بنجله حافظ ودوره في أزمات حزبه نداء تونس، فالرئيس أعاد التأكيد على «اعتقاده» بأن خروج حافظ من الحزب لن يحل مشاكله، رغم إدراكه بأن نجله يهدد ارثه السياسي والأهم فرص ترشحه للانتخابات القادمة سواء باسم النداء أو باسم جبهة انتخابية.
اثناء توجهه الى مصر اسّر رئيس الجمهورية للوفد الصحفي المرافق له، بجملة من الأمور تتعلق بحزبه حركة نداء تونس وبغريمه الجديد تحيا تونس، تصريحات جاءت في ظل تأزم الوضع الداخلي لحزبه مقابل تسارع نسق التأسيس للفريق الآخر وانطلاقه في تنظيم مؤتمره التأسيسي والانتخابي الأول.
الباجي قائد السبسي قال يوم الأربعاء الفارط للصحفيين ونقلت عنه إذاعة موزييك جزءا مما قاله، بان الاتهامات التي وجهت إليه ضمنيا من قبل مجموعة تحيا تونس باطلة، فهو لم يؤسس حزبا فاسدا ومن يقول بهذا يعتبره «لا يقدر الامور جيدا» بل انه ذهب الى ما هو ابعد بالتلميح الى ان جماعة تحيا تونس هم مثيرو المشاكل والأزمات. اذ يعتبر الرئيس أن من يتّهم أعضاء الحزب الآن بإثارة المشاكل وتفكيكه هم أنفسهم من بدأوا في إثارة المشاكل وقال «إلّي عاملين توا حركة تحيا تونس كلهم كانوا في النداء».
مهاجمة تحيا تونس لم تكن هي الموضوع الوحيد الذي اسّره الرئيس للوفد الصحفي المرافق، بل انه عرّج على ازمة حزبه والدعوات بابعاد نجله عن القيادة الصادرة عن قيادات أقنعها هو شخصيا بالعودة للحزب، ليقول وفق ما نقلته ايضا اذاعة موزييك « يعتقدو انو خروج حافظ من الحزب باش يوفي المشاكل الكلّ !؟ انا ما نعتقدش».
هنا كشف رئيس الجمهورية عن «دعمه» لنجله بالاشارة الى ان شخصنة ازمة النداء فيه مجانبة للصواب وان خروج نجله لن ينهى المشاكل، وهذا اقرار بواقع الحزب في الوقت الراهن، فقول الرئيس بان نجله ظل او غادر الحزب لن يغير حقيقة انخرامه او ازمته، ذكره من قبل عضو لجنة اعداد المؤتمر بوجمعة الرميلي.
فالرميلي العائد الى الحزب ليكون من بين مجموعة تشرف على انجاز مؤتمره، يشير الى ان حصر الازمة في شخص حافظ غير سليم بل ان كل قيادة الحزب الحالية تتحمل ذات المسؤولية ولا يمكنها التنصل منها، وهنا دون ان يحدد هوية هذه القيادة يترك الرميلي سهامه تتجه صوب اربعة اشخاص بالتحديد، رئيس كتلة الحزب بالبرلمان سفيان طوبال والناطقة الرسمية للحزب انس حطاب وعضو الهيئة السياسية عبد الرؤوف الخماسي واخيرا نجل الرئيس الذي يتحمل جزءا من المسؤولية باعتباره من قادة الحزب الذين اتهمتهم لجنة الرميلي بتعطيل انجاز المؤتمر ومحاولة اضعاف اللجنة.
الرميلي وان اعرب عن تقاسمه مع رئيس الجمهورية في تقدير ان خروج حافظ من الحزب بمفرده لن ينهي ازمته، بل ابعاد كل القيادة كما اشارت مجموعة لم الشمل، قيادة يقول الرميلي انها مسؤولة على الدخول في مرحلة الخطر القصوى ان تعلق الامر باعداد المؤتمر، ولكنه ولجنته على استعداد للعمل معها لانقاذ المؤتمر.
استعداد للعمل مع قيادة يقول عنها انها مسؤولة عن تعثر مسار المؤتمر ولكن هذا غير كاف له ليقبل بمقترح مجموعة لم الشمل وان تسير لجنة الإعداد الحزب الى حين عقد مؤتمره، اذ ان القبول بهذه الدعوة مناف «للذوق». وهذا ما جعل اللجنة ترفض الدعوة وتتجه الى إصدار بلاغ إعلامي تنبه فيه من ان عقد مؤتمر انتخابي ديمقراطي توحيدي بات مهددا من قبل القيادة.
مؤتمر يرفض الرميلي القول بانه قد يفشل، فهذه الفرضية غير واردة امام اللجنة التي تعمل من اجل دفع قيادة الحزب وكل أبنائه الى الوصول للمؤتمر وفق المبادئ التي رسمتها وفي الآجال الجديدة، 6 افريل القادم. موعد يقول الرميلي انه لايزال ممكنا بشرط ان «توجد ثقة بين اللجنة والقيادة» وإلا فان تواصل الصعوبات قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
ثقة يبدو انه من الصعب بلوغها اليوم بين اللجنة التي اتهمت صراحة قيادة حزبها بإضعافها ومحاولة السيطرة عليها، من جانب آخر قيادة لها حساباتها الخاصة والتي تتضمن بقاء الحزب تحت سيطرتها إلى حين عقد الانتخابات التشريعية القادمة.
مهمة صعبة يبدو انها ستحقق ما تنبأ به الرميلي من ان « الباجي قائد السبسي قد يرفض الترشح للرئاسية ان فشل المؤتمر»، وهذا الرفض يبدو انه اقرب للواقع، فالرئيس الذي اشترط ان يرشح من قبل مؤتمر الحزب وقرن هذا الشرط بان يكون المؤتمر «ناجحا» وان يحقق جملة من الشروط باتت اليوم غير ممكنة.
شرط وضعه الباجي قائد السبسي وقدمه للندائيين على امل ان يحثهم على انجاح مؤتمرهم، ولكن اماله ذهبت ادراج الرياح فالمجموعة المحيطة بنجله تتحرك وفق قناعة مفادها ان «الرئيس انتهى» وانه من الافضل لها الهيمنة على الحزب على ان تفقد هذه الهيمنة لتوفير شروط الرئيس المؤسس ليترشح باسمهم في الانتخابات. تصرف من قبل مجموعة كانت في الأشهر الفارطة تقدم نفسها على انها الأكثر ولاء للرئيس يبين حجم الازمة في الحزب.
أزمة قد تنتهي بان تفرض على الباجي قائد السبسي عدم الترشح باسم حزبه في الرئاسية القادمة، بل تضع حدا لمحاولات تاسيس جبهة انتخابية ترشح الباجي للرئاسية، ففشل الحزب في تجديد صفه الاول وبقائه تحت سيطرة نجل الرئيس وجماعته، لن يكون مغريا لاي حزب سياسي «ذي وزن» بالدخول في جبهة معه حتى وان كان هذا من اجل عيون الرئيس.