اليوم تشيع جثمان الباجي قائد السبسي : من يحمل «إرث» الرئيس

اليوم يغادر موكب تشييع جثمان الرئيس الباجي قائد السبسي قصر قرطاج الى مثواه الأخير، وفي موكب تشييعه سيوجد الكثيرون من بينهم،

الفاعلون السياسيون في تونس الذين سيحرصون على الحضور، وكان المهمة تنتهي هناك والحال أن الأهم اليوم هو تحقيق ما مات الرجل دون ادراكه، وهو استكمال ارثه المتعلق بالحريات الفردية.

في 13 من اوت 2017 اعلن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عن مبادرته لصياغة مجلة الحقوق والحريات الفردية والمساواة، مجلة اراد ان يتركها كارث يتذكره به التونسيون، اسوة بمعلمه الحبيب بورقيبة الذي ترك الكثير خلفه ومن بين ما ترك مجلة الاحوال الشخصية.

رغبة الباجي قائد السبسي في ترك ارثه اصطدمت بحسابات سياسية عدة وقابلها اعتراض خاصة على مسالة المساواة في الميراث بين الجنسين، مسالة امن بها الرجل وان كان معارضوه اعتبروا انه أراد استغلالها كورقة سياسية.

هذا التصنيف أريد منه بالأساس قبر المبادرة التي انتهت بعد سنة وتحديدا في 13 أوت 2018 إلى تقديم لجنة الحقوق والحريات الفردية والمساواة لتقريرها ومشروع فصول اقترحتها تتعلق بالمساواة في الميراث والمساواة بين الجنسين إضافة إلى حماية الحريات الفردية.

مقترحات تبنى الرئيس عددا منها سواء بعرضها على المجلس كمشاريع قوانين او توجيه توصية بمراجعة التشريعات التونسية لتتلاءم مع نص الدستور وفلسفته في مسالة الحريات والمساواة. الباجي قائد السبسي الذي طالما ردد انه « رجل حر ومستقل» كلما افتتح معارك الحريات والحقوق العامة او الفردية، الذي جعلها الخيط الرابط بينه وبين حلفائه او معارضيه، بهذا الوضوح .

وضوح جعل منه يدفع بجزء من الطبقة السياسية الى ان تتخلص من مقولة «موش وقتو» ان تعلق الأمر بالحريات الفردية، ولكنه بالأساس كشف عن جزء من الطبقة السياسية التي تنكرت لمقولاتها المتعلقة بالحداثة والإيمان بالحريات الفردية.

كشف انطلق منذ ان طرحت مسالة التخلي عن العقوبة السالبة للحرية في قضايا استهلاك المخدرات، والتي انتهت الى تقديم مشروع قانون لايزال في اروقة المجلس كغيره من القوانين المتعلقة بالحريات التي اختار المشرعون في تونس ان يؤجل طرحها الى ما بعد الانتخابات لحسابات انتخابية بالأساس كما كشفته بشرى بالحاج حميدة رئيسة لجنة الحريات.

بشرى التي كلفها الباجي قائد السبسي بان تقود فريقا لجرد المنظومة القانونية التونسية وتخليصها من القوانين المقيدة للحريات الفردية والمنتهكة لحرمة التونسيين واجسادهم، كانت و8 من رفاقها ومن قبلهم الرئيس الراحل تحت نير متطرفي العصر، الذين اعتبروا ان فتحهم لنقاش الحريات هتك للدين.

تهمة طاردت الرجل لسبب بسيط وهو فتح لملف لايزال شائكا في تونس وبقية العالم الاسلامي، الحريات التي يعارضها عسس الله وجنرالته ويقفون اوصياء على خلقه يفتون بما جادت قريحتهم، وقريحتهم تجود بما يتعارض مع قناعات رئيسنا الذي عمل على ترك ارث ينير لنا طريق.

ارث وجب على الطبقة السياسية ان تستكمله بان تحقق ما طمح اليه الرئيس، مساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين بما في ذلك الميراث، واحترام لحرمة التونسيين وحرياتهم الفردية وكف يد الدولة عن حياتهم الخاصة.

ارث سيسأل عنه السياسيون في تونس، خاصة اولئك الذين يصنفون انفسهم على انهم حداثيون وتقدميون، هؤلاء عليهم ان يحققوا للراحل اخر أمنية وهي ان تكون تونس لكل ابنائها لا تميز بين ذكر او انثى ولا تستثني احدا منهم لميولاته او قناعته.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115