تقدم استقالتها باعتبارها فشلت في إخراج البلاد من أزمتها بل انها فاقمتها وتسببت في توتير المناخات العامة قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية والرئاسية. لكن هذه الدعوة لم تقترن بتصور لماهية الحكومة القادمة أو من يشكلها.
يوم أمس قدمت الجبهة الشعبية «إعلانها» الجديد الذي يختزل في مطلب وحيد وهو رحيل الحكومة، التي وصفتها بـ«حكومة الشاهد- النهضة»، إعلان تحدث عنه الناطق الرسمي باسمها، حمة الهمامي واكد انه جاء بعد سلسلة نقاشات في اطر الجبهة التي اختارت أن تقدم مبادرتها الآن ولا تنتظر انعقاد ندوتها السنوية الرابعة مارس القادم.
نقاشات قال الهمامي إنها انتهت إلى تقييم مفاده انّ الوضع العام للبلاد خطير ويستوجب ان تقدم الحكومة استقالتها وان تضغط القوى السياسية والاجتماعية والشعبية عليها لدفعها للاستقالة. موقف لم يغب عنه انتقاد يوسف الشاهد وصمته عن ملف الجهاز السري لحركة النهضة.
حيث اتّهم حمة الهمامي رئيس الحكومة يوسف الشاهد بـ«التستر على الموضوع»، مؤكدا أن معرفة حقيقة هذا الجهاز ليس فقط خاصة بالجبهة بل بكل التونسيين واتهم الشاهد وحكومته بـ«تأليب التونسيين على بعضهم البعض»، هذا بالإضافة لفشلها في معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
فشل يتطلب استقالة «حكومة الشاهد – النهضة»، ويستوجب من الشعب والقوى الوطنية والديمقراطية والمنظمات الوطنية والشباب «وضع خطة للضغط من أجل استقالة الحكومة وتعويضها بأخرى تلتزم بإيقاف الانهيار وتوفير مناخ انتخابي سليم واتخاذ إجراءات عاجلة تتعلّق بمختلف الجوانب».
موقف يشرحه أكثر نزار عمامي، القيادي بالجبهة الشعبية، في حوار مع «المغرب» بتشديده على ان حكومة «الشاهد-النهضة» هي من اخطر الحكومات التي مرت على تونس، باعتبار ان «هذه الحكومة وخاصة رئيسها يوسف الشاهد وحزبه ليس لهما شرعية انتخابية فهم لم يشاركوا في الانتخابات باسمهم».
غياب الشرعية ليس فقط ما يعيبه نزار العمامي على الحكومة، بل يعتبر ان هناك اخطر من غياب الشرعية وهو «خطر العودة لحزب الدولة» اذ يعتبر ران الشاهد استعمل كل أجهزة الدولة لبناء حزبه، وأوضح ان الشاهدز«بنى حزبه داخل الدولة بوسائل الدولة واطاراتها بل حتى الاجتماعات التي تمت لم تضم المواطنين بل أعوان واطارات الإدارة التونسية».
وضع يعتبره عضو مجلس النواب عن الجبهة «عودة للمربع القديم» أي عودة لتداخل الحزب والدولة الذي قطعت معه الثورة او «هذا ما ضمنته» الجبهة الشعبية التي قال عمامي انها اختارت التوجه الى الشعب التونسي والفعاليات الشبابية والحزبية بدق ناقوس الخطر ليتحركوا لوضع حد للمخاطر المحدقة بالبلاد. ومنها «رغبة الشاهد بغزو السلطة». هنا ينتقد القيادي بالجبهة الشاهد ويعتبر انه كان عليه ان «يستقيل من الحكومة» قبل الذهاب لتكوين حزب».
اخطاء يعتبرها نزار كافية لإطلاق دعوة للحكومة لتقديم استقالتها، باعتبار ان «إقالة الحكومة غير ممكن فالمعارضة أقلية ودستوريا لا يمكنها القيام بإقالتها او سحب الثقة منها اذ ليس لديها 109 أصوات». غياب قدرة المعارضة على إقالة الحكومة يحل محله دعوتها الى «الوعي بان الوضع يتطلب منها الذهاب».
اذ لم يعد يفصل عن الانتخابات الا 7 اشهر، ولهذا على الحكومة الرحيل لترك مكانها لحكومة اخرى لها مهمتان أساسيتان، الأولى تهيئة مناخ انتخابي سليم، عوضا عمّا تقوم به حكومة «الشاهد- النهضة» من تعفين للوضع السياسي والانتخابات والسكوت على التخريب الممنهج.
الاستعداد للانتخابات ليس فقط مهمة الحكومة الجديدة وإنما أيضا وقف النزيف الاقتصادي، ومعالجة الملفات الاجتماعية والقيام بإجراءات مستعجلة. وهنا يؤكد العمامي ان الجبهة لن تكون في الحكومة القادمة باي شكل من الأشكال. مع التشديد على ان الجبهة تعتبر ان الحوار بين الأطراف السياسية والاجتماعية سيؤدي الى الاتفاق على شكل الحكومة وماهيتها. فالجبهة ليس لها بعد تصور واضح لهوية الحكومة القادمة وهل تكون حكومة تكنوقراط أم حكومة من الائتلاف السياسي الحالي او غيره.
هذا التصريح يكشف أن الجبهة الشعبية تدرك ان دعوتها للحكومة إلى الاستقالة لن تذهب بعيدا، وهذا يعنى إنها تعلم جيدا ان مبادرتها ولدت ميتة ولكن هذا لا يحول دون طرحها على الرأي العام بهدف التسويق السياسي والانتخابي.