الى الاستحقاق الرئاسي، في حين ان جل الفاعلين السياسيين وخاصة من لهم حظوظ كبيرة في المراهنة على الفوز بالسبق الى قصر قرطاج، لم يعلنوا بعد اسم مرشحهم وان كانوا قد أعلنوا عن «اهتمامهم» بالرئاسية.
خلال الساعات الـ48 الفارطة، برز موقفان الاول صادر عن رئيس الجمهورية وان كان موقفه تذكيرا بما سبق وقاله بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية ليؤكد ان من حقه الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة وأنّه سيتّخذ القرار الصّائب في الوقت المُناسب معتبرا ان «الحديث عن هذا الموضوع الآن سابق لأوانه».
الموقف الثاني عن حركة النهضة، التي اكّد مجلس شوراها أنّ «الحزب معنيّ بالانتخابات الرئاسية»، مكلفا المكتب التنفيذي بإعداد تصوّر لكيفية المشاركة فيها وعرضه على الشّورى.موقفان أعيد التذكير بهما في سياق لم يحمل اي جديد غير الاقتراب اكثر من موعد الاستحقاقات الانتخابية التشريعية او الرئاسية.
موقفان لم يعرب فيهما عن غير «الاهتمام» صراحة او تلميحا بخوض الرئاسية 2019، فالرئيس الحالي الباجي قائد السبسي يشدد في موقفه على ان ترشحه للمنافسة على مدة رئاسية ثانية مرتبط بشرطين، الاول وضع حزبه حركة نداء تونس وانجازها لمؤتمرها الانتخابي الذي بات جليا انه اجل الى افريل القادم.تأجيل سيجعل من تلبية الشرط الثاني غير ممكن قبل شهرين، وهو ترشيح المؤتمر للباجي قائد السبسي لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
في انتظار تحقيق شرطيه، لم يخف الباجي قائد السبسي عن مقربين منه انه سينافس في الاستحقاقات القادمة وأنه قد يحول دون ذلك انفراط عقد النداء وغياب اي حزب او جبة احزاب تدعمه للترشح في 2019.
بعيدا عن العقبات التي تواجه رئيس الجمهورية الحالي لتحديد ترشحه من عدمه، يبدو ان حركة النهضة حسمت في نصف الامر بانها «معنية» بالرئاسية ولكن كيف ذلك؟ هذا ما لم تحدده وان كان النظام الاساسي للحركة قد سبق وفعل، اذ نص على ان رئيس الحركة وحده له صلاحية الترشح للرئاسية باسم الحركة او اختيار احد غيره للترشح.
هنا لا تكشف النهضة كثيرا عن الخيار الذي ستتبعه، اذ يقتصر الامر على القول ان هذا سيحدد بالمشاورات والنقاشات في هياكل الحركة سواء ترشح رئيسها او اي قيادي بها او من خارجها، وان كان من الواضح ان راشد الغنوشي وان استعد للمنافسة منذ سنة فانه قد يخير عدم الترشح في ظل نسب التصويت الضعيفة التي تكشفها عمليات سبر الاراء.
بعيدا عن هذين المراهنين على الاستحقاق الرئاسي تتسع القائمة لتضم غيرهم ممن يمكن اعتبارهم مرشحين «جادين»، اذ ان قائمة المعربين عن عزمهم الترشح تضم العشرات إلى حد الان سواء من المستقلين او الجمعيات وأخيرا من يتزعمون حركات مواطنية، لم يعرف بعد مدى جديتهم في المنافسة وقد يكشف عن هذا خلال الأسابيع القادمة.
في انتظار معرفة جدية بعض المرشحين، قائمة المعنيين بالرئاسية تضم أسماء تقديم ترشحها للمنافسة سيؤخذ مأخذ الجدّ من بين هؤلاء، رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزقي، الذي لم يعلن بعد ترشحه او نيته لذلك ولكن قيادات من حزبه لا تخفي عزمه المنافسة في نوفمبر القادم حتى وان صدر عن حراك تونس الارادة بيان شدده فيه ان الدعوات الموجه لزعيمه بالترشح للانتخابات الرئاسية لا تلزمه بشيء وانها ليست صادرة عنه. مع التشديد على ان قرار الترشيح تتخذه هياكل الحزب، ويبدو ان هذا سيعلن عنه مع بلوغ مرحلة متقدمة في المسار الانتخابي.
الشخصية الأخرى التي برز اسمها ووقع تداوله بكثرة كمرشح محتمل، هي كمال مرجان رئيس حزب المبادرة والوزير في حكومة الشاهد، ترشيح برز منذ نهاية السنة الفارطة مع احتدام الجدل عن مشروع الشاهد السياسي وعن إستراتيجيته، التي برز فيها اسم مرجان كمرشح محتمل يمثل المشروع/الحزب في الرئاسية. كمال مرجان ليس الاسم الوحيد الذي وقع تداوله كمرشح عن «تحيا تونس» وهو اسم الحزب السياسي الجديد للشاهد، لكنه الأقرب ما لم يغير الشاهد موقفه من الترشح للرئاسية.
فرئيس الحكومة وطوال السنة الفارطة كان واضحا بان السلطة في القصبة وليست في قرطاج وهو غير مهتم بالأخير، أي انه يفضل الفوز بكرسي رئيس الحكومة على رئاسة الجمهورية لكن هذا قد يتغير في القادم، وان كان الاحتمال ضعيفا، وان تغير فان الشاهد قد يحظى بأكثر من دعم مشروعه السياسي.
الشخصيات الاخرى المعنية بالترشح، يبرز فيها اسم حمة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية والامين العام لحزب العمال ، خاصة وان الهمامي يبرز في نتائج سبر الاراء كمنافس جدي وهذا قد يقنع اكثر مجلس امناء الجبهة بتكرار تجربة 2014 التي كان فيها حمة مرشحهم وحل ثالثا بـ7.8 % من الاصوات.
تجربة سابقة ينضاف اليها ما تقدمه نتائج سبر الاراء تجعل الهمامي مرشحا محتملا في انتظار الموقف الرسمي للجبهة، والامر ذاته بالنسبة لحزب التيار الديمقراطي الذي تتصدر القيادية به سامية عبو نتائج سبر الاراء ولكن هذا لا يعني انها قد تكون هي المرشحة، خاصة وان الحزب يعلن ان مرشحه ان قرر خوض الانتخابات سيكون محمد عبو مؤسسه وزعيمه الأول.
هذا السباعي يعتبر من الاسماء الجادة والمرجحة لخوض الاستحقاق الرئاسي في نهاية السنة الحالية، لكن هذا لا يحول دون التحاق اسماء اخرى بهم كمرشحين جدين تدعمهم احزاب او جبهات ومن بينهم احمد نجيب الشابي الذي قد يكون مرشحا «توافقيا» لعدد من الاحزاب الاجتماعية الوسطية.