المحكمة الدستورية في صنفي المختصين في القانون وغير المختصين. عدم تركيز المحكمة الدستورية سيعرض البرلمان إلى عديد الانتقادات خاصة وانها ليست المرة الاولى، إلى جانب تعهده بانتخابها خلال شهر مارس.
دخل نواب الشعب قاعة الجلسات العامة من أجل استكمال انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية، دون أية توافقات بين الكتل البرلمانية حول الأسماء المترشحة، الأمر الذي جعل من نتائج التصويت محسومة سلفا. غياب التوافقات، جعل رؤساء الكتل النيابية يطالبون بنقاط نظام من أجل تنظيم الجلسة حتى لا تفشل عملية التصويت، ويتم بذلك إضاعة الوقت دون فائدة. لكن في المقابل، قال رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن أحمد أنه تم عقد عديد جلسات التوافق، أفضت إلى التوافق حول الأسماء التي سيتم انتخابها خلال الجلسة العامة. في حين اعتبر رئيس الكتلة الديمقراطية سالم لبيض أن المجلس بلغ الفترة النهائية من أشغاله، حيث كان من الأجدر تركيز المحكمة الدستورية منذ السنة الأولى، باعتبار أن التحالف الحاكم بإمكانه تجميع 166 صوتًا لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية.
غياب التوافقات
جلسات التوافق السابقة، أفضت إلى توافقات لكن يبدو أن الأمور قد تغيرت، حتى أن البعض من ممثلي الكتل طالبوا بتخصيص ورقات انتخابية خاصة لكل كتلة مثلما حصل الأمر في عملية انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حتى يتم التعرف على الأطراف التي ساهمت في كسر التوافقات وتعطيل تركيز المحكمة الدستورية. من جهته، دعا رئيس كتلة حركة النهضة نورالدين البحيري الجميع إلى الالتزام بالتوافق الحاصل في جلسات التوافق السابقة محملا كل طرف مسؤوليته في التراجع عن هذا الاتفاق. في حين أكد رئيس كتلة الحرة لمشروع تونس حسونة الناصفي التزام كتلته بالتوافقات.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم انتخاب القاضية روضة الورسيغني خلال جلسة عامة انتخابية يوم 14 مارس 2018، من بين 4 أعضاء يتوجب على مجلس النواب انتخابهم لعضوية المحكمة الدستورية، حتى يتسنى بعد ذلك للمجلس الأعلى للقضاء اختيار 4 أعضاء آخرين، فيما يُعيّن رئيس الجمهورية 4 أعضاء كذلك لتكتمل تركيبة المحكمة والتي تتكون من 12 عضوا. ويتطلب انتخاب الأعضاء الأربعة في البرلمان أغلبية الثلثين، أي موافقة ما لا يقل عن 145 نائبا، بالنسبة إلى كل مترشح، وهو ما عسّر عملية اختيار الأعضاء، نظرا لعدم التوصل إلى اتفاقات بين جميع الكتل حول الأسماء المترشحة في أكثر من مناسبة. وينص الدستور على ضرورة تركيز المحكمة الدستورية في غضون سنة من المصادقة على الدستور. ويشهد مجلس نواب الشعب الدورة البرلمانية الأخيرة، منذ تركيزه بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر 2014.
فشل الجلسة الصباحية
ومع ذلك، فقد انطلقت عملية التصويت، إلا أنه ومثلما كان متوقعا فقد فشلت الجلسة العامة في استكمال انتخاب الأعضاء المتبقين للمحكمة الدستورية حيث لم يتحصل أي من المترشحين على العدد المطلوب من الأصوات و البالغ 145 صوتا. وقد أفضت نتائج التصويت إلى حصول العياشي الهمامي على 117 صوتا و سناء بن عاشور 85 صوتا محمد العادل كعنيش 24 صوتا عن صنف المختصين في القانون وغير المختصين في القانون عبد اللطيف بوعزيزي 92 صوتا، شكري المبخوت 34 صوتا، ولم يتحصل بقية الأعضاء إلا على عدد ضئيل من الأصوات من جملة 160 نائبا شاركوا في عملية التصويت، مع تسجيل 12 ورقة ملغاة، و3 أوراق بيضاء. هذا و أعلن رئيس الجلسة عبد الفتاح مورو على المرور إلى الدور الثاني و الأخير من عملية التصويت.
فشل الدورة الثالثة
الجلسة الانتخابية تم ترقيمها بالثالثة باعتبار أن جلسة انتخاب روضة الورسيغني في مارس 2018 تعتبر دورة أولى، تواصل على امتداد فترة ما بعد الظهر من أجل إعطاء الفرصة للنواب المتغيبين للالتحاق بعملية التصويت، إلا أن الأمور تبدو محسومة سلفا مثل الدورة الثانية خلال الجلسة الصباحية. وتواصل تعطيل المحكمة الدستورية، بعد عدم تحصل اي مترشح على الأصوات المطلوبة، بل تقلص عدد الأصوات مقارنة بالجلسة الصباحية، إذ تحصل عن صنف المختصين في القانون العياشي الهمامي على 78 صوتا، سناء بن عاشور 77 صوتا، عبد الرحمان كريم 14 صوتا، عبد الرزاق المختار 4 اصوات، كمال العياري 9، ماهر كريشان 8، محمد العادل كعنيش 18، وعن صنف غير المختصين في القانون، شكري المبخوت 44 صوتا، عبد اللطيف بوعزيزي 51 صوتا، محمد الفاضل الطرودي 7، منية العلمي 5، مع تسجيل 6 أوراق ملغاة، 8 أوراق بيضاء، من جملة 145 من الأصوات المصرح بها.
في الانتظار..
مجلس نواب الشعب فشل مرة أخرى في تركيز المحكمة الدستورية بالرغم من المطالب المتعددة بتأجيل الجلسة العامة وعدم الاخذ بعين الاعتبار نجاح الجلسة الانتخابية لاعضاء هيئة الانتخابات باعتبار أن الامور غير متشابهة ، الأمر الذي قد يعيد طرح مسألة تنقيح القانون المحدث للمحكمة الدستورية، الموجود حاليا في لجنة التشريع العام خاصة في الفصل المتعلق بالنصاب القانوني لانتخاب اعضاء المحكمة أو بإعادة فتح باب الترشحات من جديد لعضوية المحكمة أو أن يستكمل مجلس نواب الشعب دورته النيابية الخامسة دون تركيز المحكمة.
حول عضوية هيئة حقوق الإنسان
وبالتزامن مع أشغال الجلسة العامة، عقدت اللجنة الانتخابية جلسة عمل بحضور ممثلين عن مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتداول حول سبل تعزيز الشفافية عند إعداد السلم التقييمي الخاص بالترشح لعضوية هيئة حقوق الإنسان، الذين أكدوا على أنه يجب أن يكون المسار علنيا شفافا يعتمد على الكفاءة دون اي محاباة وعلى تركيبتها أ ن تتضمن حضورا قويا للمرأة و الأقليات التي تشكل المجتمع التونسي. وبينوا أنه في ما يتعلق بصنف القضاء الإداري فإن القرار يتحدث عن رئيس قسم تحقيق عوضا عن رئيس قسم استشاري، حيث لم يأخذ بعين الاعتبار التحيين الوارد في قانون المحكمة الإدارية إذ لم يعد هناك وجود لقسم تحقيق وإنما أصبح القسم استشاريا.
مناقشة مشروع حالة الطوارئ
في المقابل، انطلقت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية يوم أمس في مناقشة فصول مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ. وخلال مناقشة عنوان المشروع اقترحت النائبة عن كتلة حركة النهضة يمينة الزغلامي أنّه يمكن أن يكون للعنوان تأثير على السياحة وأثر ووقع سلبي على المواطنين، واقترحت تعديله بمقترح تأتي به لاحقا. وناقشت اللجنة الفصل 1 الذي ينص على ان القانون يهدف إلى تنظيم حالة الطوارئ وفق ما تقتضيه ضوابط حفظ الأمن والنظام العام المقررة بالدستور.» وتحدث النواب حول مقترح تعديل مقدم من الائتلاف المدني للأمن والحريات، للتنصيص على احترام ضوابط حفظ الصحّة العامّة والأمن الوطني. في هذا الصدد، قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني هاجر بالشيخ أحمد أنه يجب التنصيص على جميع مقتضيات الفصل 49 من الدّستور أو الإحالة له.
الاستماع إلى الإدارة العامة للتشريع الجبائي
كما عقدت لجنة المالية والتخطيط والتنمية جلسة استماع إلى ممثلي الإدارة العامة للتشريع الجبائي حول مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية سنغافورة بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الجبائي في مادة الضرائب على الدخل، وأيضا مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على الاتفاقية المبرمة بتاريخ 8 فيفري 2018 بين الجمهورية التونسية وجمهورية ألمانيا الاتحادية لتفادي الازدواج الضريبي في مادة الضرائب على الدخل والثروة. وقال إلى ممثلو الإدارة العامة للتشريع الجبائي أن الفرق بين الاتفاقيتين يتمثل في أن الاتفاقية مع ألمانيا تتعلق بالمراجعة وهي اتفاقية نافذة منذ سنة 1976 ، ولا تزال حيز التنفيذ على عكس الاتفاقية مع سنغفورة فإنها الاتفاقية الأولى. وبينوا أنه في حالة الموافقة على المراجعة فإن الاتفاقية الجديدة لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد استيفاء الشروط الدستورية اللازمة لنفاذ الاتفاقيات، معتبرين أن هذه الاتفاقيات من شأنها أن تطمئن المستثمر الأجنبي، حيث أن التنصيصات الموجودة بالاتفاقية تمكن الدولة التونسية من ممارسة حقها في تسليط الضريبة. وفي الأخير وبعد مناقشة بعض محتويات الفصول تمت المصادقة بإجماع الحاضرين على مشروعي الاتفاقيتين المذكورتين.