5 أيام عن انتهاء حالة الطوارئ ومشروع القانون الجديد «مجمد» في البرلمان: ما الذي سيتغيّر لو تمسّك رئيس الدولة بعدم التمديد ؟

5 أيام فقط تفصلنا عن انتهاء مدة حالة الطوارئ بعد التمديد الأخير الذي قرره رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي،

إذ تنتهي يوم 5 أفريل المقبل، وبانتهاء المدة سنجد أنفسنا أمام إشكالين أساسيين، الأول إعلان رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الأمن القومي عدم التمديد مستقبلا في حالة الطوارئ لعدم دستورية الأمر عدد 50 لسنة 1978، والثاني أنه تعذر إنهاء مجلس نواب الشعب مناقشة مشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ المعروض عليه منذ أكثر من 4 أشهر، إشكالات تثير مخاوف الجميع أمام تواصل التهديدات واستمرار المخاطر وخاصة خطر الإرهاب، وضع يمكن أن يزيد تعقيدا في ظلّ غياب الأطر القانونية المنظمة لحالة الطوارئ.

مع اقتراب انتهاء حالة الطوارئ واستحالة المصادقة على مشروع القانون من قبل مجلس نواب الشعب الذي يرفض تمرير مشروع تحت الضغط لا سيما وإن كان المشروع بهذه الأهمية، العديد من التساؤلات تطرح، خاصة في علاقة بالحلول التي يجب اتخاذها بعد يوم 4 أفريل المقبل إن رفض رئيس الجمهورية حقا التمديد مجددا في حالة الطوارئ لاسيما في جانب توفير الإمكانيات والصلاحيات الضرورية للمؤسستين الأمنية والعسكرية للقيام بمهامهم في علاقة بمقاومة الإرهاب خاصة أضف إلى ذلك فإن البلاد تنتظرها مناسبات عديدة واستحقاقات مهمة على غرار شهر رمضان والأعياد والامتحانات الوطنية والموسم السياحي والانتخابات التشريعية والرئاسية، لتكون حالة الطوارئ مناسبة لخوض مختلف هذه المواعيد، حالة تمنح للمؤسستين الأمنية والعسكرية صلاحيات إدارية دون الرجوع للسلط القضائية أي أن الرقابة القضائية تكون لاحقة وليست مسبقة.

الفرصة الأخيرة أمام البرلمان
أمام غياب مشروع القانون حيث لم تتمكن لجنة الحقوق والحريات إلا من المصادقة على 5 فصول فقط، وأمام الاستحقاقات المنتظرة فإن رئيس الجمهورية سيجد نفسه مجبرا على التمديد في حالة الطوارئ ويمكن أن تكون الفرصة الأخيرة لمجلس نواب الشعب للتسريع في إنهاء مناقشة مشروع تنظيم حالة الطوارئ، هذا المشروع الذي لئن كانت رئاسة الجمهورية هي جهة المبادرة فإن له أهمية قصوى بالنسبة لوزارتي الداخلية والدفاع بمنحهما صلاحيات إدارية تمكنهما من القيام بمهامهم بالاستناد إلى أطر قانونية. ووفق تصريح لطيفة حباشي رئيسة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية لـ«المغرب» فإن موضوع تنظيم حالة الطوارئ سياسي بامتياز أكثر منه قانونيا وقد تابعت اللجنة تصريحات رئيس الجمهورية وتثمن حرصه على احترام الدستور ولكن البديل عن الأمر المنظم لحالة الطوارئ عدد 50 لسنة 1978 غير الدستوري يجب ألا يكون بقانون آخر غير دستوري وبالنسبة للجنة الدستورية لا تقتصر على المطابقة الشكلية أي بضرورة أن تنظم حالة الطوارئ باعتبار مساسها بالحقوق والحريات بقانون أساسي بل لا بدّ من المطابقة في المضمون «المضمونية» أي أن يكون هذا المشروع مطابقا للدستور وأساسا الفصل 49 الذي لا يسمح من المس بالحقوق والحريات والنيل من جوهرها إلا بمقتضى ضمان الأمن العام والصحة العامة وأن يكون شرطا التناسب والضرورة متوفرين.

مشروع القانون فيه الكثير من الهنات
وأضافت رئيسة الجنة أن ما يمكن ملاحظته هو أن مشروع القانون المطروح حاليا فيه الكثير من الهنات تطلق يد السلطة التنفيذية بما فيها سلطة الوالي ووزير الداخلية وهناك تدخل في الاجتماعات والتظاهرات من خلال المس بالحقوق الفردية والحقوق العامة دون أن ترافق هذه الإجراءات الضمانات الكافية للمعنيين بالأمر سواء إن كانوا أفرادا أو جماعات بأن يتظلموا إذا تمّ التعثر في اتخاذ الإجراءات المتخذة ضدهم، أيضا ليس هناك ضمانات كافية قضائيا أي الرقابة القضائية إلى جانب ذلك فمشروع القانون لا يتضمن رقابة برلمانية وتقييم الحالة في حدّ ذاتها يخضع فقط إلى إرادة رئيس الجمهورية واستشارة لرئيس الحكومة مع تغييب لرئيس مجلس نواب الشعب والبرلمان بصفة عامة والسلطة القضائية باعتبار أن المشروع لم يتطرق أو حتى مجرد إعلام المحكمة الدستورية.

رفض العمل تحت الضغط
كما أوضحت محدثتنا أن مشروع القانون تضمن إعلان مدة حالة الطوارئ طويلة جدا، 6 أشهر، قابلة للتمديد بـ3 أشهر دون تحديد عدد مرات التمديد وهذا خطير جدا لأنه نظريا يمكن أن نقع في وضعية إعلان حالة الطوارئ لسنوات مثل عدة دول عربية أخرى، مشيرة إلى أنه من الخطير جدا تمرير مشروع القانون بتلك الصيغة إلى جانب ذلك فهناك مخالفة للمواثيق الدولية التي تجيز إعلان حالة الطوارئ لكن بشروط صارمة، وبينت أيضا أن ما لاحظته اللجنة الربط بين هذا المشروع ومسألة مكافحة الإرهاب في حين يوجد ما يكفي من النصوص التشريعية خاصة قانون مكافحة الإرهاب وإذا كان من الضروري المصادقة على مشروع القانون المنظم لحالة الطوارئ فإنه يجب ألا تكون تحت الضغط ويجب إنهاء هاجسهم كأعضاء مجلس نواب الشعب بإصدار قانون يتطابق مع الحقوق والحريات مع الاقتناع أن الحق في الأمن العام هو حق دستوري ولكن لا بدّ أن تكون هناك مطابقة وموازنة بين الحق في الأمن وبقية الحقوق والحريات، التنقل والإقامة والتظاهر والتنظم، حريات دفع من أجلها الشعب ثمنا غاليا ولا يمكن تكريس الدكتاتورية بالقانون.

تعديلات جوهرية
هذا وأشارت محدثتنا إلى أن فقهاء القانون يعرفون حالة الطوارئ بأنها «وضع للدولة الديمقراطية» وأثناء حالة الطوارئ هناك تعليق العمل بالدستور أي أن هناك دكتاتورية مؤقتة، مشددة على أن اللجنة حاليا انطلقت في مناقشة مشروع القانون فصلا فصلا وتوقفت عند الفصل الخامس والعديد من التعديلات قد أدخلت على هذه الفصول، تعديلات توصف بالجوهرية وهاجس اللجنة هو أن تكون هناك مطابقة بين مشروع القانون والدستور والمواثيق الدولية بخصوص تنظيم حالة الطوارئ لاسيما وأن الدستور في حدّ ذاته لا يتناول هذه الحالة، حيث لم يتم ذكر ولو لمرة واحدة مصطلح حالة الطوارئ، فالفصل 80 من الدستور تحدث عن حالة استثنائية وهي أكثر خطورة من حالة الطوارئ باعتبار أنه يتعطل معها السير العادي لدواليب الدولة، هكذا عرف الدستور الحالة الاستثنائية والتي أحاطها بضمانات تشريك البرلمان إعلام المحكمة الدستورية وأيضا تشريك أطراف أخرى مثل رئيس الحكومة في اتخاذ القرار، فضلا عن ذلك فإن الفصل 80 قد حدد هذه المدة بشهر.

استصحاب الفصل 80
وأكدت أن حالة الطوارئ هي حالة استثنائية ولكن يمكن استصحاب الفصل 80 وتطبيقه، مشيرة إلى أن الأمر عدد 50 يتضمن هنات دستورية ورئيس الجمهورية يملك كل الصلاحيات لاتخاذ القرار المناسب أمام تعطل المصادقة على مشروع القانون المنظم لحالة الطوارئ بسبب الهنات الموجودة فيه والذي يستدعي وقتا من النقاش ولا يوجد مبرر للاستعجال والقوانين لا تتخذ تحت الضغط أو بشكل استعجالي لأنها مسألة حساسة جدا تهم حياة التونسيين بصفة عامة. ويشار إلى أن الفصل 80 من الدستور ينص على أنه «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب. ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة....».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115