع المرأة التونسية داخل البلاد وخارجها، نافية أن يكون قد تطرق إلى مسألة تشكيل الحكومة، لقاء تمّ خلاله التشديد على ضرورة الحفاظ على مكتسبات المرأة ومكانتها وإلى مجمل القضايا التي تهمُها. وأبرزت أن الجملي شدد على أنه لا تراجع عن مكتسبات المرأة وانه سيعطي إشارات ايجابية تثبت اقتناعه بأن النساء قادرات على التسيير وانه سيعطي إشارات جد ايجابية تبين اقتناعه بحقوق النساء وبالمكانة التي وصلت إليها وأنهن قادرات على التسيير .

عدم التراجع عن الحقوق والحريات العامة والفردية
هذا والتقى الجَملي أيضا وفدا عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ووفدا عن الاتحاد التونسي للمهن الحرّة. وقد شدد جمال مسلّم رئيس الرابطة على أنه تمّ التأكيد خلال اللقاء على ضرورة الحفاظ على منظومة حقوق الإنسان وعدم التراجع عن الحقوق والحريات العامة والفردية ، وقد بين رئيس الحكومة المكلف استعداده لقبول مقترحات المجتمع المدني ذات العلاقة بهذا الشأن ، مشيرا إلى أن هيكلهم يُمثل قوة اقتراح في علاقة بمنظومة حقوق الإنسان في تونس. أما رئيس اتحاد أصحاب المهن الحرّة، محمد عيّاد فقد صرح أنه تم أيضا تقديم رؤية الاتحاد لتحديد الأولويات التي يتوجب على الحكومة الجديدة الانكباب عليها والمتمثلة بالأساس في التدقيق في المحاسبة العمومية وجرد أملاك الدولة وإصلاح الصناديق الاجتماعية والتغطية الصحية وحق المواطن فيها. وأضاف عياد أن رئيس الحكومة المكلف أبدى تفهما ودراية بمجمل هذه المواضيع وتعهد بتشريك اتحاد أصحاب المهن الحرة والمهنيين في دراسة كافة الملفات والاستماع اليهم لتفادي السقوط مجددا في عدم تطبيق عدة قوانين.

كما التقى أيضا بوفد عن اتحاد الشغل، وقد أكد الأمين العام نور الدين الطبوبي انه قدم جملة من المقترحات لرئيس الحكومة المكلف داعيا الاحزاب السياسية الى الابتعاد عن التجاذبات والعودة الى رشدهم بالنظر الى دقة المرحلة وصعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

مشاركة لكن بشروط
لقاءات الجملي مازالت متواصلة وستشمل العديد من الأطياف رغبة منه في الاستماع أولا إلى كل المشاغل والإشكاليات كي تكون له فكرة أساسية على وضع كل قطاع وحسب الوضعية سيحدد إستراتيجيته في اختيار أعضاء فريقه الحكومي لكن الإشكال يكمن في الضغوطات التي سيجدها من طرف الأحزاب السياسية التي تشترط وجود طرف وإقصاء طرف آخر حتى أن النهضة عبرت عن رفضها لوجود قلب تونس كطرف في الحكومة نفس الشيء بالنسبة للتيار الديمقراطي الذي يرفض وجود قلب تونس والدستور الحر وائتلاف الكرامة يرفض بدوره وجود قلب تونس، أيضا من قبل المنظمات الوطنية التي ترغب في أن تكون الحكومة المقبلة حكومة كفاءات وطنية وليست حكومة محاصصة حزبية، اختلافات وضغوطات وضعت الجملي في موقع صعب وعليه الاختيار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115