«أزمة التعليم الثانوي» التي تدخل الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بنفسه ليفاوض الحكومة على مطالب الجامعة. وفي تقاليد الاتحاد هذا التدخل لا يعنى إلا أن المركزية ضاقت ذرعا بالنقابة العامة للتعليم الثانوي وتريد انهاء الازمة قبل ان تصبح «نارا تحرق الاخضر واليابس».
خلال الساعات الـ48 الفارطة تعددت المؤشرات الصادرة عن بطحاء محمد علي بخصوص موقف المركزية النقابية من ازمة التعليم الثانوي وبشكل غير مباشر موقفها من جامعة التعليم الثانوي التي فشلت مفاوضاتها مع وزارة التربية يوم الاثنين الفارط. فشل حمله الوزير للكاتب العام الأسعد اليعقوبي الذي بدوره رمى الكرة للوزير.
في ظل هذا التعثر المستمر منذ اشهر ودخول السنة الدراسية في مرحلة خطر محدق، وهو سنة بيضاء. قرر المكتب التنفيذي الموسع لاتحاد الشغل الدخول على خط الازمة، ويبدو انه كلف المركزية النقابية بلعب دور متقدم في حسم الملف الذي يدرك الاتحاد انه يحرجه اكثر مما يحرج الحكومة.
لهذا كان موقف المكتب الموسع، دعوة الحكومة الى ايجاد حل لازمة التعليم الثانوي والعودة للمفاوضات دون ذكر او اشارة الى دعمه «لنضالات الاساتذة» او الدفاع عن «مطالبهم المشروعة» كما جرت عليه العادة. وهذا مؤشر يؤخذ مأخذ الجدّ في معرفة تطور موقف المركزية من الجامعة العامة للتعليم الثانوي. وهو لم يكن الأول او الاخير.
فبداية الاسبوع غاب عن جلسة التفاوض الفاشلة بين الجامعة والوزارة «عضو المكتب التنفيذي»، بعد ان سبق واشارت مصادر من الجامعة والمركزية الى ان هذا العضو سيكون موجودا وغيابه مؤشر عن سير الامور بين المركزية والجامعة.
هذان المؤشران إنضاف لهما يوم امس ثالث، وهو جلوس الامين العام للمنظمة نور الدين الطابوبي إلى طاولة المفاوضات مع وفد حكومي، لبحث ملف التعليم الثانوي في ظل غياب اي من أفراد جامعة التعليم الثانوي التي اكد مصدر من بينهم، انه لم يقع اعلامهم بشكل رسمي بان المركزية ستتولى التفاوض باسمهم في لقاء امس.
مسك زمام التفاوض مباشرة مع الحكومة، هو خطوة المركزية لانهاء الازمة لتجنب ان تترك الأمر بيد الجامعة التي تتمسك بتحقيق مطالبها الـ9 وخاصة التقاعد المبكّر والمنحة الخصوصية، في ظل رفض كلي من الحكومة.
انسداد مسار التفاوض، والذي يتحمل الطرفان مسؤوليته، دفع المركزية الى التدخل لاعادة الامور الى نصابها، خاصة ازمة الثانوي والجامعة العامة طالت ودخلت النقابة الى مناطق محظورة، تنافي القواعد النقابية المعمول بها، والتي تجعل من الملفات الوطنية اولوية امام الملفات القطاعية. التي تعتبرها المركزية تشوش على الملفات الكبرى. وفي واقع الحال ملف الزيادة في الاجور.
لهذا يبدو وفق ما اعلن سواء من محمد الطربلسي وزير الشؤون الاجتماعية، او حفيظ حفيظ عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، من ان هناك تقدم في المفاوضات واقتراب من توافق يحل الازمة، ويبدو ان هذا التوافق سينقل الى الجامعة العامة للتعليم الثانوي، التي ستكون بين خيارين، اولهما القبول بما وقع الاتفاق عليه او رفضه، وهذا سيحيل الاتفاق الى هيئة ادارية وطنية تجبر الجامعة على القبول به.
فرضية تظل قائمة، خاصة وان جامعة التعليم الثانوي تؤكد انها متمسكة بمطالبها الثلاثة الاساسية وانها لن تقبل بتوافق دونها، ولكن تشير الى انها تتوقع من المركزية ان تصل الى توافق يتضمنها. والجامعة تدرك انها ستكون في مواجهة مفتوحة مع المركزية ان تمردت على أي اتفاق تقدمه لها، حتى وان خلا من النقاط الاساسية الثلاث. ووفق ما تشير اليه مصادر مطلعة فان لقاء امس بين الجانبين انتهى الى مسودة اتفاق اولى.